منصور هادي وتحديات ما بعد صالح

الرئيس اليمني الجديد عبدربه هادي يؤسس لرئاسته بإقالة أعوان سلفه صالح.jpg
undefined

عبده عايش-صنعاء

يرى محللون سياسيون في إقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عددا من أقارب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من مناصبهم العسكرية "خطوة جريئة وقوية" تؤسس لرئاسته الحقيقية للبلد وتنهي مراكز قوى النظام السابق.

وكان هادي قد أصدر قرارات وصفت بـ"الثورية" قضت بإقالة الأخ غير الشقيق لصالح قائد القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر، كما أقيل العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق صالح، من قيادة الحرس الرئاسي الخاص، في حين جرى تعيين قائد جديد للواء الثالث مشاة جبلي (حرس جمهوري) الذي كان قائده خالد علي عبد الله صالح، أصغر أنجال صالح.

وشملت قرارات هادي قيادات عسكرية بارزة ومحافظين ظلوا موالين لصالح، وهم قائد القوات البحرية اللواء رويس عبد الله علي مجوّر، كما أقيل كل من محافظ تعز حمود الصوفي ومحافظ أبين اللواء صالح الزوعري ومحافظ مأرب ناجي الزايدي.

وشمل قرار الإقالة الذي اتخذه هادي أيضا عددا من القادة العسكريين المنشقين الذين أيدوا الثورة السلمية المطالبة بإطاحة صالح، وهم قائد المنطقة العسكرية الشرقية اللواء الركن محمد علي محسن الأحمر، إلى جانب قائد المنطقة العسكرية الوسطى العميد الركن محمد علي أحمد المقدشي، بالإضافة إلى قائد القاعدة الجوية في محافظة الحديدة غرب البلاد العميد علي السنحاني.

الظاهري: هادي أصبح يملك القدرة على استقلالية قراره (الجزيرة نت)
الظاهري: هادي أصبح يملك القدرة على استقلالية قراره (الجزيرة نت)

مؤشر التغيير
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء محمد الظاهري أن "الرئيس هادي أعطى مؤشرا لليمنيين على أنه بدأ في مغادرة جلباب سلفه صالح، وأصبح يملك القدرة على استقلالية قراره، وأصبح قويا بالشعب الذي انتخبه ومنحه الثقة والشرعية إلى جانب وقوف المجتمع الدولي والإقليمي مع قراراته".

وتمنى الظاهري أن يواصل الرئيس هادي مشوار إزاحة أقارب وأعوان صالح من المشهد اليمني تلبية لمطالب الشعب ووفاء لشهداء شباب الثورة السلمية وتأكيدا على أن قراراته غير قابلة للرفض والتمرد.

هذا وكان قائد القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح، قد أعلن رفضه قرار إقالته السبت الماضي وسيطر على مطار صنعاء الدولي وقصف برج المراقبة في حين أحاطت قوات عسكرية ومسلحون مدنيون بمحيط المطار، كما هدد باستهداف أي طائرة تقلع أو تقترب من المطار.

وأثار إغلاق مطار صنعاء قلقا دوليا وإقليميا، وعبرت دول الخليج وأميركا والاتحاد الأوروبي عن تأييدها لقرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤكدة أنها تعبر عن المبادرة الخليجية.

واعتبر الظاهري أن حركة تمرد الأحمر وإغلاق مطار صنعاء كانت رسالة من عائلة صالح للرئيس هادي أنها لن تستكين وتلّوح له بالقوة العسكرية التي تملكها وتحذره من الاقتراب من بقية أبناء وأقارب صالح الممسكين بقيادة أهم مؤسسات الجيش والأمن والمخابرات.

سيف حسن: الرئيس هادي له الحق في اتخاذ ما يراه أفضل لليمن (الجزيرة نت)
سيف حسن: الرئيس هادي له الحق في اتخاذ ما يراه أفضل لليمن (الجزيرة نت)

رئيس شرعي
من جانبه اعتبر رئيس منتدى التنمية السياسية بصنعاء علي سيف حسن -في حديث للجزيرة نت- أن الرئيس هادي يمارس صلاحياته الدستورية بوصفه رئيسا شرعيا يحظى بتأييد شعبي ودولي وله الحق في اتخاذ ما يراه أفضل لليمن.

واعتبر حسن أن ما قام به قائد القوات الجوية من رفض قرار إقالته والتمرد على الرئيس هادي يعد "تصرفا طائشا"، مؤكدا أن قيام حزب المؤتمر الشعبي بمنح الغطاء السياسي لتمرد الأحمر "خطأ سياسي كبير".

وحذر من اتخاذ تمرد اللواء محمد الأحمر سابقة قد يقدم عليها قادة آخرون، في إشارة إلى احتمال إقالة أحمد نجل صالح من قيادة الحرس الجمهوري وابني شقيقه يحيى وعمار صالح من قيادة قوات الأمن المركزي وجهاز الأمن القومي.

ورأى رئيس مركز دراسات المستقبل فارس السقاف أن المفترض إحالة اللواء محمد صالح الأحمر إلى المحاكمة لأنه تمرد على قرار الرئيس القاضي بإقالته.

وأشار إلى أن الرئيس هادي بقراراته "أسس للشرعية الجديدة ولرئاسته الجمهورية التي أعقبت انتخابه في فبراير/شباط الماضي، بينما لا يملك أقارب صالح الشرعية وهم بتمردهم يكونون خارجين عن القانون مع أنهم يتحكمون في زمام القوة العسكرية لليمن".

السقاف: هادي لن يكون رئيسا فعليا مع وجود قادة من أقارب صالح (الجزيرة نت)
السقاف: هادي لن يكون رئيسا فعليا مع وجود قادة من أقارب صالح (الجزيرة نت)

ثورة مضادة
وأضاف "لو بقيت الأوضاع في البلد على حال الجمود دون الاقتراب من أبناء وأقارب المخلوع صالح وإقالتهم فإن الأمور ستتجه إلى ثورة مضادة على حكومة الوفاق الوطني وعلى الرئيس هادي نفسه".

واعتبر السقاف أن هادي لن يكون رئيسا فعليا لليمن مع وجود هؤلاء القادة الذين يمسكون بقيادة قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي والقوات الجوية، معتبرا أن القيادات العسكرية المؤيدة للثورة السلمية أظهرت نموذجا مغايرا لما يقوم به أقارب صالح اتجاه قرارات الرئيس هادي.

فهؤلاء -بحسب قوله- أعلنوا الالتزام بتنفيذ بنود المبادرة الخليجية وقبولهم بأي قرار إقالة يصدره الرئيس، وهو الأمر الذي أعلنه قائد الفرقة الأولى مدرع وقائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية اللواء علي محسن الأحمر.

يذكر أن الرئيس هادي مهّد لقراراته الأخيرة التي أصدرها الجمعة الماضية بإقالة ثلاثة من أبرز معاوني صالح، وهم رئيس دائرة التوجيه المعنوي والسياسي بالقوات المسلحة العميد علي حسن الشاطر، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية العسكرية حافظ معياد، وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء مهدي مقولة، وهو الأمر الذي اعتبره كثيرون "أول صفعة" يوجهها هادي لسلفه المخلوع.

المصدر : الجزيرة