صراع النفوذ بين عرفات وعباس

الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء محمود عباس

ماجد أبو دياك


جاء قيام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بإلغاء قرار رئيس وزرائه محمود عباس تعيين صخر بسيسو مكان الدكتور عبد العزيز أبو شريعة رئيسا لديوان الموظفين ليثير من جديد الخلافات المتجددة بين الرجلين.

ومنذ رهنت أميركا تطبيق خارطة الطريق بتعيين رئيس وزراء فلسطيني وتقليص صلاحيات الرئيس ضمن ما يسمى الإصلاحات السياسية أدرك عرفات أن تعيين محمود عباس أمر لا مفر منه.

ولكن عرفات الذي كان كمن يتجرع السم بهذه الخطوة لم يكن ليتنازل عن صلاحياته معولا على إمكانياته الذاتية في استمرار الإمساك بخيوط اللعبة الفلسطينية الداخلية والخارجية.

وإذا كانت فترة الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية في وقت سابق قد جمدت الخلاف بين الرجلين فإن انهيارها بعد اغتيال إسرائيل إسماعيل أبو شنب القيادي في حماس أعاد الخلاف بينهما إلى واجهة الأحداث.

وجاءت المحاولات الأميركية الأخيرة للتدخل في موضوع قيادة الأجهزة الأمنية لتضرم النار في هشيم الخلاف. فقبل بضعة أيام قال المتحدث باسم البيت الأبيض كلير بوكان ردا على دعوة عرفات حماس والجهاد لتجديد الهدنة إن "عرفات أظهر من جديد أنه يشكل جزءا من المشكلة وليس الحل"، مطالبا -وبدون مواربة- بدمج الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحت قيادة واحدة بإمرة أبو مازن.

ويدرك عرفات أن تخليه عن الملف الأمني سيجعله خارج دائرة التأثير ولذلك فقد أجهض المحاولات التي جرت لتعيين محمد دحلان كوزير داخلية في السلطة الفلسطينية وانتهى الأمر بعد وساطة مصرية بتعيينه وزير دولة للشؤون الأمنية.

ولجأ عرفات الذي يعرف بقدرته الكبيرة على التكتيك والمناورة إلى تعيين جبريل الرجوب مستشارا أمنيا له بعدما كان عزله في وقت سابق من رئاسة جهاز الأمن الوقائي.

واتخذ الخلاف بعدا جديدا بعدما احتلت عناصر من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح مبنى ديوان الموظفين لمنع تغيير مسؤوله الحالي وطالبت الحكومة الفلسطينية بعدم جر الشعب الفلسطيني لحرب أهلية.

وعلى الرغم من أن معركة كسر العظم لم تحصل بين عرفات وأبو مازن بعد بسبب حاجة كل منهما للآخر، فإن عرض أداء الحكومة على المجلس التشريعي الفلسطيني الخميس القادم والذي سيتطرق لأداء الأجهزة الأمنية سيشكل مواجهة من نوع آخر بين الشخصيتين لا تبدو فيها فرص وحظوظ أبو مازن كبيرة.

ويتحدث أعضاء المجلس التشريعي عن وساطة يقومون بها لرأب الصدع بين الرجلين من خلال تشكيل مجلس للأمن القومي بقيادة عرفات وعضوية أبو مازن ومحمد دحلان.

وفي هذا الإطار يمكن تصنيف التهديدات الإسرائيلية بفرض الحصار على مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كإحراج مستمر لأبو مازن أمام الشارع الفلسطيني.

وبصرف النظر عن النتيجة التي ستؤول إليها المواجهة الحالية يبدو أن فصول المعركة بين الرجلين ستطول ولن تكون مرشحة للانتهاء قريبا.

ويبقى التساؤل عن انعكاس هذا الخلاف على الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لإجراءات قمعية إسرائيلية متواصلة ويحتاج إلى قيادة سياسية قوية لمواجهة التعنت والتشدد الإسرائيلي، مطروحا بقوة.

ــــــــ
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة