القبور في الصين أسعار خيالية وتجارة رابحة

تصميم القبور وزخرفتها تجارة مربحة

القبور في الصين تحولت إلى تجارة رابحة (الجزيرة نت)


عزت شحرور-بكين
 
على الرغم من تراجع أسعار العقارات في الصين بسبب الأزمة المالية العالمية، حافظت القبور على ارتفاع أثمانها لتتحول إلى تجارة رابحة بات الصينيون يرددون معها "قد تستطيع شراء منزل يؤويك وأسرتك، لكن عائلتك لن تستطيع شراء لحد يضم رفاتك".

فقد باتت أسعار القبور مشكلة يعاني منها الصينيون ومنهم السيد وانغ الذي كان قد اشترى قبرا لجدته عام 1998 في إحدى ضواحي مدينة تشينغ داو شرقي الصين، حيث بلغت كلفة القبر والشاهد ومراسم الدفن حينذاك ثمانية آلاف يوان أي ما يعادل ألف دولار.

لكنه فوجئ مع بداية هذا العام عندما أراد أن يشتري قبرا آخر ليدفن رفات جده إلى جوار قبر جدته بأن السعر قد تجاوز 60 ألف يوان.

وفي اتصالات أجرتها الجزيرة نت مع القائمين على مقابر في عدد من ضواحي العاصمة بكين، أشار هؤلاء إلى أن أسعار حق الانتفاع للمتر المربع الواحد على مدى عشرين عاما تتجاوز 9 آلاف يوان.

احترام الأسلاف عادة متوارثة في الصين (الجزيرة نت) 
احترام الأسلاف عادة متوارثة في الصين (الجزيرة نت) 

أرقام خيالية

وأضاف هؤلاء أن بعض الأسعار قد تصل إلى مليون أو مليونين وبعضها لعشرة ملايين يوان طبقا لطريقة التصميم والبناء لتجعل من القبور تجارة رابحة إلى حد كبير دفع بعض المواطنين للشكوى من عدم اهتمام الحكومة بهذه القضية بذات القدر الذي توليه لتحديد أسعار العقارات والمساكن وتركها الأمور لجشع التجار والشركات.

وتشير الأرقام إلى أن حوالي تسعة ملايين شخص في الصين يفارقون الحياة كل عام، وفي مدينة مثل شنغهاي التي تفقد مائة ألف من مواطنيها سنويا 90% منهم تحرق جثثهم ويحتفظ برمادهم في حين يدفن الباقون.

ومع هذا لم يتبق من المساحات المقررة للمدافن العامة في المدينة والبالغة 333 هكتارا سوى ثلثها، ولهذا بدأت بلدية المدينة تدق ناقوس الخطر من أنه لن يكون بوسعها استيعاب أعداد جديدة من الأموات في مقابرها بعد خمسة أعوام.

وأمام هذا الواقع الجديد، بدأ بعض سكان المدن الكبرى بالتوجه إلى أقاليم مجاورة لدفن موتاهم، فالقبور هناك أقل كلفة كما ذكر أحد المسؤولين عن مقبرة عامة في مقاطعة خي بي المحاذية لبكين، والذي أضاف للجزيرة نت أن "نصف القبور في مقبرته قد بيعت لأهالي العاصمة".

وهناك من وجد في هذا الارتفاع الكبير للأسعار مجالا للاستثمار عبر شراء قبر وبيعه بعد سنوات كونه سيدر عليه أرباحا أفضل بكثير من شراء منزل وتأجيره.

العادات والتقاليد
ويعزى ذلك إلى أن الصينيين عرف عنهم منذ القدم احترامهم لأسلافهم إلى درجة التقديس أحيانا، ولا تزال الأعراف والتقاليد الاجتماعية الصينية تحتم على الأبناء الاهتمام بمراسم دفن آبائهم وأجدادهم بما يليق بمكانتهم.

فموقع القبر وحجمه وشكل الشاهد ونوعيته لا تعكس مدى احترام الحي للميت فحسب، بل تعتبر أيضا مظهرا اجتماعيا للأحياء بين أقرانهم وأقربائهم وجيرانهم وربما حافزا لأبنائهم كي يحذوا حذوهم.

وعلى الرغم من محاولات الحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيس الجمهورية عام 1949 تعميم عادة إحراق الميت والاحتفاظ برماده بدلا من دفنه بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعية، لا يزال الكثير من الصينيين يفضلون الدفن على الحرق.

وتخصص الحكومة الصينية مقابر عامة لدفن الجثث أو الرفات عادة ما تكون على الهضاب والتلال المحاذية للمدن وعادة ما تكون أسعار القبور الواقعة على قمة التل أكثر غلاء من تلك الواقعة على سفحها لاعتبارات صينية تقليدية.

المصدر : الجزيرة