معاناة العائدين من غوانتانامو باليمن

In this pool photo, reviewed by the U.S. military, Guantanamo detainees talk together inside the open-air yard at Camp 4 detention facility at Guantanamo Bay U.S. Naval Base, Cuba,
واشنطن أفرجت خلال السنوات الأخيرة عن 26 معتقلا يمنيا بغوانتانامو (الفرنسية-أرشيف)

إبراهيم القديمي-صنعاء
 
لم يضع حكم البراءة الذي ناله المعتقلون اليمنيون العائدون من غوانتانامو حدا لمعاناتهم، بل يبدو أن الآثار السلبية لكابوس السجن ستظل تلاحقهم مدى حياتهم.
 
فأحد هؤلاء وهو محسن العسكري (29 عاما) قال للجزيرة نت إنه يواجه صعوبة بالغة في الاندماج في المجتمع الذي يشعر بأن أفراده يتخوفون منه رغم أنه عاد عام 2007.
 
وأضاف أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ بات الحصول على فرصة عمل أمرا في غاية الصعوبة، وسط حياة معيشية كلفتها عالية، مشيرا إلى أن جميع محاولاته للبحث عن عمل باءت بالفشل.
 
وعن سبب اعتقاله قال إنه عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 اعتقلت الولايات المتحدة كل شخص عربي يتواجد على الأرض الباكستانية حتى لو كان طالبا، مشيرا إلى أنه عرف أساتذة جامعات عربا رحّلوا إلى المعتقل بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة.
 
أما وليد عبد الرحمن فيلخص المشاكل التي تواجهه في تخوف الناس منه بشكل يجرح مشاعره، وعدم حصوله على عمل مناسب.
 
وقال وليد للجزيرة نت إنه لم يحصل على أي تعويض سواء من الولايات المتحدة التي اعتقلته بدون تهمة أو من الحكومة اليمنية، مؤكدا أنه لم يعد يهتم بهذه القضية ولا يبحث عنها.
 
ويتذكر كرامة خميس العائد عام 2005 السنوات الأربع التي قضاها في المعتقل وواجه فيها إهانات وتعذيبا، مما أدى إلى إصابته بقرحة في المعدة والتهابات في المفاصل.
 
ويعتقد أن مبلغ عشرين ألف ريال يمني (نحو 93 دولارا) هي إجمالي الراتب الذي يحصل عليه كسائق سيارة إسعاف لدى مستشفى خاص، لا يغطي مصاريف علاجه من هذه الأمراض فضلا عن أعباء أسرته.
 
وقال خميس "إذا كان من حقنا العيش بكرامة فمن حقنا الحصول على التعويض المناسب لكوننا حبسنا ظلما".
 
وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت خلال السنوات الماضية سراح 26 معتقلا يمنيا برأهم القضاء الأميركي، لكنهم لم يتلقوا أي تعويضات مادية جراء الأضرار الصحية والجسدية والنفسية التي لحقت بهم وبأسرهم.
 

برمان انتقد دورالدولة في إنصاف العائدين(الجزيرة نت-أرشيف)
برمان انتقد دورالدولة في إنصاف العائدين(الجزيرة نت-أرشيف)

جريمة مشينة

واعتبر المحامي أحمد عرمان المسؤول عن ملف غوانتانامو في المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) أن اعتقال هؤلاء الأشخاص وإيداعهم السجن لسنوات بدون تهمة جريمة مشينة، مؤكدا أن من حقهم الحصول على تعويض مناسب.
 
وكشف عرمان للجزيرة نت أن العائدين لا يستطيعون عمليا ممارسة حياتهم الطبيعية بشكل كامل خصوصا في مجال التعليم والعمل، خاصة في ظل رقابة أمنية ما زالوا خاضعين لها.
 
ومن جهته هاجم رئيس منظمة "أسير" الناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان الحكومة اليمنية ودورها المتخاذل في إنصاف رعاياها العائدين.
 
وقال برمان للجزيرة نت إن غالبيتهم يعانون من أمراض كثيرة وبحاجة إلى العلاج والتعويض المناسب، خاصة بعد ثبوت براءتهم.
 
وأضاف أن الإشكالية التي تواجههم تتمثل في صعوبة العثور على عمل أو الزواج، إلى جانب الاضطرابات النفسية التي طالت أسرهم، مستشهدا بأحد العائدين طُلقت أخواته الثلاث.
 
واتهم برمان الحكومة بتكريس الكراهية في نفوس العائدين لكونها لم توفر لهم الحياة الكريمة ولم تعد تأهيلهم أسوة بالمملكة العربية السعودية التي دفعت لرعاياها مبالغ مالية وسهلت لهم الوظائف والسكن.
 

"
مصدر حكومي أعلن بدء خطوات عملية لإنشاء مركز التأهيل والاستقبال الخاص بالمعتقلين اليمنيين العائدين من غوانتانامو "

مركز تأهيل

وفي المقابل أعلن مصدر حكومي بدء الخطوات العملية لإنشاء مركز التأهيل والاستقبال الخاص بالمعتقلين اليمنيين العائدين من غوانتانامو بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.
 
ونقلت أسبوعية "26 سبتمبر" المقربة من الحكومة عن المصدر قوله "إن المركز سيتم إنشاؤه في صنعاء وسيحتوي على قاعات للمحاضرات ومراكز مهنية وحرفية وسكن خاص بالمعتقلين مع عائلاتهم".
 
وأضاف أن اليمن سيتسلم بقية المعتقلين البالغ عددهم أكثر من 100 شخص بمجرد استكمال المركز الذي سيعمل على تنفيذ برامج التوعية والتأهيل للمعتقلين مهنيا، وإكسابهم الحرف اليدوية التي تساعدهم على ظروف المعيشة، إضافة إلى البرامج التي وصفها بالتنويرية النابعة من تعاليم دين الإسلام المرتكزة على الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والإرهاب.
المصدر : الجزيرة