اللزاب يميز غابات لبنان والقطع يهدده

أشجار اللزاب في غابات الضنية، وبدا التقطيع من بينها
 شجرة اللزاب تحتاج حوالي خمسمائة عام لتصبح ناضجة بشكل كامل (الجزيرة نت)
 
نقولا طعمة-لبنان
 
تعتبر شجرة اللزاب من أهم ما تتميز به غابات لبنان لما تتمتع به من قدرة عالية على مقاومة عناصر الطبيعة حيث تستطيع البقاء في ظروف لا تستطيعها أية شجرة أخرى حتى شجرة الأرز التي يضعها اللبنانيون رمزا على علمهم.
 
ويشكّل اللزاب مصدرا لحطب التدفئة وللأخشاب المختلفة، وقد استفاد السكان من صلابته وجمال ألوانه الحمراء الداكنة لعدة غايات من بينها تسقيف المنازل العتيقة.
 
ويعتبر اللزاب -الذي ينتشر في غابات في جرود الهرمل وعكار والضنيّة واللقلوق، وبشكل متفرق في مختلف الغابات الأخرى- أطول عمرا حتى من الأرز الذي تعمّر إحدى شجراته الموجودة في غابة أرز الرب ما يزيد على ثلاثة آلاف عام.
 
وأوضح رئيس هيئة الحفاظ على البيئة يوسف طوق للجزيرة نت أن شجرة اللزاب تحتاج لخمسمائة عام لكي تتخذ شكلا كاملا لشجرة ناضجة، بينما تحتاج شجرة الزيتون أو الصنوبر من 10 إلى 15 عاما، والأرز من 40 إلى 50 سنة. وهي معمّرة حتى أكثر من الأرز.
 
لكن ميرنا الهبر -أول من درس اللزاب مع زوجها الراحل ريكاردوس الهبر- تقول للجزيرة نت إن ما تبقى من لزاب في لبنان يصعب تحديد عمره بسبب استمرار القطع، وكذلك بسبب الظروف القاسية التي تتعرض لها تلك الشجرة.
 
ويجمع المعنيون الرسميون والبيئيون على اعتبار تقطيع اللزاب كارثة وطنية وبيئية، ويتعذر منعه حيث لا يعي الناس أهمية تلك الشجرة.
 
ويفيد رئيس دائرة الثروة الحرجية في وزارة الزراعة في لبنان الشمالي المهندس غازي كسار أن قطع اللزاب مستمر حيث لا يملك الناس في المرتفعات وسائل تدفئة سوى حطب اللزاب.
 
كما يعزى تواصل قطع اللزاب إلى قرب أهالي المرتفعات من أحراجه بشكل يسهل وصولهم إليه فيما لا تصل دوريات مكافحة قطع الأشجار إلا مرة واحدة في الشهر إلى تلك المناطق.
 

صعوبة تكاثر شجر اللزاب (الجزيرة نت)
صعوبة تكاثر شجر اللزاب (الجزيرة نت)

صعوبة التكاثر
وعن خطورة تلك الظاهرة، يقول كسار إن المشكلة تكمن في أن تكاثر الشجرة صعب ونموها بطيء وهو ما يجعل خسائر اليوم تنعكس على الأجيال اللاحقة.
 
ويتحدث طوق عن صعوبة تكاثر اللزاب بقوله "منذ 20 عاما كان شرط التكاثر عبور بذرته في بطن طائر يأكلها ثم يتخلص منها فتخضع البذرة بداخله لتفاعل كيميائي لتتأهل للنمو".
 
ويضيف أن تجارب عديدة أجريت لإكثاره بطرق أخرى، وتحقق النجاح لأول مرة في معالجة البذرة بالاستغناء عن ذلك الطائر. لكن ذلك لا يعوض خسارة التقطيع بسبب بطء نموه الشديد.
 
وتتحدث الهبر عن أهمية الشجرة قائلة إنها لولاها لبقيت مرتفعات لبنان فوق الألفي متر جرداء، مع العلم أن جبال لبنان يصل ارتفاعها إلى ثلاثة آلاف متر، كما أنها ساهمت في تسهيل تغذية باطن الأرض بالمياه.
 
ولفتت إلى أن الشجرة تكوّن نظاما طبيعيا مهما متكاملا قائما بذاته تساهم فيه الحيوانات والحشرات والنباتات الخاصة في إحياء النظم الطبيعية وتعيد علينا منافع الغابات.
 
وقارنت بين اللزاب والأرز قائلة إنهما "يتكاملان في الدور كل من زاويته. الأرز فيه نظام طبيعي متكامل كاللزاب لكن على ارتفاع دون الألفي متر، يمكنه أن يغطي القمم على ارتفاعات غير التي يغطيها اللزاب القادر على تحمل حرارة عالية أو منخفضة، وهو ما لا يستطيعه شجر آخر".
 
وختمت الهبر موضحة أن المشكلة مع اللزاب هي ضعف انتشار صيته بخلاف الأرز الذي أصبح رمزا للبنان، ويجهل الناس أهميته البيئيّة لذلك تهمل شجرته وكأنها زيادة لا لزوم لها.
المصدر : الجزيرة