كبير الواعظين بالأردن.. الشيخ الخضري 90 عاما من الروحانية والدعوة إلى الله

رغم تقدم سنه ونحول جسده وضعف سمعه، فإنه لا يزال مواظبا على مجالسه العلمية، مجيبا عن أسئلة المستفتين، محافظا على مجالس الذكر.

الخضري في دروسه الرمضانية. الجزيرة . المسجد الحسيني وسط البلد عمان
الخضري في أحد دروسه الرمضانية بالمسجد الحسيني وسط البلد في العاصمة الأردنية عمان (الجزيرة)

بين دروس الوعظ والإرشاد وحلقات الذكر وأمهات الكتب، أمضى كبير الواعظين في الأردن الشيخ أحمد مصطفى الخضري 55 عاما من عمره، لا يرد طالب فتوى، ولا يستثقل من سؤال سائل، ولا يتجهّم في وجوه مريديه، ويبذل كل جهده لإيصال العلم لمحتاجيه.

في المسجد الحسيني وسط العاصمة الأردنية عمّان، يستوقفه المصلون طلبا للدعاء والبركة، فيقف ويرفع يديه بالدعاء، وبخروجه من أبواب المسجد، يلتف حوله المارة يقبلون يديه وعمامته، ويلتمسون منه الدعاء بالفرج من غمة هذا الوباء.

يفتقد الشيخ الخضري في حديثه للجزيرة نت الأجواء الرمضانية وروحانية الشهر الفضيل، وذلك بسبب جائحة كورونا وإغلاق المساجد، إضافة إلى صحته التي تراجعت، بعدما كان يحيي شهر رمضان في أروقة المسجد الحسيني إماما وواعظا، معتكفا متهجدا.

مادة رمضانية // ايمن فضيلات الأردن // كبير الواعظين بالأردن.. الشيخ الخضري 90 عاما من الروحانية والدعوة إلى الله
المسجد الحسيني الذي انتقل إليه الخضري عام 1969 وبقي في الوعظ والإرشاد والتدريس حتى اليوم (الجزيرة)

عاش يتيما

ولد الشيخ الخضري عام 1930 وحفظ القرآن صغيرا، وتعلم في الأزهر الشريف، وهو يتبع المذهب الفقهي الحنفي، ويتمسك بالطريقة الشاذلية الصوفية. توفي والده في سوريا وهو ابن 7 أعوام، وعاش مع أمه وحيدا، واهتم بتعليمه خاله العلامة محمد بهجت البيطار، وتتلمذ على يدي نخبة من العلماء أبرزهم حسن حبنكة ومحمد سعيد البُرهاني، وارتحل في شبابه إلى الأردن، ثم توجّه للدراسة وطلب العلوم الشرعية في الأزهر.

تخرج الشيخ الخضري حاملا درجة الماجستير في الفقه وأصوله، وعاد للاستقرار بالأردن عام 1967، وعين في وزارة الأوقاف إماما وخطيبا في أحد مساجد منطقة جبل التاج وسط العاصمة عمّان، وبعد عامين (عام 1969) انتقل خطيبا وواعظا في المسجد الحسيني، وبقي في الوعظ والإرشاد والتدريس حتى اليوم.

مادة رمضانية // ايمن فضيلات الأردن // كبير الواعظين بالأردن.. الشيخ الخضري 90 عاما من الروحانية والدعوة إلى الله
الشيخ الخضري: إذا عرضت عليّ مسألة لا أعرفها أحيلها للمحاكم الشرعية والجهات المختصة (الجزيرة)

أفتي بما أعلم

دأب الشيخ الخضري على استقبال زواره في مكتبه المخصص للفتوى بأحد أروقة المسجد الحسيني، ولا يتحرج من قول "لا أعلم"، مؤكدا للجزيرة نت: "أفتى بما أعلم به، وإذا عرضت عليّ مسألة لا أعرفها أو بحاجة لتفصيل خاصة قضايا الطلاق والميراث، فأحيلها للمحاكم الشرعية والجهات المختصة، وبعض المسائل أرجع بها للكتب لمعرفة التفاصيل والآراء الفقهية".

وللنّساء نصيب من علمه، فقد قدم لهن الوعظ والإرشاد في مجلس خاص كلما دعت الحاجة لذلك، وهو يدرس النّساء العلوم الشرعية اللاتي يحتجنها، ويستقبل أسئلتهن ويفتي لهن، ويجيب على استفساراتهن.

مادة رمضانية // ايمن فضيلات الأردن // كبير الواعظين بالأردن.. الشيخ الخضري 90 عاما من الروحانية والدعوة إلى الله
الشيخ الخضري لمراسل الجزيرة نت: الشرع حدد الأحكام الشرعية للتعامل مع  الأوبئة (الجزيرة)

كورونا والشرع

يرى الشيخ الخضري في فيروس كورونا أنه من "النوازل والابتلاءات، حتى يعود البشر لخالقهم ويتوبوا ويرجعوا عما هم به من ضلال. والشرع الحنيف حدد جملة من الأحكام الشرعية الواردة في الأحاديث النبوية الشريفة في التعامل مع مثل هذه الأوبئة والأمراض"، وفق حديثه.

ويتابع أن رسول الله عليه الصلاة والسلام دعانا في الأحاديث النبوية إلى عدم الدخول على المريض إذا كان مرضه ينقل العدوى، ومنع المريض من الدخول على الأصحاء ومشاركتهم شؤونهم الحياتية.

وفي حادثة طاعون عمواس، يقول الخضري إن الهدي النبوي منع الدخول على القرية المصابة بالطاعون، ومنع أيضا الخروج من تلك القرية، وهذا دليل على ضرورة الأخذ بالإجراءات الصحية الوقائية من انتقال المرض، مع ضرورة تلقي العلاج اللازم واللقاح لحماية النفس البشرية.

الخضري يرافقه أحد موظفي المسجد بعدما تراجعت صحته وضعف جسده. الجزيرة . المسجد الحسيني وسط البلد عمان
الخضري يرافقه أحد موظفي المسجد بعدما تراجعت صحته وضعف جسده (الجزيرة)

يومه الرمضاني

يبدأ يومه الرمضاني من بعد السحور، فيتوجه من بيته بمنطقة اللويبدة وسط العاصمة الأردنية عمّان برفقة أحد أبنائه إلى المسجد الحسيني، فيصلي قيام الليل والفجر، ليتفرغ بعدها للتسبيح والذكر إلى طلوع الشمس، فيصلي الضحى ويقرأ القرآن، وقبل الظهر ينام قليلا، ويستمر على أذكاره ودروسه إلى قبيل صلاة المغرب.

يعود إلى بيته لتناول طعام الإفطار مع عائلته، ويحتضنه أبناؤه وبناته السبعة وأحفادهم، وما إن ينهي فطوره حتى يعود مسرعا لصلاة العشاء والتراويح، يلقي بين ركعات التراويح المواعظ والأذكار، ويعود بعدها لينام قليلا استعدادا للتهجد.

ورغم تقدم سنه ونحول جسده وضعف سمعه، فإنه لا يزال مواظبا على مجالسه العلمية، مجيبا عن أسئلة المستفتين، محافظا على مجالس الذكر.

ونظير ما قدمه من جهد للدعوة والإرشاد، حظي الشيخ الخضري بتكريم من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، بوسام الاستقلال في عيد استقلال المملكة الـ73 عام 2019.

المصدر : الجزيرة