على أبوابه.. ملابس العيد فرحة للأطفال هل ستغيب هذا العام عن منازل الأسر اللبنانية؟

بهجة العيد تتمثل بإدخال الفرحة على الأطفال وإسعادهم بشراء الملابس وتوفير مبلغ من المال لهم (عيدية).

الأب طارق شاتيلا وعد أطفاله بأن يوفر لهم ملابس العيد (الجزيرة)

يرتبط العيد لدى الأطفال بالعديد من الطقوس والتجهيزات، لا سيما شراء الملابس الجديدة، التي تعتبر أول مظاهر العيد بالنسبة لهم، يقومون بترتيب كل ما يكمل زينتهم عشية العيد، ليكونوا في أبهى حلة بهذا اليوم المنتظر.

لكن هذا العيد ليس كغيره في لبنان، أطفال لن يحصلوا على أبسط حقوقهم بسبب تردي الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش وتأثيرات جائحة كورونا.

أصبح الأهل غير قادرين على رسم البسمة العريضة على محيا أولادهم، إذ اضطر الكثير من العائلات التي فقدت مصدر دخلها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة أن تقتصر تحضيراتها على مظاهر متواضعة للعيد، قد يغيب عن بعضها "ملابس العيد" للأطفال.

وباختصار، مظاهر الاحتفال بعيد الفطر هذا العام ستغيب عن العديد من منازل الأسر اللبنانية وسيخلو من الحلوى والهدايا والثياب والزينة المميزة.

حسين قلوط سيحاول شراء قطعة ملابس واحدة لابنته الوحيدة بسبب الضائقة المالية (الجزيرة)

قطعة واحدة للابنة الوحيدة

حسين قلوط يعتبر أن الفرحة غائبة في أول أيام العيد، حتى لو لم توجد كورونا، فلم يعد باستطاعته اصطحاب الأطفال لمدينة الملاهي بسبب الظروف الاقتصادية، لكن سيحاول شراء قطعة ملابس واحدة لابنته الوحيدة بسبب الضائقة المالية، فليس بقدرته الشراء أكثر.

وسيسعى مع زوجته لتنسيق "البلوزة" الجديدة مع "بنطلون جينز" مزركش موجود في خزانتها، إضافة لشراء حزام حول الخصر لتكون إطلالتها عصرية متجددة أنيقة ومناسبة لأجواء العيد.

وبالنهاية لا يقع الذنب على ابنته بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها، فهي طفلة وترغب كغيرها من الأطفال بالشعور ببهجة العيد وهذا حقها الطبيعي.

طارق شاتيلا يقول إن الملابس الجديدة هي الصورة الأجمل في عيون الأطفال لاستقبال أيام عيد الفطر السعيد (الجزيرة)

الأطفال يتشابهون في الفرح

يقول الوالد طارق شاتيلا إن الملابس كانت المطلب الأول للأطفال منذ بداية شهر رمضان المبارك، وكان قد وعدهم بأن يوفر لهم ملابس العيد، فهي جزء من فرحة كل طفل في العيد مهما كان وضعه وظروفه. فالأطفال يتشابهون في الفرح، والملابس الجديدة هي الصورة الأجمل في عيونهم لاستقبال أيام عيد الفطر السعيد.

شقير قررت شراء الثياب لأولادها لحرصها على المحافظة على أجواء العيد (الجزيرة)

الأهل صانعو فرح صغارهم

السيدة اليسار شقير، اتخذت قرارها بشراء الثياب لأولادها، لحرصها على المحافظة على أجواء العيد لديهم، إذ اعتاد الصغار على شراء كل ما يلزم من الملابس قبل أيام من حلول العيد.

وفي هذا العام، كانت هذه مهمة الأم حيث اشرت الملابس والأحذية والأغراض الشخصية، من خلال التسوق الإلكتروني، حفاظاً على السلامة ونظرا للأسعار المقبولة جدا مقارنة بالمحلات التجارية.

من الواجب على الأهل أن يكونوا صانعي الفرح في قلوب صغارهم كما تقول اليسار شقير (الجزيرة)

وتقول اليسار إن الأطفال لا يستطيعون التمييز بين الظروف التي يعاني منها لبنان حالياً بسبب "كورونا"، أو بسبب الوضع المتردي، فهم لا يستغنون عن فرحة العيد، لذا من الواجب على الأهل أن يكونوا صانعي الفرح في قلوب صغارهم، ومحاولة تجاوز المرحلة بالصبر والإيجابية.

وتعتقد اليسار أن بهجة العيد تتمثل بفرحة الأطفال، كما أن الحرص على إسعادهم يعتبر عمل خير، حتى وإن كان من والديهم، على حد تعبيرها، لذلك، لم تدخر جهداً لشراء الملابس وتوفير مبلغ من المال لهم (عيدية) تزيد فرحتهم، وترسم بذلك الابتسامة على وجوههم في المنزل، والتحضير لالتقاط صور لهم في هذا العيد "المختلف والاستثنائي" ليصبح ذكرى فيها بعد.

الاستشارية الأسرية نرمين الدنا تقول: من السنن المحببة إدخال السرور على قلوب الأطفال في العيد (الجزيرة)

شعارنا الدائم "العيد فرحة"

الاستشارية الأسرية نرمين الدنا ترى أنه من السنن المحببة إدخال السرور على قلوب الأطفال بالعيد، وعمل كل ما يزيد الفرحة والسعادة لديهم، وقد يكون ذلك من خلال تقديم الهدايا والكلام الطيب والحضن الدافئ، والتغافل عن بعض الأخطاء، وعدم الانتقاد، فهذا يوم عيد وفرحة لهم، مهما كانت الظروف المحيطة.

وتضيف الدنا أنه من الأهمية إظهار الشعائر الدينية المرافقة ليوم العيد من خلال إقامة صلاة العيد ولو في البيت، بحيث يصليها الأب والأبناء جماعة، ومتابعتها على التلفاز، وتعظيم التكبير والتوحيد.

وعلى الأهل إظهار أجمل الصور الاجتماعية التعبدية في هذه الأيام؛ إذ إن تطبيق كل هذه الأجواء يسهم في زيادة الفرحة لدى الطفل، فلا تغيب أجواء العيد لديهم.

كما تنصح الدنا الأهل بالابتعاد عن الشكوى والتذمر من الظرف الذي يحيط بالبلد (جائحة كورونا)، كما على الأهل فتح الحوارات التي تسر النفس والآخرين والأطفال، وليكون شعارنا الدائم "العيد فرحة".

ينصح الخبراء بإظهار الشعائر الدينية المرافقة ليوم العيد من خلال إقامة صلاة العيد ولو في البيت بسبب كورونا (بيكسلز)

على المسلم التهيؤ للعيد بأحسن ثيابه

الداعية جومانة الحاج تقول للجزيرة نت إن شراء الملابس الجديدة والتزين في الأعياد ينسب في التاريخ للأمم قبل الإسلام، وجاء الإسلام وأقر واقعا معروفا قبله، ولم يجد مانعا في قبول هذه المظاهر الجميلة التي تبين الفرح والسرور بالمناسبات، مشيرة إلى أن الحكمة منها إظهار الزينة والنظافة وجمال الهندام في الأعياد والصلوات والاجتماعات والزيارات.

كما أنها تشير إلى إجماع علماء الإسلام على أنه ينبغي للمسلم أن يتهيأ للعيد بأحسن ثيابه، وأن يخرج على أصحابه، ويزور أقرباءه وهو في صورة حسنة ورائحة طيبة، وهذا أمر معروف مشهور بين الناس على مختلف الأزمان، وعليه جرت عادتهم، وهو من مظاهر الفرح والسرور بهذا اليوم.

ينبغي ألا يكون هناك إسراف وتبذير في شراء الملابس (بيكسلز)

وأكدت أن الإنفاق لشراء ملابس العيد تحكمه الضوابط العامة لنفقة المسلم، فلا ينبغي أن يكون هناك إسراف وتبذير في شراء الملابس. وتابعت قولها فمكارم الأخلاق مثلا وحسن التعامل مع الناس والبشاشة عند اللقاء والنظافة والتعطر ونحو ذلك أمور مشروعة، وقامت الدلائل الشرعية على مشروعيتها واستحبابها.

وأوضحت الداعية جومانة أن هذه سنة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقد روى البخاري ومسلم عن عبد اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما قَال "أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى بها رسول الله فقال: يا رسول الله ابتع هذه تجمل بها للعيد وللوفود. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هذه لباس من لا خلاق له"، فلم ينكر عليه النبي عليه السلام التجمل للعيد، وإنما أخبره أن ارتداء هذه الجبة محرم، لأنها من حرير.

كما قال السندي في حاشيته على النسائي "منه علم أن التجمل يوم العيد كان عادة متكررة بينهم فلم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم، فعلم بقاؤها".

المصدر : الجزيرة