بيت بأقل من دولار.. هكذا يجمع عراقي التبرعات لإسكان الفقراء
صديق الزريجاوي-بابل
بملابس عمل بسيطة وقبعة مدورة، يقضي الشرطي سيف القديس (30 عاما) أيام إجازته الدورية في تشييد منازل منخفضة التكلفة في إحدى نواحي محافظة بابل جنوب بغداد.
وتمكن سيف وبمساعدة أحد أقربائه من إطلاق مشروع لتشييد منازل للعوائل الفقيرة في ناحية الشوملي شرق المحافظة، ومنحها لتلك العائلات مجانا.
يقوم مشروع القديس على جمع مبلغ ألف دينار (أقل من دولار واحد) من الراغبين في التبرع لتشييد المنازل. ويعمل سيف رجل أمن في الشرطة الاتحادية العراقية، وهو ما وفر له وقتًا جيدا للعمل في بناء المنازل لأوقات طويلة.
وعن أصل الفكرة، يوضح القديس أن "هناك الكثير من العوائل الفقيرة التي لا تمتلك سكنا ملائما، فكرت كثيرا كيف بإمكاني مساعدتهم، فطرحت الفكرة على بعض الأصدقاء فدعموني وشجعوني وبعدها بدأنا العمل".
ليست بيوتا فقط
ويؤكد القديس أنه منذ إطلاق المشروع العام الماضي وحتى الآن، تمكّن وبمساعدة المتبرعين من إكمال بناء ستة منازل وتسليمها إلى المستحقين من العوائل الفقيرة، وباشر بناء البيت السابع.
ورغم المبادرات الحكومية للسكن وقروض الإسكان وكثرة المشاريع السكنية الاستثمارية، فإن العوائل المتعففة وذوي الدخل المحدود لم يستفيدوا من هذه المبادرات والمشاريع بسبب ارتفاع الفائدة وغلاء أسعار المنازل السكنية فيها.
ولم يكتفِ القديس ببناء المنازل، بل قام بتأجير بيت لعائلة متعففة وترميمه وكفالتها كفالة مادية لمدة عام كامل، وتوزيع سلالٍ غذائية للعوائل المتعففة، ومساعدة المرضى المحتاجين في تكاليف العلاج.
ويؤكد أن مشروعه ليس مرتبطا بجهة دينية أو حزبية أو اجتماعية، وأن مشروعه بدأ يلقى دعما ورواجا في الأوساط الشعبية.
خدمة عظيمة
ويناوب القديس في إدارة العمل الشاب عباس باسم (17 عاما) وهو ابن خالته ويسكن المدينة ذاتها.
يقول باسم في حديث للجزيرة نت إنه يعمل مع سيف خلال وجوده، وأنوب عنه أثناء التحاقه بدوامه في الشرطة، وأشرف على العمل وأعمل على توفير مواد البناء ومساعدة العمال.
ويضيف "أشعر أني أقدم خدمة عظيمة من خلال عملي مع سيف، نفرح كثيرا عندما نرى السعادة في وجوه الفقراء والأيتام".
وعبر أبو محمد، وهو أحد المستفيدين من المشروع، عن فرحته بالمنزل الذي حصل عليه من مشروع إسكان الفقراء الذي أطلقه سيف، ويقول إن سيف أخرجهم من خربة لا تصلح للعيش إلى منزل جديد وآمن يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء.
ويضيف أنه لولا سيف ومبادراته ودعم الخيرين لبقي وعائلته في تلك الخربة.
وتعاني محافظة بابل، شأنها شأن بقية المحافظات العراقية الأخرى، من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانتشار ظاهرة الدور السكنية العشوائية لغياب الخطط والمشاريع المستقبلية التي تقدمها الحكومة إلى المواطنين.
ولا توجد أي إحصائية دقيقة بشأن أعداد ونسب العوائل التي تعاني من تدني مستوى العيش، وكذلك وجودها في أماكن غير صالحة، في وقت ترتفع فيه تلك المعدلات سنة بعد أخرى.