مؤشرات العنوسة مقلقة بالأردن

قاضي القضاة احمد هليل (وسط) وعربيا ت (يسار)

جمعية العفاف ترعى حفلات الزواج الجماعي وتقرض الراغبين بالزواج (الجزيرة نت)

محمد النجار – عمان

رغم حصولها على شهادة عالية ووظيفة مرموقة فإن "أمل" لم تحظ بفرصة زواج بعد أن خلفت وراء ظهرها 37 ربيعا.

ولا تجد "أمل" سببا لعدم حصولها على فرصة زواج مناسبة، رغم أنها تحظى بمؤهلات متميزة مقارنة مع مثيلاتها من الإناث، وتعتبر أن قطار الزواج فاتها وأن عليها القبول بتسمية "عانس" -كما تقول- وهي تبتسم.

ويكشف مؤشر الزواج والطلاق في الأردن الذي أعلنته جمعية العفاف الثلاثاء أن نحو 96 ألف فتاة أردنية تحت سن الثلاثين "لم تتزوج" حتى نهاية عام 2007، مقارنة مع أقل من سبعة آلاف فتاة لم تتزوج رغم بلوغها الثلاثين عام 1979.

وتعنى جمعية العفاف بالأردن بقضايا الأسرة، وترعى حفلات زواج جماعي وتوفر قروضا حسنة (أي دون فوائد) للراغبين بالزواج.

ومما أثار انتباه الباحثين والقضاة الشرعيين أن متوسط سن الزواج ارتفع بالنسبة للذكور من عشرين سنة عام 1961 ليصل إلى 29.5 سنة نهاية 2007، بينما ارتفع متوسط سن الزواج لدى الإناث من 17 عاما إلى 26 عاما لنفس الفترة.

ويكشف المؤشر عن أن معدل الزواج انخفض بالنسبة للذكور من 14.5 حالة لكل ألف في عام 1952، إلى 11.4 حالة زواج لكل ألف في عام 2007. وفيما سجل أكثر من 65 ألف عقد زواج عام 2007، تم تسجيل نحو 13500 واقعة طلاق.

وبرأي معد الدراسة، الباحث عادل بدارنة فإن أكثر من 43% من حالات الطلاق المسجلة عام 2007 كانت حالات طلاق قبل الدخول.

واعتبر رئيس المحاكم الشرعية القاضي عصام عربيان أن معدلات الطلاق في الأردن طبيعية جدا ولا تتجاوز 4% من عقود الزواج الموثقة.

واتفق النائب السابق والمحامي المتخصص في القضايا الشرعية نضال العبادي على أن "لا مشكلة في مؤشرات الطلاق في الأردن".

وقال العبادي للجزيرة نت إن الخطورة الكبيرة التي يكشفها المؤشر هي في "تأخير سن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة وهذا أمر يحتاج لوقفة كبيرة".

رغم حفلات الزواج الجماعي فإن ظاهرة العنوسة تتفاقم بالأردن (الجزيرة نت-أرشيف) 
رغم حفلات الزواج الجماعي فإن ظاهرة العنوسة تتفاقم بالأردن (الجزيرة نت-أرشيف) 

مؤشرات خطيرة
لكن الباحث عادل بدارنة اعتبر أن "مؤشرات الطلاق خطيرة ومؤشرات العنوسة أكثر خطورة".

وقال للجزيرة نت "عندما تفقد المرأة 50% من عمرها دون زواج فإن هذا يعني أن العمر الإنجابي للمرأة انتهى"، وأن "ارتفاع معدلات الزواج يزحف نحو السن الذي تضعف فيه فرص النساء بالإنجاب".

وقال إن "سن الزواج في الأردن قفز بشكل هائل في الفترة من 1961 حتى 2007، فيما كان التغيير في دول أوروبية ضعيفا وفي بعضها لا يذكر".

وطالب البدارنة بالنظر في هذه المؤشرات ومقارنتها بما سيحدث في المستقبل، وتابع "لو درسنا هذه الأرقام إذا ما استمر هذا الحال حتى عام 2020 فإن الوضع سيكون أخطر".

ويرى المحامي العبادي أن ارتفاع معدلات العنوسة "يخلق مشاكل اجتماعية لا حصر لها تبدأ بالفساد الأخلاقي ولا تنتهي عند حدود الجريمة".

وتحدث رئيس جمعية العفاف الدكتور عبد اللطيف عربيات عن أهمية هذا المؤشر لراسم السياسات وللمتخصصين لدراسة واقع المجتمع كما هو.

ولم يخل النقاش كذلك من انتقاد للتعديلات التي رفعت سن الزواج في الأردن إلى 18 سنة قبل أعوام وسهلت من عمليات الطلاق عبر "الخلع"، وتحميلها جوانب من المسؤولية.

ومن المتوقع أن يثور جدل جديد في المملكة على وقع تعديلات قادمة لقانون الأحوال الشخصية يخشى باحثون أن تكون مستوردة من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو".

لكن قاضي القضاة نفى أن تكون "لأي جهة بالدنيا علاقة بالتعديلات"، وهو ما لم ينه قلق الحاضرين باعتبار الأردن بات ملزما بتغيير قوانين الأسرة والطفل منذ مصادقته على اتفاقية "سيداو" المثيرة للجدل.

المصدر : الجزيرة