تجنيد الأطفال مرة أخرى بالسودان

جانب من ندوة حول خطف وتجنيد الأطفال وتظهر فيها هاجر حامد

مشاركون في ندوة عن خطف وتجنيد الأطفال يطالبون بوضع حد لهذه الظاهرة

عماد عبد الهادي-الخرطوم

عادت ظاهرة تجنيد الأطفال تطل برأسها في السودان من جديد بعد التبليغ عن العديد من الحالات بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ملقية بكثير من التساؤلات عن مدى قدرة القوانين المحلية والدولية على كبحها ومنع استمرارها.
 
ورغم النداءات التي ظلت تطلقها جهات دولية ومحلية بضرورة حماية الأطفال من هذه الظاهرة، تشكل عودتها من جديد -وفق مهتمين- تهديدا يستدعي تحرك كافة الجهات المهتمة بذلك.
 
وتبدو منظمات المجتمع المدني هي الأكثر إلحاحا لإيجاد سبيل حقيقي -دون النظر إلى الجهة الخاطفة- لوضع حد لما ظل يؤرق السكان في مناطق الصراع.
 
ولا تزال بعض الجهات المتصارعة تتخذ من الأطفال في البلاد أدوات لتحقيق أهدافها السياسية بتجنيدهم وفصلهم عن مجتمعاتهم ومنعهم من الرعاية والتعليم والصحة وبالتالي حقهم في الحياة الطبيعية مثل أقرانهم في أي مكان.

حالات اختطاف
وكانت مجموعة من المنظمات السودانية العاملة في حقوق ورعاية الطفل أبدت قلقها من ازدياد حالات التبليغ عن اختطاف وتجنيد للأطفال بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان الحدوديتين مع دولة جنوب السودان اللتين تشهدان تمردا ضد الحكومة السودانية منذ انفصال الجنوب في يوليو/تموز الماضي.

قمر هباني: ما يحدث جريمة إنسانية
قمر هباني: ما يحدث جريمة إنسانية

وطالبت المنظمات الحكومة السودانية والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم التي أكدت أنها منافية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، داعية الحكومة -التي ترفض دخول المنظمات الدولية للمنطقتين- السماح للمنظمات الإنسانية بالتحقق من كافة البلاغات والشكاوى في هذا الشأن.
 
الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة السوداني قمر هباني أشارت إلى حالات اختطاف لأطفال بالولايتين من قبل قوات الحركة الشعبية، مشيرة إلى ارتفاع عدد الأطفال المخطوفين لأكثر من 900 طفل بالولايتين.
 
وأكدت للجزيرة نت أن مجلسها تسلم لائحة حوت أسماء الأطفال المختطفين "مما دفع لتكوين لجنة عليا لتقصي الحقائق بشأن هذه المعلومات والتأكد من الأرقام المذكورة بها"، مشيرة إلى رفع مذكرة احتجاج لمنظمة اليونيسيف بالخرطوم "لأن ما يحدث جريمة إنسانية"، بحسب تعبيرها.

رفض سوداني
لكن المنظمة الدولية، وعبر ممثل مكتب حماية الطفل التابع لها بالسودان محجوب خلف الله، أكدت للجزيرة نت عدم قدرة المنظمة على دخول تلك المناطق "بسبب رفض الحكومة دخول المنظمات الدولية الولايتين"، مناشدا الخرطوم السماح للمنظمة بدخول المنطقتين من أجل التحقيق في القضية.
 
بينما أكدت ممثلة مفوضية نزع السلاح وإعادة التسريح والدمج السودانية هاجر حامد تجنيد المتمردين لنحو ألف طفل خلال خمسة أشهر بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، واصفة ذلك بالكارثة الحقيقية.
 

محجوب خلف الله ناشد الخرطوم السماح للمنظمات بالدخول لمناطق النزاع
محجوب خلف الله ناشد الخرطوم السماح للمنظمات بالدخول لمناطق النزاع

وأبدت قلقها من ارتفاع أعداد الأطفال المجندين بعد تجدد التمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق، مشيرة إلى أنه وعلى مدى أكثر من عشرين عاما من الصراع بين الشمال والجنوب لم يتجاوز الأطفال الذين تم تجنيدهم ثلاثة آلاف طفل.

وكشفت للجزيرة نت أن عدد الأطفال، الذين أعيدوا إلى مناطقهم بعد بداية عمل مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج والتسريح، قد بلغ 257 طفلا لولاية شمال دارفور و200 لولاية جنوب دارفور و205 لولاية غرب دارفور و235 لولاية كسلا و140 لولاية البحر الأحمر و33 لولاية القضارف بجانب 269 لولاية النيل الأزرق.

أما المدير التنفيذي لمنظمة صباح لرعاية الأطفال خلف الله إسماعيل محمد فأكد أن تجنيد الأطفال يحدث آثارا نفسية واجتماعية يصعب معالجتها، مشيرا إلى أن إشراكهم في الحروب يحرمهم من أهم حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية ومن فرص النمو الجسدي والعاطفي.
 
ونبه في حديثه للجزيرة نت إلى حالات تحرش جنسي بين الأطفال المجندين "مما يؤدي إلي فقدانهم الثقة في الكبار"، مطالبا بتنفيذ أقسى أنواع العقوبات على مختطفي الأطفال.

المصدر : الجزيرة