الرياضة مادة أساسية في مدارس مصر.. صحة أم تخبط حكومي؟

لم تمض ساعات على دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى اعتماد التربية الرياضية مادة تعليمية أساسية في المدارس لأول مرة في مصر، حتى سارعت وزارة التربية والتعليم إلى الاستجابة لطلبه.

وتحدث السيسي خلال افتتاح عدد من المشروعات مطلع الأسبوع الجاري عن أهمية ممارسة الرياضة، وطالب باعتبار مادة التربية الرياضية مادة أساسية في المدارس، أي سيكون عليها نجاح ورسوب.

وقد أثار التحرك الحكومي العديد من الأسئلة في أوساط المصريين، أولها: كيف سيتم امتحان الطلاب في مادة التربية الرياضية؟ وهل المدارس المصرية التي تفتقر إلى المقاعد الدراسية الكافية باعتراف وزارة التربية والتعليم لديها المرافق الرياضية الكافية؟ وهل ستطبق الوزارة القرار هذا العام أم ستؤجله إلى العام المقبل؟

وسبق أن انتقد السيسي زيادة معدلات البدانة بين المصريين، وعلق خلال فعاليات النسخة الثانية من منتدى شباب العالم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ على السمنة المنتشرة بين الشباب، داعيا إلى ضرورة أن يفقد طلاب الجامعات نصف أوزانهم.

وزير التربية والتعليم طارق شوقي أكد في تصريحات تلفزيونية أن وزارته تدرس كيفية تطبيق ما سماه التكليف الرئاسي، مشيرا إلى أنها ستعلن النتيجة فور الانتهاء من بحثها.

وتعتبر التربية البدنية من الحصص الترفيهية في المدارس، ويقبل عليها الطلاب بشدة، ويطلق عليها المصريون حصة "الألعاب".

وفي الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون عن رشاقة الطلاب وصحتهم البدنية، تؤكد التصنيفات الدولية تدني الخدمة التعليمية في مصر، فحسب مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2017-2018 احتلت مصر المركز 129 بين 137 دولة.

إعداد مسبق
وعلى عكس وزير التربية والتعليم الذي حاول إبراز سرعة استجابته لتوجيهات السيسي، بدت تصريحات منى مصطفى مستشارة الوزير لشؤون التربية الرياضية والعسكرية وكأن الوزارة تلقت التوجيهات الرئاسية منذ فترة.

فقد أكدت منى بدء خطوات تفعيل الرياضة كمادة أساسية ضمن المناهج الدراسية، وأوضحت قرب الإعلان عن خطة شاملة للرؤية الجديدة في ظل اجتماعات مستمرة منذ فترة.

وأضافت خلال مداخلة هاتفية على إحدى القنوات المحلية أن الوزارة وضعت منهجا جديدا لمرحلة الحضانة والأولى ابتدائي ضمن خطة للبناء من أسفل إلى أعلى، لافتة إلى أن الخطة تشمل رفع المستوى المهني لمعلمي التربية الرياضية، وزيادة معرفتهم بآلية تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة.

كما طالبت مستشارة وزير التربية بضرورة إضافة علامات مادة التربية البدنية إلى مجموع العلامات وعدم قصرها على النجاح والرسوب فقط.

مع وضد
وبعيدا عن الموقف الرسمي، تباينت آراء أولياء أمور الطلبة حول قرار تدريس التربية الرياضية كمادة أساسية في المدارس، فبينما اعتبره البعض حافزا جيدا لتحسين صحة الطالب عبر الاهتمام بممارسة الرياضة، وصفه آخرون بالعشوائي وغير المدرك للأوضاع المتردية للمدارس.

بهاء السيد موظف حكومي وولي أمر طالبة بالمرحلة الثانوية أبدى ترحيبه بالفكرة، واصفا إياها بالخطوة الجيدة في إطار تنشيط الطلاب وبناء أجسامهم بشكل سليم.

وأضاف السيد أن "ابنتي تلعب كرة السلة في ناد خاص، ومؤكد أنها ستستفيد من ذلك حال تطبيق القرار في المدارس".

لكن السيدة منال -وهي ربة منزل ولديها ابن في المرحلة الإعدادية- رأت في الخطوة الحكومية تجاهلا لأحوال الكثير من المدارس التي تفتقر إلى الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة الرياضية.

وتساءلت "هناك الكثير من المدارس لا تمتلك فناء واسعا لممارسة الأنشطة الرياضية، بل هناك مدارس لا تمتلك فناء أصلا".

تساؤلات
من جهته رأى الباحث الأكاديمي في المجال التربوي الدكتور محمد فتح الله جوانب إيجابية لاعتماد التربية الرياضية مادة أساسية في المدارس، ومنها أن الرياضة تنشط الذاكرة والدورة الدموية لدى الطالب.

لكن فتح الله طرح تساؤلات وجدها ركيزة لتنفيذ الرؤية المطروحة، وهي الخاصة بمدى توافر الأدوات والخامات التي تتطلبها الأنشطة التدريبية، ومدى توافر معلمي مادة التربية الرياضية أنفسهم في ظل ضعف ميزانية وزارة التربية والتعليم.

وفي حديث للجزيرة نت استطرد الخبير التربوي في تساؤلاته حول طبيعة منهج التربية الرياضية، ومدى ملائمته للمعايير التعليمية، وكيفية حساب درجات الامتحان لضمان العدالة بين الطلاب.

واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة وضع خطة غير عشوائية يمكن من خلالها اكتشاف المواهب الرياضية وإفادة المنتخبات الوطنية بها.