هل تنجح الوساطة في حل نزاع الخرطوم وجوبا؟

صورة لقوات سودانية في أبيي - صورة لقوات سودانية في الحدود الجنوبية السودانية للتقرير الخاص بدور الصين والهند
undefined

عماد عبد الهادي-الخرطوم

ما إن أعلنت الصين والهند عن رغبتهما في معالجة الأزمة بين السودان وجنوب السودان بإرسال مبعوثين إلى الدولتين معا، حتى تساءل الجميع عن قدرتهما على ذلك في ظل تقاطع المسعى مع مواقف جهات أخرى لها من المصالح ما يدفعها إلى منع التوصل إلى تسوية حقيقية في المنطقة.

وكان مبعوث صيني وآخر هندي قد التقيا خلال الأسبوع الحالي مسؤولين من السودان وجنوب السودان من أجل التوسط بين الطرفين وحثهما على وقف القتال على حدودهما والدخول في حوار جدي للتوصل إلى حل لكافة القضايا العالقة بينهما.

وعلى الرغم من تباعد مواقف السودان وجنوب السودان حتى الآن، إلا أن قبولهما بأفكار الدولتين الآسيويتين قد يمهد الطريق لتسوية ولو مرحلية لمشكلاتهما، بحسب ما يراه محللون سياسيون.

فمبعوثا الصين والهند قالا عقب لقائهما مسؤولي الدولتين يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين إنهما لمسا رغبة الخرطوم وجوبا في التفاوض وبالتالي التوصل إلى سلام بينهما.

وقد أكد مدير مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية خالد حسين قدرة الصين على الإسهام في إطفاء الحريق بين الخرطوم وجوبا، "لكنها لن تستطع تقديم الحل الكامل للمشكلة"، بحسب قوله.

خالد حسين أكد قدرة الصين على إطفاء الحريق بين دولتي السودان (الجزيرة نت)
خالد حسين أكد قدرة الصين على إطفاء الحريق بين دولتي السودان (الجزيرة نت)

تليين المواقف
وتوقع أن تساهم العلاقات السودانية الصينية المتميزة في تليين جانب السودان، كما أن جنوب السودان وصل إلى اقتناع بحاجته إلى الصين بعدما لمس عدم إيفاء الغرب بالتزاماته تجاهه.

ولفت إلى استعداد الصين لتقديم العون لجنوب السودان مقابل استمرار مشروعات الاستكشافات النفطية، وربما قبول تمويل خط أنابيب منفصل للجنوب أو بناء خط سكك حديدية إلى أوغندا أو كينيا لنقل نفط جنوب السودان مقابل رضوخ جوبا لمصالحها، مضيفا أن ذلك "سيكشفه المستقبل القريب".

ويقول إن المصالح والأجندة الأميركية موجودة على خط الأزمة "وبالتالي ليس أمام الصين سوى التنازل عن بعض مصالحها مقابل بناء حالة توافق لنجاح وساطتها".

ورهن حل الأزمة السودانية الجنوبية بتوافق بكين وواشنطن على حد أدنى يمكن كليهما من تنفيذ مشروعاته دون الإضرار بمصالح الآخر.

أما المحلل السياسي حمد عمر حاوي فرأى أن الصين هي المتضررة الكبرى من الأزمة، مشيرا إلى أنها هي والهند أولى بالقيام بدور الوسيط الناجح "لأنهما لا تحملان أي عداوات تاريخية ولا آنية مع أي طرف".

غير أنه يشير إلى إمكانية إعاقة المصالح الأميركية للوساطة الصينية الهندية لتأثر الجنوب بأي إشارات أميركية. ويبرر ذلك بقوله إن علاقة دولة جنوب السودان بأميركا "علاقة ذات بعد تاريخي ومستقبلي، أما علاقتها مع بكين ونيودلهي فهي علاقة آنية تحكمها استثماراتهما" هناك.

حمد عمر حاوي: الصين هي أكبر متضرر من الأزمة بين السودان وجنوب السودان (الجزيرة نت)
حمد عمر حاوي: الصين هي أكبر متضرر من الأزمة بين السودان وجنوب السودان (الجزيرة نت)

حل الخلافات
ويعتقد حاوي -في تعليق للجزيرة نت- أنه رغم الخطاب السياسي التعبوي والمشاحنات والعدائيات بين الخرطوم وجوبا، فإنهما باتا على اقتناع بعدم وجود أي مخرج إلا بحل خلافاتهما والاتفاق على علاقة جيدة تحكم مصالحهما.

ومن جانبه لم يستبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين نجاح التحرك الصيني الهندي "لوجود مصلحة حقيقة لبكين في السلام والاستقرار في البلدين".

ويرى أن منح الصين قرضا بمبلغ ثمانية مليارات دولار لجوبا "سيجعلها مسموعة الصوت داخل البيت الجنوبي بجانب توافقها الكبير مع الخرطوم خلال الفترة الماضية".

ويؤكد في حديثه للجزيرة نت أن جوبا كانت تطمع في دور غربي أكبر لإنقاذ اقتصادها "لكن دون جدوى"، مشيرا إلى استجابة الصين لمساعدة حكومة جوبا "ولهذا فإنها يمكن أن تكون مؤثرة على حكومة سلفاكير في تعديل مواقفها والمضي قدما في تحقيق السلام مع الخرطوم".

وأشار زين العابدين إلى أن التحرك الصيني سيظل مقيدا بقرار مجلس الأمن الدولي ومجلس الأمن والسلم الأفريقي، لكنها يمكن أن تستخدم نفوذها في مجلس الأمن لدفعه لاتخاذ موقف معتدل يتماشى مع القرارات الدولية ولا يضر بالسودان.

المصدر : الجزيرة