المصريون يودعون ثلاثة عقود من الطوارئ

إلغاء الطوارئ كان أحد مطالب الثورة - أنس زكي – القاهرة
undefined

أنس زكي-القاهرة

ساعات قليلة باتت تفصل المصريين عن انتهاء حالة الطوارئ التي خضعوا لأحكامها على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وبالتحديد منذ اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981، وعلى مدى أكثر من ثلاثين عاما قضاها الرئيس المخلوع حسني مبارك في السلطة، ثم ما يقرب من 17 شهرا مرت منذ الثورة التي أطاحت بمبارك.

وخلال الساعات الماضية ساد الغموض حول إمكانية تمديد الطوارئ من جديد، كما ثار جدل حول الجهة المخولة باتخاذ القرار في هذا الشأن، وهل هي المجلس العسكري أم الحكومة أم البرلمان؟ قبل أن تؤكد الوزيرة فايزة أبو النجا الخميس أن القرار في يد مجلس الشعب.

في الوقت نفسه، قال المجلس العسكري الذي تسلم السلطة منذ تنحي مبارك يوم 11 فبراير/شباط 2011، إنه سيستمر في حماية أمن الوطن والمواطنين بعد انتهاء العمل بالطوارئ وحتى موعد تسليم السلطة بنهاية يونيو/حزيران 2012، ليهدئ بذلك مخاوف عبر عنها الكثيرون، خاصة أن تواجد الجيش في الشارع سد كثيرا من الفراغ الأمني الذي نتج عن تراجع أداء الشرطة في الأشهر الأخيرة.

ورحبت جماعة الإخوان المسلمين بانتهاء حالة الطوارئ، ووصف المتحدث باسمها محمود غزلان تعهد المجلس العسكري بتحمل المسؤولية بأنه أمر طبيعي باعتباره القائم بأعمال الرئاسة وفي ظل عجز الشرطة عن تولي مسؤولية حفظ الأمن، مؤكدا ضرورة أن يتم ذلك في إطار الالتزام بالقانون.

سعد هجرس: الجانب السلبي للطوارئ يتمثل في الاعتقال دون أمر قضائي(الجزيرة)
سعد هجرس: الجانب السلبي للطوارئ يتمثل في الاعتقال دون أمر قضائي(الجزيرة)

وضع طبيعي
الفقيه الدستوري عاطف البنا قال للجزيرة نت إن إنهاء حالة الطوارئ أمر طبيعي، خاصة أنه لا يوجد مبرر للاستمرار في فرضها لما يزيد على ثلاثة عقود، مشيرا إلى أنها فرضت بعد اغتيال السادات وبدعوى مواجهة الموقف آنذاك، رغم أن دولا عديدة شهدت أحداثا مشابهة ولم يتم فرض حالة الطوارئ.

وعبرت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. نورهان الشيخ عن ارتياحها لانتهاء حالة الطوارئ، وقالت إنه لم يعد هناك مبرر لاستمرارها لأنها تعبر عن قانون سياسي ينتقص من الديمقراطية ويستخدم غالبا -حسب التجربة المصرية- في تصفية الخصوم والتضييق عليهم.

وتعتقد نورهان بأن مصر ليست بحاجة إلى فرض الطوارئ حاليا، خاصة أن هناك ترسانة من القوانين تكفي لحفظ الأمن إذا تم تفعيلها وتطبيقها بشكل حازم وجاد، مشيرة إلى أن فرض الطوارئ لم يكن ذا أثر إيجابي كبير في الفترة الماضية، حيث كان الانفلات الأمني موجودا بدرجة أو بأخرى.

من مطالب الثورة
كما رحب المحلل السياسي سعد هجرس بالتوقف عن تمديد حالة الطوارئ، وقال للجزيرة نت إن إنهاء الطوارئ كان من المطالب الرئيسية لثورة 25 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بحكم مبارك، كما أن القوى السياسية المصرية تطالب بذلك منذ سنوات طويلة.

وأضاف هجرس أن استمرار تواجد قوات الجيش ومدرعاته في بعض الميادين والمناطق الحيوية بالمدن المصرية الكبرى لا يتناقض مع إنهاء الطوارئ، مشيرا إلى أن الجانب السلبي للطوارئ كان يتمثل في الاعتقالات التي كانت تتم دون أمر قضائي، وكذلك في المعاملة التي يلقاها المواطن سواء عند مداهمة مسكنه أو بعد اعتقاله.

‪الدماطي: المجلس العسكري لن يفكر‬ (الجزيرة)
‪الدماطي: المجلس العسكري لن يفكر‬ (الجزيرة)

أما وكيل نقابة المحامين ومقرر لجنة الحريات بها محمد الدماطي فحمل بشدة على حالة الطوارئ التي فرضت على المصريين طوال ثلاثة عقود، وقال للجزيرة نت إن مصر لم تكن بحاجة إلى قانون الطوارئ أصلا، لكن النظام السابق عمد إلى تمديدها باستمرار كي يحمي جرائمه لا المصريين.

ويصر على أن قانون العقوبات الحالي فيه ما يكفي وزيادة لحماية أمن الشعب، أما الطوارئ فيجب على مصر الثورة أن تحذو بشأنها حذو الدول المتقدمة التي لا تفرض الطوارئ إلا في أضيق الحدود، وتحديدا في حالات الحروب والكوارث والأوبئة.

ولا يتوقع الدماطي تمديدا مفاجئا لحالة الطوارئ، وقال إن المجلس العسكري لن يفكر غالبا في هذا الأمر، "وإذا فكر فإن البرلمان لن يوافق على ذلك بالتأكيد، خاصة أن كثيرا من أعضائه ممن سبق لهم الاكتواء بنار الطوارئ طوال عهد مبارك.

المصدر : الجزيرة