القمة العربية حديث الساعة في بغداد
كريم حسين-بغداد
القمة العربية باتت حديث الساعة في بغداد، فأينما ذهبت سواء في الشارع أو المقهى أو المطعم أو أي مكان آخر فإنك لا تجد حديث الناس سوى عن القمة، وانعقادها هنا ترافق في ذهنية المواطن العراقي البسيط بإجراءات أمنية مشددة وزحام مروري خانق، وتدهور أمني لافت، وارتفاع في أسعار المواد الغذائية وغير ذلك.
بيد أن هذا الحدث الكبير يبقى حدثا استثنائيا بكل المقاييس لغالبية العراقيين، لأن بلدهم لم يحتضن هذا الاستحقاق السياسي الهام إلا مرتين من قبل، أولاهما عام 1978 والثانية عام 1990 قبل أشهر قليلة من الغزو العراقي للكويت.
الجزيرة نت تجولت في شوارع العاصمة بغداد واستطلعت آراء العراقيين، فكانت الردود متباينة، بين لا مبالاة البعض حيال القمة وعدم ثقته بما يمكن أن تحققه سواء للعراقيين أو للعرب، وتذمر آخرين منها بسبب معاناتهم منها خلال الأيام الماضية، وترحيب البعض الآخر بانعقادها في بغداد، لما يضيفه ذلك من رصيد للعراق وعودته لحاضنته العربية.
"لا يوجد شيء يقال. مجرد مؤتمرات لا تثمر أي نتائج ملموسة، وإنفاق أموال كان يمكن أن تنفق لخدمة المواطن"، هكذا اختصرت سعاد الشمري (ربة بيت) الحديث عن القمة.
وتضيف السهيل "نحن نعاني. الذي يدفع الثمن هو الشعب، نحن شبه محكوم علينا بالإقامة الجبرية، ناهيك أيضا عن تدهور الوضع الأمني والاختناقات المرورية".
وترى أن "القمة العربية لا جدوى منها، وما صرف عليها كان يمكن الاستفادة منه في خدمة الشعب، والاهتمام بالعراق والنهوض بالمواطن وتوفير الخدمات الأساسية له أولى من القمة لأن البلد غير مهيأ بعد لاستضافتها".
لكن المواطن عامر قيس العبيدي (أعمال حرة) لا يشاطر السهيل رأيها هذا، بل يرى أن القمة مكسب للعراق بعد انقطاع العرب عنه لأكثر من عشرين عاما، وأبدى استعداده لتحمل كل المعاناة من أجل عودة العراق لحاضنته العربية.
وبدوره تمنى الأستاذ الجامعي سعد أحمد أن تكون القمة فرصة جيدة للعراق على طريق عودته للحضن العربي، وأن تمهد كذلك للم الشمل العربي لا سيما أنها تأتي بعد الربيع العربي، كما تمنى أن تكون فرصة للعرب للاستماع إلى العراقيين ومعاناتهم وفتح صفحة جديدة معهم.
هذه الأمنيات عبرت عنها أيضا الشاعرة نجاة عبد الله التي رأت أن القمة العربية هي "فاتحة خير للعراق والعراقيين"، وأكدت أن الجميع ينظرون بتفاؤل لما بعد القمة.
وتوقعت أن تكون قمة بغداد قمة تاريخية لكونها تعقد بعد الربيع العربي، على عكس القمم الأخرى السابقة التي كانت مجرد ترديد شعارات لا طائل منها.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري فيرى أن القمة العربية قد تترافق مع استياء شعبي بسبب الإجراءات الأمنية التي انعكست على حياة المواطن البغدادي، لكن الشارع العراقي رغم كل ذلك متحفز لاستقبال القمة وعودة العراق للأمة العربية.
كما أن العراقيين -يضيف الشمري- يسعون من خلال القمة لإثبات الهوية العربية للعراق، وإيصال رسالة بأن التمدد الإقليمي غير موجود.
وتوقع الشمري أن تشكل القمة منعطفا تاريخيا في مسيرة الجامعة العربية وعودة لدورها الريادي مثلما فعلت في الأزمة السورية، ويرى أنه في ظل ما بات يعرف بالربيع العربي ستكون قمة بغداد منعطفا لكثير من المتغيرات، لافتا في هذا الصدد إلى وجود رغبة ووعي بأهمية إعادة هيكلية بناء الجامعة العربية في ضوء المتغيرات الجديدة التي تشهدها المنطقة.