توقعات بانتخابات هادئة لبابا الأقباط

الاقباط بانتظار اختيار خليفة البابا شنودة
undefined
أنس زكي–القاهرة

بعد إعلان القائمة النهائية للمتنافسين على منصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذي خلا بوفاة البابا شنودة الثالث، يتوقع مراقبون أن تمر الانتخابات المقررة في الشهر المقبل بهدوء، رغم استبعاد عدد من الأسماء الشهيرة، مع تأكيد ضرورة التوافق مع العديد من المتغيرات الكنسية والسياسية والاجتماعية.

وكان الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريرك أعلن أن لجنة الترشيحات البابوية التي تضم 18 عضوا قد انتهت عقب اقتراع سري إلى اختيار خمسة مرشحين من بينهم ثلاثة رهبان، هم القمص رفائيل أفامينا، وباخوميوس السورياني، وسارافيم السورياني، واثنان من الأساقفة هما الأنبا رفائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والأنبا نواضروس أسقف عام محافظة البحيرة.

وكانت المفاجأة في استبعاد أسماء كبيرة يتقدمها الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ومطران دمياط وكفر الشيخ والبراري، والذي كان يعرف إعلاميا بالرجل القوي في الكنيسة، كما تم استبعاد الأنبا يوؤانس والأنبا بطرس وكلاهما كان سكرتيرا للبابا شنودة الثالث الذي توفي في مارس/آذار الماضي عن عمر يناهز 88 عاما، إضافة إلى الأنبا بفنوتيوس أسقف سمالوط وعدد من الرهبان.

وجاء هذا الاستبعاد لينزع فتيل أزمة بعدما قدم العديد من الأقباط طعونا ضد المرشحين المستبعدين ركزت غالبيتها على مواقفهم السياسية، علما بأن قرارات لجنة الترشيحات نهائية ولا مجال للطعن فيها، حسبما أكده قائم مقام البطريرك.

إخماد أزمة
ويعتقد المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك أن استبعاد هذه الأسماء الكبيرة لن يسبب أي مشكلات، بل إنه على العكس جاء لينزع فتيل أزمات عديدة كانت الكنيسة مقبلة عليها بسبب الصراع الذي كان محتدما بين هذه الشخصيات على وجه الخصوص، رغم أن التقاليد الكنسية تشير إلى أن مثل هذه المناصب يجب أن يهرب رجال الدين منها لا أن يتكالبوا عليها.

وأضاف عبد الملاك للجزيرة نت أنه يعتقد أن الصراع بين بيشوي ويوؤانس وبفنتيوس قد انتهى بشكل مرحلي، بانتظار انتخاب البابا الجديد الذي ستكون في مقدمة أولوياته تهدئة الأجواء داخل المجمع المقدس بما يتناسب مع التقاليد المسيحية.

‪الأنبا باخوميوس: عملية اختيار المرشحين هي عمل ديني وفق القواعد والتقاليد الكنسية‬ (الجزيرة)
‪الأنبا باخوميوس: عملية اختيار المرشحين هي عمل ديني وفق القواعد والتقاليد الكنسية‬ (الجزيرة)

وكشفت مصادر في الكنيسة أن المستبعدين لم يتمكنوا من الحصول على نسبة الثلثين في التصويت الذي أجرته لجنة الترشيحات والتي كانت تتكون من تسعة من الأساقفة إضافة إلى تسعة من أعضاء المجلس الملي العام وهيئة الأوقاف القبطية، وذلك بعد استعراض كل الطعون التي قدمها الناخبون وعددهم 2411 ناخبا.

ومن جانبه قال الأنباء باخوميوس قائم مقام البطريرك إن عملية الاختيار هي عمل ديني وفق القواعد والتقاليد الكنسية، وتمت استنادا إلى معايير ثقافية وصحية فضلا عن الخبرات المختلفة لدى المرشحين، مشيرا إلى أن عملية استبعاد البعض ارتبطت بأسباب صحية واجتماعية وظروف خاصة، مع تأكيده أن المستبعدين محل تقدير ولهم أدوارهم داخل الكنيسة.

مرحلة جديدة
وعما إذا كان انتخاب بابا جديد من شأنه أن يعني تغييرا في سياسات الكنيسة، قال عبد الملاك إن المجمع المقدس للكنيسة ما زال على تركيبته القديمة، وهو ما يعني أن احتمالات التغيير ليست كبيرة على الأقل في المدى القريب، لكنه أكد للجزيرة نت أن على الجميع أن يدركوا "وجود متغيرات كنسية وسياسية واجتماعية لا بد من التوافق معها"، مضيفا أن على البابا الجديد أن يعلم أن دوره ديني وكنسي وروحي فقط.

وأضاف عبد الملاك أن هذا التصور لا يعني انتقاصا من الدور الوطني للبابا المقبل لكنه يقتضي ألا يقوم بأي دور سياسي، وأن تدرك الكنيسة أن عليها ألا تمارس السياسة وأن يقتصر دورها على الجوانب الروحية، ولا تكرر تجربة البابا شنودة عندما تدخلت الكنيسة في السياسة كممثلة للمسيحيين، ولم تكن النتيجة في صالح الكنيسة أو المسيحيين أو الوطن، حيث إنها لم تحل المشاكل وإنما فاقمتها.

وحسب عبد الملاك فإن على الأقباط أن يمارسوا حقهم في المشاركة السياسية بأنفسهم بعيدا عن الكنيسة وفي إطار حقهم كمواطنين، لأن الكنيسة ليست -بل يجب ألا تكون- مسؤولة عن الأقباط أو مفوضة عنهم سياسيا، فهم في هذا المجال كأي مواطن مصري آخر، كما أن مشاكل الأقباط يجب أن تكون جزءا من مشاكل الدولة والمصريين ككل.

المصدر : الجزيرة