العودة لسوريا ولا اللجوء بـ"الزعتري"

سوريون يفضلون العودة على اللجوء بـ "الزعتري" - زهور مع ابنيها
undefined

محمد النجار-مخيم الزعتري

لم تتمكن زهور من الصمود أكثر من 20 يوما لاجئة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين على الحدود الأردنية السورية، حيث فضلت كغيرها من مئات السوريين في المخيم العودة إلى سوريا رغم ما تشهده من حرب طاحنة على البقاء في هذا المخيم الصحراوي.

كانت زهور تجلس على أمتعتها مع طفليها الصغيرين إضافة إلى طفل ثالث تحمله في أحشائها في شهره الثامن أمام حافلة تنقل الراغبين بالعودة للحدود غير الرسمية، وأكدت للجزيرة نت أن السببين وراء قرارها الرجوع إلى قريتها الحراك بدرعا هما "الجوع والبرد".

وتابعت "في الليل والصباح البرد حورة (شديد).. أطفالي مرضوا ويعانون من المراجعة والإسهال وتم علاجهم بالمحاليل الطبية.. الوضع هنا لا يحتمل".

وعن الجوع تقول زهور "لا يعطوننا إلا معلبات، كيف سأطعم أطفالي معلبات؟ عندما طلبنا استلام حليب للأطفال قالوا لنا لا يوجد وعلينا أن نشتريه.. ما معنا مصاري".

لاجئون ينتظرون دورهم أمام إحدى الحافلات المخصصة لنقل العائدين (الجزيرة نت)
لاجئون ينتظرون دورهم أمام إحدى الحافلات المخصصة لنقل العائدين (الجزيرة نت)

طلبات للعودة
في ساحة المخيم الرئيسية تجمع العشرات من السوريين -جلهم من العائلات- كانوا ينتظرون مناداتهم من قبل شرطي أردني يقف على بوابة حافلة خصصت لمن قدموا طلبات ووقعوا على رغبتهم بالعودة لسوريا على مسؤوليتهم.

في أحد شوارع المخيم الذي يكتظ بنحو 47 ألف لاجئ سوري غالبيتهم يعيشون في خيام، فضلا عن نسبة تعيش في بيوت جاهزة بعضها من الصفيح المقوى (الكرافانات) قدمتها لهم السعودية، والأخرى من الصفيح الخفيف وهو من هيئة الإغاثة النرويجية المسؤولة عن برنامج الشتاء في المخيم.

إلتقت الجزيرة نت أم أيمن -وهي سيدة سورية تجاوز عمرها الستين- حضرت للمخيم منذ ثلاثة أشهر مع 16 من أفراد عائلتها، قالت إنها قدمت أربع طلبات للعودة إلى سوريا ولم يجب عليها.

ذكرت لنا أم أيمن أن سبب عدم إجابة طلبها -حسبما أبلغها المسؤولون في المخيم- هو أن الطريق الذي طلبت العودة منه، وهو طريق الطيبة بدرعا، "غير آمن".

وتابعت "جئنا قبل ثلاثة أشهر ونفدت أموالنا والأكل الذي يوزع علينا لا يكفي، صدقني نعاني من الجوع.. لا نستطيع شراء كيلو بندورة، وفي اليوم الواحد يعطون للفرد ثلاث خبزات صغيرة وأحيانا كثيرة لا نأخذها نظرا للطابور الطويل".

كما تحدثت بألم عن البرد الذي "ينخر عظام الأطفال" حسب قولها، وأضافت "في الليل نضطر لأن نزيل الأغطية عنا ونضعها على أولاد بناتي وأولادي". وتابعت "أيضا أولادي وبناتي يخافون العودة الآن بعد أن بدأت الأنباء تأتي عن احتمال استخدام الأسلحة الكيماوية".

لكن العائدين إلى سوريا ليسوا كلهم عائلات، فهناك من يعود من الشبان أو المقاتلين في الجيش السوري الحر بغرض الالتحاق بالمقاتلين هناك.

وتحدث أبو فجر -وهو من عناصر الجيش السوري الحر– عن استعداداته للعودة إلى سوريا خلال أيام بعد أن حضر لمخيم الزعتري بهدف تأمين زوجته وأولاده.

أبو فجر: حضرت للزعتري بهدف تأمين زوجتي وأولادي (الجزيرة نت)
أبو فجر: حضرت للزعتري بهدف تأمين زوجتي وأولادي (الجزيرة نت)

واجب العودة
وأضاف أنه اضطر للتنقل لعدة مناطق بعائلته بعد أن قصفت بيتهقوات الجيش النظامي وأنه الآن سيعود لصفوف الجيش الحر لأنه "واجب ديني وإنساني وأخلاقي"، حسب قوله.

ويجمع كل من التقيناهم على أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تملأ أعلامها المخيم تتحمل المسؤولية إزاء الوضع الذي يعيشه لاجئو المخيم.

وقال أحدهم للجزيرة نت "نعرف أن الأردن بلد فقير وإمكاناته ضعيفة، لكن أين الأمم المتحدة التي تضم 200 دولة وأين الدول الغنية عن مأساة اللاجئين".

وحسب مسؤول بالهيئة الخيرية الأردنية المسؤولة عن إدارة المخيم فإن المطلوب ممن يرغبون بالعودة لسوريا أن يقدموا طلبات لمحافظ المفرق يوافق عليها وتنظم عملية العبور حسب وضع الحدود. 

ويعرف من يرغبون بالعودة بهذه الطريقة بـ"المبعدين عن طريق القذف"، أي عبر الحدود غير الرسمية، غير أن لاجئين وموظفا بإدارة المخيم أكدوا للجزيرة نت أن هناك تنسيقا مسبقا بين القوات الأردنية وقوى المعارضة السورية لتأمين دخول آمن للراغبين في العودة.

المصدر : الجزيرة