العُمانيون في الشتاء.. الهروب نحو الرمال

‎⁨من أمام مخيم ألف ليلة⁩.
تنتشر المخيمات في الصحراء العمانية مع دخول شهر نوفمبر/تشرين الثاني (الجزيرة نت)

أحمد بن سيف الهنائي-مسقط

 

يحزم العمانيون أدوات التخييم بمجرد دخول شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، إيذانا ببداية اعتدال درجة الحرارة وانطلاق الموسم السياحي الذي يستمر حتى مطلع أبريل/نيسان من كل عام.

شغف الصحراء والانعتاق من روتينية المدنية والحداثة، تجعل من رمال الشرقية (190 كيلو مترا جنوبي مسقط) الشاسعة قبلة مفضلة للعمانيين والسياح، حيث يقضي المخيمون لحظات سمرهم التي عادة ما تمتد يوما كاملا أو يومين.

ولأنها بحر متصل من رمال مذهّبة ملأى بالنعومة لمسافة تزيد عن عشرة آلاف متر مربع فإن الدخول إليها محاط بالمغامرة الممتعة.

تشكل منطقة "رمال بدية" محطة سياحية مميزة لقرب الخدمات منها، وعلى مرمى ثلاثة كيلومترات فقط من مركز الولاية، تبدأ رحلة السباحة في محيط الرمال التي لا يحدها إلا الأفق، تسقفها سماء تتناثر في جوها أنغام السامرين على إيقاعات الطرب العماني.

عازف عود يشعل حماس السامرين في مخيمات عمان(الجزيرة نت)
عازف عود يشعل حماس السامرين في مخيمات عمان(الجزيرة نت)

وحسب إحصائيات وزارة السياحة العمانية في تقريرها السنوي الأخير، فإن عدد المخيمات المسجلة رسميا في العام 2017 بلغ 17 مخيما، ومن المتوقع جاهزية أربعة مخيمات أخرى منتصف 2019، في حين تمت الموافقة المبدئية على تنفيذ خمسة مخيمات سياحية جديدة، إضافة إلى ذلك، فإن البعض يستقل بخيمته على سفح رملة، ينصبها متى شاء ويطويها عند الرحيل.

على أنغام العود وهزيز الريح يفترش خليفة السلماني ورفاقه الرمال، ويخبر أنه "كلما سنحت الفرصة واعتدل الطقس أتينا إلى رمال آل وهيبة، نقضي ليلنا كله في انسجام وتسامر مع الطبيعة، هذا المكان هو الخيار المفضل لشريحة كبيرة من الشباب، إذ أنك تعيش ولادة جديدة هنا".

في حين يمارس علي البلوشي مع أبنائه هواية اكتشاف الصحراء وتسلق الرمال بالسيارة واعتلاء الكثبان الرملية الشاهقة، لتبدأ مغامرة التزلج في أجواء مصحوبة بالمرح والإثارة، ولا تخلو من مخاطرة.

أما فيصل الوهيبي فيرى في التخييم متعة لا تُضاهى، وهو يجد من مراقبة حركة الرمال اللامعة وهي تتطاير مشهدا سينمائيا يخلب لبه ويسيطر على جوارحه.

هواية تسلق الرمال بالسيارات تنشط في مواسم التخييم(الجزيرة نت)
هواية تسلق الرمال بالسيارات تنشط في مواسم التخييم(الجزيرة نت)

بعض الأسر العمانية تقصد الواحات التي تنتشر وسط رمال بدية، متخذة من أشجارها كنفا وظلا ومرتعا يطيب فيه المقام، وتعتبر "واحة العيدان" من أبرز الواحات الجميلة المعروفة بكثافة أشجارها ونبع مائها، و"واحة الراكة" التي تجذب المصورين لخصب مناظرها الفنية، وواحتا "حاسك" و"الحوية" اللتان تتمتعان بمنظر بديع للكثبان الكثيفة المطلة في مشهد فريد.

واستثمارا للطبيعة، اتجه الشباب العماني إلى تهيئة مخيمات فاخرة، توفر كل ما يحتاجه رواد الصحراء الباحثين عن الاسترخاء وقضاء أوقات مميزة، خصوصا للعائلات التي تجد في المخيمات بغيتها.

"لا تبخل الصحراء على عشاقها بالأنس، كما أنها لا تبخل على أهلها بالرزق"، بتلك الكلمات عبّر صاحب مخيم بدية السياحي بدر الحجري، مشيرا إلى أن المخيمات تدر دخلا جيدا للباحثين عن الاستثمار متى ما توفرت الإدارة الجادة والتسويق.

وتبعد رمال الشرقية عن العاصمة العمانية مسقط 190 كيلومترا، وهي عبارة عن بحر رملي عملاق يمتد إلى صحراء الربع الخالي، كما يعتبرها هواة المغامرات متاهة مفتوحة على الأفق الكبير لاكتشاف مخابئها وسبر أغوارها والتعرف على جيولوجيتها المتنوعة، وهو ما يجعل البعض يقطعها متجولا لأيام عدة.

المصدر : الجزيرة