شاهد كيفية إعداده.. حساء الحلزون بتونس من أكلة الفقراء إلى موائد الأثرياء

يتطلب طبخ الببوش صبرا وعناية ودقة خاصة في تنظيف مكونات الحساء، ويتميز بمذاقه الشهي وفوائده الجمة، وفقا لمن جربوه.

بعد نزول الأمطار مباشرة في فصل الربيع ترى أناسا منتشرين هنا وهناك في ربوع الشمال الغربي التونسي الذي يتميز بخضرته الدائمة، تخالهم في البداية يجمعون نباتات طبية لكنك حال اقترابك تكتشف أنهم يلتقطون الحلزون الذي دأبوا على جمعه منذ سنين لطهيه أو بيعه.

الشابة التونسية زينة (30 عاما) من مدينة أصيلة محافظة سليانة -شمال غربي تونس- وتقطن منذ سنوات بالعاصمة تونس، تروي للجزيرة نت كيف كان سكان محافظتها ينتظرون بفارغ الصبر نزول الأمطار لجمع أكبر عدد ممكن من الحلزون أو كما يسمونه "الببوش" لطهيه.

ينظف الحلزون جيدا قبل الطهي ويضاف إليه إكليل الجبل وورق الغار (الجزيرة)

تقول زينة إنها سعدت جدا عندما تذوقت الحلزون أخيرا في أحد النزل (الفنادق) فهي مشتاقة إلى مذاقه اللذيذ الذي يذكرها بطفولتها، وهو ما جعلها تجوب الأسواق للبحث عنه، حتى وجدت ضالتها أخيرا في السوق المركزية فاشترت ما تيسر منه وعادت إلى البيت مسرعة لطبخ حساء الحلزون الذي تقول إن مذاقه مميز وله فوائد جمة.

طريقة طهي حساء الحلزون

ورغم مرور السنين لم تنس زينة طريقة طهي "الببوش" التي كانت تعتمدها نساء قريتها في الشمال الغربي التونسي، فنظفت الحلزون بالماء مرات عدة لتنزع عنه ما علق فيه من أتربة، ثم وضعته في إناء وسكبت عليه قليلا من مادة السميد (قمح مطحون) ليأكله الحلزون ومن ثم تنظف أمعاءه، حسب قولها.

وبعد يومين أو 3 أيام تضع الحلزون في قدر من الماء معه قليل من أعشاب إكليل الجبل وورق الغار، ثم تغليه ربع ساعة تقريبا حتى تتغير رائحته ويصبح أنظف ولا يتطلب وقتا كبيرا في الطهي. وفي الأثناء تحضر مستلزمات الحساء وهي كأس من الزيت النباتي، ومعجون طماطم، وفلفل أحمر مطحون، وملح وتوابل، وبصل وثوم، وورقتان من نبتة الغار.

الشابة زينة لم تنس كيفية طهي الببوش على طريقة نساء قريتها في الشمال الغربي التونسي (الجزيرة)

تضع زينة مكونات الحساء على نار عالية، ثم تضيف الماء تدريجيا وتنتظر حتى غليانه، ثم تسكب حبات الحلزون وتحرك الخليط بين الفينة والأخرى.

وتقول زينة للجزيرة نت إن "طبخ الببوش يتطلب صبرا وعناية ودقة خاصة في تنظيف مكونات الحساء، ويجب أن يطبخ على نار عالية مدة 40 دقيقة على الأقل ليطهى جيدا، وحال نضجه نضعه في صحن ونضيف إليه فلفلا أخضر وبعض البقدونس للزينة، ويؤكل بإبرة (أداة لاستخراج الحلزون) أو شيء حادّ، وينقع الخبز في الحساء".

من أكلة الفقراء إلى موائد الأثرياء

قديما كان الناس في المناطق النائية يجمعون الحلزون لأكله نظرا لقلة ذات اليد حتى أصبح أكلة شعبية خاصة بهم حافظوا على طهيها كل موسم، وقد أضافوا الحلزون أيضا إلى بعض أكلاتهم الأخرى مثل الكسكسي والمعكرونة كما يؤكل مطبوخا في الماء والملح وبعض التوابل.

طبق حساء الببوش (الحلزون) على الطريقة التونسية (الجزيرة)

ومن موائد البسطاء اجتاحت أطباق الحلزون موائد الفنادق والمطاعم الفخمة خاصة عند ازدهار الموسم السياحي.

يقول سامي حامدي، وهو طباخ في أحد المطاعم الراقية بتونس، إن "الحلزون من الأطباق النادرة وباهظة الثمن خاصة في النزل الفخمة، وهو أكلة صحية وغنية بالبروتين، ويكثر عليه الطلب خاصة عند ازدهار الموسم السياحي، فالسياح الفرنسيون واليابانيون مثلا يقبلون بشراهة على أطباق الحلزون".

وفضلا عن استخدامه في الطبخ فإن للحلزون استخدامات تجميلية وطبية متعددة صارت تعمد إليها كبرى مراكز وشركات التجميل في العالم، إذ يعدّ الحلزون صاحب القوقعة ثروة غذائية ومادية مهمة، وهو مورد رزق لكثير من العائلات.

المصدر : الجزيرة