اتهامات بالإهمال بمصر والعسكر يؤكدون الاستقرار

أحمد الكيلاني

المجلس العسكري جدد التزامه بنقل السلطة (الجزيرة)

دافع المجلس العسكري الحاكم في مصر عن نفسه في وجه اتهامات كِيلت له بعد صداماتٍ أعقبت أمس الأربعاء مباراة جرت بين الأهلي والنادي المصري في بورسعيد، قتل فيها 74 شخصا، وحمّل نواب كثيرون مسؤوليتها لوزارة الداخلية.

وقبيل استقباله لاعبي الأهلي في مطار عسكري شرقي القاهرة، وصف رئيس المجلس العسكري المشير محمد حسين طنطاوي الوضع الأمني بالمستقر، لكنه تحدث عن كارثة حدثت لا يمكن تخيلها.

وقبلها تحدث هاتفيا لتلفزيون الأهلي عن أحداث يمكن أن تقع في أي مكان، وتوعد المتورطين فيها قائلا إن "أي أحد يخطط لعدم الاستقرار في مصر لن ينجح".

وجدد تأكيده أن المجلس العسكري ملتزم بنقل السلطة إلى جهة مدنية منتخبة.

لكن طمأناته لم تقنع المعارضة التي حملت على المجلس، وكالت له اتهامات أقلها التقصير الأمني.

انتقام ضد الثورة
وتحدث نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين عن "إهمال وغياب متعمد من الجيش والشرطة لإيصال إشارات ورسائل محددة يتحمل مسؤوليتها المسؤولون حاليا عن إدارة البلاد"، واعتبر أن "الانهيار لم يكن في منشآت رياضية، ولكن في المنظومة الأمنية، كانتقام ضدنا من الدعوة لإلغاء حالة الطوارئ".

وحمّل محمد كمال جاد النائب عن بور سعيد -في لقاء مع الجزيرة- الأمن مسؤولية عدم احتواء الشغب.

كما قال نائب آخر عن المحافظة هو البدري فرغلي في مداخلة تلفزيونية إن "رجال مبارك ما زالوا يحكمون"، ثم إنه اتهم -لاحقا في البرلمان- الأمن باستهداف الجماهير.

وهتف مئات في محطة القطارات الرئيسية بالقاهرة لدى استقبال الجرحى بسقوط المجلس العسكري، وطالب بعضهم بإعدام طنطاوي.
 
وكان وزير الداخلية اللواء محمد يوسف إبراهيم يتحدث قبل ساعات من الأحداث عن حاجة البلاد إلى الطوارئ، الذي تطالب المعارضة وائتلافات الثورة بإلغائها.

جريمة تبدو ممنهجة
وعقد البرلمان جلسة طارئة لمناقشة الأحداث التي وصفها رئيسه سعد الكتاتني بأنها جزء من سلسلة أحداث، يجب أن "تقرأ في إطار المرحلة التاريخية التي تمر بها الثورة".

وتحدث رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي عن "جريمة كاملة تبدو ممنهجة"، محملا وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عنها.

وقال رئيس لجنة الشباب والرياضة أسامة ياسين إن النقاشات ستتناول "الفوضى التي تتم صناعتها"، مستغربا كيف أن أحداثا مماثلة لم تقع خلال الثورة نفسها، حين لم يكن هناك وجود للشرطة.

ودعا نواب للتحقيق مع بعض المسؤولين بينهم رئيس مجلس الرياضة، ومع قنوات رياضية اعتُبرت محرضة على الفتنة.

وقال محمود النجار عضو ائتلاف شباب الثورة في بور سعيد إن "المجلس العسكري يريد أن يثبت أن البلاد تتجه إلى الفوضى والدمار. إنهم رجال مبارك. إنهم يطبقون إستراتيجيته عندما قال ‘أنا أو الفوضى’".

دعوة لإقالة وزير الداخلية
ودعا النائب المستقل عمرو حمزاوي لإقالة وزير الداخلية ومحافظ بور سعيد ومدير أمن المدينة فورا.

وقد أعلن محافظ بور سعيد اليوم استقالته بالفعل وقبلها رئيس الوزراء كمال الجنزوري، الذي أقال مدير أمن بور سعيد ومدير المباحث فيها وأحالهما للتحقيق.

أحداث مباراة الأهلي والمصري ببور سعيد راح ضحيتها العشرات من القتلى وآلاف الجرحى
أحداث مباراة الأهلي والمصري ببور سعيد راح ضحيتها العشرات من القتلى وآلاف الجرحى

وانتشرت وحدات عسكرية في بور سعيد، وعلى الطريق بينها وبين الإسماعيلية لمنع الاحتكاكات بين جمهوريْ المصري والأهلي الذي خسر المباراة.

وأعلنت الداخلية اعتقال نحو 50 يشتبه في ضلوعهم في الأحداث، التي أمر النائب العام بتحقيقٍ فوري فيها.

كما أعلن رئيس اتحاد كرة القدم سمير زاهر تعليق الدوري، بسبب الأحداث التي دفعت ثلاثة من نجوم الأهلي إلى الاعتزال، وأعلنت السلطات حدادا وطنيا لثلاثة أيام حزنا على قتلاها.

وقال وزير الداخلية محمد إبراهيم إن أغلب القتلى سقطوا في تدافعٍ أعقب اقتحام الملعب.

لكن وكيل وزارة الصحة هشام شيحة تحدث عن إصابات كلها مباشرة في الرأس، وعن جروح خطيرة بآلات حادة. وقالت مصادر طبية إن البعض قتل بالسلاح الأبيض.

وكان هناك تضارب في أرقام الجرحى، فتحدث التلفزيون الرسمي عن ألف جريح، لكن الداخلية تحدثت عن 248 فقط.

وروى شهود كيف قُتل مناصرون خلال التدافع، وكيف رُمي بالبعض من على المدرجات، ليلقى حتفه.

وقال لاعب الأهلي عماد متعب "كان هناك قتلى على الأرضية. هناك قتلى في غرف الملابس..، لن ألعب الكرة بعد اليوم".

وحسب شهود عيان فإن الشغب بدأ بعد أن هاجمت جماهير بور سعيد فريق الأهلي ومشجعيه. وعزا بعضهم الهجوم إلى لافتة رفعت عدّها مشجعو المصري إهانة.

وأظهرت صورٌ كيف أن الشرطة تحركت بالكاد، بل وظهر أحد ضباطها يتحدث في هاتفه النقال عندما اقتحمت أرضية الملعب.

أما الحزام الأمني الذي شكّله بعض عناصر الشرطة حول اللاعبين، فسريعا ما انهار أمام الأنصار المتدفقين.

وكانت الشرطة تلقت تعليمات صارمة بالتعامل الحذر مع المتظاهرين بعد خلع حسني مبارك، خاصة أن الجهاز مكروه جماهيريا، بسبب طريقته في مواجهة مظاهرات الثورة.

المصدر : الجزيرة