أطفال يحتفلون وآخرون يتسولون بالسودان

أطفال يحتفلون

أطفال في الخرطوم يحتفلون باليوم العالمي للسلام (الجزيرة نت)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

في وقت احتفل فيه أطفال سودانيون في العاصمة الخرطوم باليوم العالمي للسلام، لم يجد آخرون مثلهم غير التسول طريقا للعيش وهي حالة تكشف أن البلاد بحاجة إلى كثير من المقومات الضرورية لوقف مسببات ما يعانون.

فبينما اتجه كثير من الأطفال باكرا نحو ساحات يغنون فيها أغنيات السلام وأناشيد مستقبل آمن، اتجه آخرون إلى حجز مواقع يرونها إستراتيجية لكسب يومي –التسول- عودهم عليه من يستخدمهم لهذه المهنة.

وفي المقابل أطلقت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) تحذيرا من مصير يبدو مخيفا ينتظر الآلاف من أطفال السودان بسبب الحروب وانعدام السلام في كثير من ولاياته المختلفة، رغم اجتهاد بعض المؤسسات السودانية لمعالجة ذلك.

وأشارت المنظمة الدولية في تقرير لها إلى أن أكثر من عشرة ملايين طفل سوداني بحاجة إلى الغذاء والصحة والتعليم، موضحة أن هناك مشاكل متعددة تواجه الأطفال في السودان من بينها سوء التغذية والافتقار إلى الرعاية الصحية والتعليم فضلاً عن تهديدات مباشرة من الصراعات العنيفة التي تشكل حقيقة واقعة بالنسبة للكثيرين.

قمر هباني طالبت بتحقيق السلام باعتباره هدفا إستراتيجيا لمستقبل الأطفال (الجزيرة نت) 
قمر هباني طالبت بتحقيق السلام باعتباره هدفا إستراتيجيا لمستقبل الأطفال (الجزيرة نت) 

أهازيج وكرنفالات
وكان عدد من أطفال المدارس قد اختير لهم الاحتفال في الخرطوم باليوم العالمي للسلام وسط أهازيج وكرنفالات لم تمنع توجه أطفال آخرين إلى مواقع معدة سلفا في الأسواق والطرقات أو حولها لممارسة التسول بكافة أشكاله المختلفة.

لكن الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان قمر هباني أكدت أنه على الرغم من ارتفاع المؤشرات الإيجابية لوضع الأطفال بعد اتفاق السلام الذي تم توقيعه عام 2005 في جانبي الصحة والتعليم فإن "ما حدث في ولاية النيل الأزرق ما زالت آثاره موجودة وأظهر وجود أطفال متشردين بشكل لافت".

ولفتت في حديثها للجزيرة نت، الانتباه إلى أن ظواهر التشرد وعمالة الأطفال "موجودة في البيئات الفقيرة بسبب الحرب"، منادية بتحقيق السلام في كافة أرجاء البلاد "لأنه هدف إستراتيجي لمستقبل الأطفال".

أما أستاذ علم الاجتماع بجامعة النيلين عادل صديق فأشار إلى الآثار السالبة للحرب على كثير من أطفال السودان "خاصة أبناء جنوب السودان وبعض مناطق الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق".

تشتت شمل
وأشار صديق للجزيرة نت إلى تشتت شمل أسر كثيرة من النازحين بسبب الحرب والظروف الاقتصادية السيئة التي عاشتها "ليتمخض عن ذلك مجهولو الأبوين وأيتام ومتشردون وفاقدو تربية ومتسولون".

وقال إن أطفالا بشرق البلاد ودارفور يواجهون أوضاعا صحية سيئة من أمراض وسوء تغذية، مشيرا إلى استخدام بعض الأسر الأفريقية اللاجئة أطفالها واستئجار أطفال غيرها لامتهان التسول.

طفلة متسولة في الخرطوم (الجزيرة نت)
طفلة متسولة في الخرطوم (الجزيرة نت)

ورأى عدم كفاية جهود الحكومة لمعالجة قضايا الأطفال ورعايتهم "بسبب معوقات تقف في طريق مؤسسات المجتمع المدني من ضعف إمكانياتها الداخلية والخارجية وافتقار بعضها للبرامج الحقيقية لتنمية قدرات الأطفال".

ومن جهتها تعتقد الناشطة في مجال حقوق الطفل سلافة بسطاوي أن الحروب في البلاد صنعت أطفالا يعانون صدمة الحرب "لأنهم من الفئات الضعيفة التي لا تستطيع التعبير عن ذاتها وانتقاء المفردات التي تشرح مطالبها وآرائها".

مناظر مرعبة
وأكدت سلافة بسطاوي للجزيرة نت، وجود أطفال يعانون بسبب الانتقال من بيئة إلى أخرى وفقدان من يقدمون لهم الحماية، مشيرة إلى مشاهدة بعضهم للمناظر المرعبة خلال الحروب من قتل للإنسان والأشجار والحيوان وبالتالي فإن التسول ربما يكون الخيار الوحيد للبعض من أجل العيش".

ورأت أن انتقال الأطفال إلى مرحلة السلام يواجه متغيرات أخرى تحتاج إلى فترة ليتلاءم الأطفال معها "وقد لا نجد تلك البيئة الملائمة من مدارس ومؤسسات تربوية يعيشون فيها فيلجؤون للتسول حينا ولارتكاب بعض الأخطاء الأخرى أحيانا كثيرة تؤثر على أوضاعهم النفسية والصحية والاجتماعية".

المصدر : الجزيرة