بعض الأطعمة محظورة هناك.. ماذا يمكن أن يأكل رائد الفضاء في مركبته؟

تضطلع التغذية بدور في الحفاظ على صحة البحارة ورفع معنوياتهم لأن سوء التغذية يمكن أن يتسبب في حدوث حالات عصيان على متن السفينة. وينطبق الأمر ذاته على أي شخص محتجز في مكان واحد سواء أكان السجن أم مركبة فضائية، حسب الطباخ الفرنسي الشهير نيكولا أبير.

وقالت الكاتبة ميغان تشيتشي، في تقرير نشرته صحيفة "لوبوان" (lepoint) الفرنسية، إن الطباخ تييري ماركس وافق، مرة ثانية، على طهي أطباق صغيرة لرائد الفضاء الفرنسي توماس بيسكيه الذي غادر في مهمة إلى محطة الفضاء الدولية.

وأشار ماركس إلى أنه "عمل كثيرًا مع الأشخاص المحتجزين بخاصة في السجن، وتيقن أن وقت تناول الطعام في الجدول اليومي يعدّ من الطقوس المهمة. وبالمثل، يحتاج رواد الفضاء إلى رؤية بعض مظاهر الحياة على الأرض عندما يكونون في الفضاء.

وأكد تييري ماركس أنه لن يقدم مثل هذه الأطباق في مطعمه إلا لأغراض تجارية، موضحًا أن الأطباق التي أعدّها لتوماس بيسكيه قد لا تعجب الأشخاص الذي يسكنون كوكب الأرض.

ولأسباب صحية، يجب أن يطهى الطعام المخصص لبيسكيه جيدا. فبمجرد الوصول إلى الفضاء، يفقد رائد الفضاء حاسة التذوق، وهو أمر أشبه بانسداد الأنف، لهذا السبب تعدّ الوصفات بطريقة تجعل الطعام مستساغا لرواد الفضاء، لكن لا يمكنهم تناول هذه الأطباق الخاصة كل يوم بل في مناسبات معينة.

أطباق جديدة وقيود

ويوضح رافائيل هامون الكيميائي الفيزيائي "لقد حولنا هذه القيود إلى فرص للابتكار". وبالتعاون مع الطباخ الحائز نجمة ميشلان، طورنا معا أطباقا "مريحة" دون إضافة كثير من الملح أو السكر إليها. ومثل أي رياضي محترف، يتبع توماس بيسكيه نظامًا غذائيًا محددًا وتراقب وكالة الفضاء الأوروبية من كثب ما يتناوله.

والتزامًا بهذه الشروط، استخدم الكيميائي الفيزيائي هامون والطباخ ماركس "بكتين الفاكهة" بدلا من السكر، وتمكنا من صنع صلصة اللحم دون استخدام مُحسّن النكهة. ويوضح تييري ماركس أن "هذه الخطوة الكبيرة دليل على أنه بإمكاننا تطوير صناعة الأغذية الزراعية وتحسين الطعام المريح للمستهلكين".

وذكرت الكاتبة أن ابتكار طعام مناسب لرواد الفضاء ملائم لنمط عيشهم في الفضاء مثّل تحديًا للطباخين والاختصاصيين في المختبرات على حد سواء.

ويعدّ تييري ماركس أول من ابتكر أطعمة خالية من السكر لرواد الفضاء منذ 10 سنوات، وقد نجح اليوم في صنع معجنات لذيذة دون سكر تقريبًا.

ولتتبيل وجبة رائد الفضاء، نجح فريق الأبحاث في تقطير الفلفل، وبتحويل التوابل إلى سائل سيزول خطر تطايرها في ظل انعدام الجاذبية.

وباعتباره رائدا في مجال "المطبخ الجزيئي"، تمكّن ماركس من إيجاد طريقة لنقل الفطر أو المشروبات أو الكعك إلى محطة الفضاء الدولية، مع أن هذه المنتجات الثلاثة محظورة تمامًا هناك. ولم يكن لينجح في ذلك لولا مساعدة رافائيل هامون الذي أسس معه المركز الفرنسي للابتكار في مجال فن الطبخ.

من المطعم إلى علبة المعجنات

وفي فينيستير في بولدروزيك، يعمل الموظفون على تعبئة إبداعات ماركس قبل بضعة أشهر من انطلاق رحلة توماس بيسكيه إلى الفضاء، حيث يعقّمون مئات من علب الألمنيوم وفقًا للتعليمات التي قدمها تييري ماركس ورافائيل هامون وآلان دوكاس.

وطوّرت شركة "هيناف" مختبرًا لإرسال 200 صندوق إلى الفضاء لكل مهمة فضائية يشارك فيها رائد الفضاء الفرنسي.

وحسب لواك هيناف، الرئيس التنفيذي للشركة، "مثّل تصنيع هذا الطعام المعلّب في فرنسا وليس في الولايات المتحدة تحدّيا وطنيًا". ومنذ نحو 10 سنوات، اختيرت شركته البريطانية من فئة الشركات الصغرى والمتوسطة لهذا المشروع، وكانت الشركة الوطنية الوحيدة التي حصلت على موافقة وزارة الزراعة الأميركية، فمكنها ذلك من تصدير المنتجات التي تحتوي على أكثر من 3% من اللحم.

اختبارات لمطبخ مستدام

إن المواد المستخدمة في تصنيع هذه العلب قابلة لإعادة التدوير وتشبه علبة الصفيح التي يمكن العثور عليها في المتاجر، وقد عدّل شكلها ليتناسب مع الفرن الروسي الذي يستخدمه رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية.

وداخل المركز الفرنسي للابتكار في مجال فن الطبخ، عمل كل من ماركس وهامون على الاستفادة من المهمات التي يقوم بها توماس بيسكيه لإبراز ما أسمياه الطبخ المستدام.