بعد تهجيرها.. قطط حلب النازحة تحظى بمحمية بريفها

محمد يحتضن القطط في المحمية كالأطفال.
محمد الجليل يحتضن القطط في المحمية كالأطفال (الجزيرة نت)

عمر يوسف-حلب

في قرية نائية بريف حلب الغربي يجتهد رجل القطط محمد علاء الجليل في الاعتناء بالعشرات منها ضمن محمية خاصة أنشأها بجهود خاصة ودعم الأصدقاء ومحبي القطط من أنحاء العالم.

محمد (43 عاما) الذي كان يعمل مسعفا في حلب غادر مدينته قبيل عام ونصف حاملا معه عشرات القطط التي كان يعتني بها قرب منزله بحي مساكن هنانو، حيث لم تسلم القطط من حملة التهجير القسري التي فرضها النظام السوري شأنها شأن البشر في حلب.

ينتمي محمد إلى أسرة محبة للقطط والحيوانات الأليفة، ومنذ أن كان شابا صغيرا دأب على شراء بقايا اللحم الرخيص من الجزارين ليطعم القطط المشردة التي كان يجمعها حوله في منزله، مشيرا إلى أن تلك الحيوانات الصغيرة لا تستطيع الإخبار بأنها جائعة كحال البشر.

ومع بدء المعارك بين المعارضة المسلحة وجيش النظام السوري في حلب عمل محمد مسعفا ضمن فرق الإنقاذ بعد أن عمد النظام إلى قصف مناطق سيطرة المعارضة بالصواريخ والبراميل المتفجرة، لكن عمله في إسعاف الجرحى والمصابين لم يثنه عن متابعة الاعتناء بالقطط وتقديم الطعام لها رغم آلام الحرب والدمار.

القطط تجد في المحمية ملاذا يقدم فيه الطعام بانتظام (الجزيرة نت)
القطط تجد في المحمية ملاذا يقدم فيه الطعام بانتظام (الجزيرة نت)

تقرير صحفي
عام 2014 أعد صحفي بريطاني في حلب تقريرا عن قضية اعتناء محمد بعشرات القطط وسط الحرب، مما جعلها تصل إلى جميع أنحاء العالم، وتم التواصل معه من نشطاء ومحبي القطط بهدف تقديم الدعم لإنشاء محمية خاصة أطلق عليها فيما بعد اسم "بيت القطط" لتكون أول محمية في سوريا وربما الوطن العربي تجمع القطط المشردة كما يقول رجل القطط.

لم يكن المشروع مقتصرا على القطط بل عمل محمد لاحقا على دعم الأهالي وتقديم العون والدعم لهم من خلال حفلات للأطفال بحضور القطط، إضافة إلى إنشاء المشاريع التنموية مثل حفر الآبار وبناء حديقة وتقديم الإغاثة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة.

"بعد اشتداد القصف على مدينة حلب في عام 2016 وتقدم قوات النظام السوري إلى أحياء المعارضة بدأت بالتنقل من حي لآخر هربا من الصواريخ والبراميل ومعي عشرات القطط لكن في النهاية كان لا بد من الخروج من حلب بعد أن أحكم النظام قبضته على كامل المدينة" يقول محمد متحدثا عن فترة رحيله من مدينته في رحلة التهجير القسري الذي فرضه النظام على الأهالي.

وأكثر ما يحزن محمد أنه لم يتمكن من إخراج جميع القطط التي كان يعتني بها في حلب أثناء خروجه مع قوافل التهجير القسري نحو الريف الغربي، حيث تمكن من إخراج 22 قطا في سلال بلاستيكية لتعيش مأساة النزوح كالبشر.

القط أرنستو الأقرب إلى محمد (الجزيرة نت)
القط أرنستو الأقرب إلى محمد (الجزيرة نت)

محمية أرنستو
في ريف حلب الغربي بقرية كفرناها عاود محمد إنشاء محمية "أرنستو" -وهو اسم أحد القطط المحببة لديه- للقطط على نطاق أوسع وأكبر من تلك التي كانت في حلب بدعم تشاركي ليستقبل في المكان الجديد أكثر من مئة قط يقدم لها الطعام والرعاية الطبية من خلال طبيب بيطري يقيم في المحمية.

ويشير رجل القطط الحلبي إلى أن مركزه الجديد يقدم العلاج الطبي المجاني لجميع الحيوانات الأليفة كالأبقار والأغنام والأحصنة، إضافة إلى علاج القطط المريضة.

لم يسلم محمد من انتقادات البعض ولومهم له على اهتمامه بالقطط أكثر من البشر حسب وصفهم، لكنه يرد بجملة محببة لديه يقول فيها "إن أراد المرء أن يكون رحيما مع الناس عليه أولا أن يكون رحيما مع تلك الحيوانات التي لا تستطيع أن تقول أنا جائعة".

المصدر : الجزيرة