إن كان طفلك متحرشا فهذا خطأ الأب.. انظر ما عليك فعله

Nagwan Lithy - على الآباء عدم التهاون في مضايقات الابن لشقيقاته بالألفاظ المهينة والعنصرية (بيكساباي) - كيف تتجنبين صناعة طفلا متحرشاً في خطوات؟
على الآباء عدم التهاون في مضايقات الابن لشقيقاته بالألفاظ المهينة والعنصرية (بيكسابي)

فريدة أحمدالقاهرة

على عكس الصورة الشائعة عن المتحرشين، فإن كثيرا من حوادث التحرش يرتكبها أشخاص حصلوا على قدر جيد من التعليم والرعاية الأسرية.

في مصر على سبيل المثال تعرض ٩٩.٣% من النساء للتحرش الجنسي، بحسب تقرير أصدرته الأمم المتحدة، وبالتأكيد لا يمكن الزعم بأن وراء هذه النسبة المرتفعة من المتحرشين ضحايا طفولة مشردة أو صعبة، والسؤال هنا: ما الذي ينتج كل هذا العدد من المتحرشين؟

للإجابة عن هذا السؤال، ربما نحتاج إلى مراجعة العملية التربوية التقليدية برمتها، وتحديدا دور الأب وسلوكياته المنزلية.

إذ يحتاج الطفل/الصبي إلى والده، عادة منذ عمر الـ 7 سنوات، وفيه يدرك أن والده هو الصورة المستقبلية له "الذكر الأعلى" الذي يحتذى به، فيتأثر بالمتغيرات التي تحدث من حوله، وبالبيئة المحيطة وبسلوكيات والديه تحديدا الأب، ويسعى إلى تخزين تلك السلوكيات واسترجاعها في فترات لاحقة بعد إعادة بلورتها.

وهذه بعض السلوكيات الخاطئة التي يمارسها الأب، ربما بطريقة غير مقصودة تنتج متحرشا:

1- تجنب الدعم والتشجيع
عدم تقديم الدعم للزوجة والثناء على مجهوداتها أمر سلبي، يؤثر على الطفل ويتوقع دائما الحصول على ما يريد دون مقابل أو بذل مجهود. كن داعما لزوجتك وابذل جهدا للثناء على ما تفعله وليس كأنه أمر عادي مسلم به، وقدم لها الشكر باعتبارها فردا لديه أفكار مميزة.

2- التنصل من الأعباء المنزلية
اتباع الطريقة التقليدية في أن الأعمال المنزلية من اختصاص المرأة فقط خاطئ. وتؤكد إميلي كين أستاذ علم الاجتماع ومؤلفة كتاب The Gender Trap وجوب مشاركة الزوج زوجته في كل الأعمال المنزلية ليري طفله أن الأعباء المنزلية ليست فرضا على جنس بعينه، خاصة أن كثيرا من الآباء يؤدون مجموعة من السلوكيات ترسخ الصورة النمطية التي تبرز أن هناك جنسا أفضل من الآخر وأن هناك جنسا مرهونا بأعمال بعينها، لذا لا بد من كسر تلك الصورة النمطية من خلال الممارسات العملية يوميا.

3- عدم الاعتذار
عدم الاعتذار عن الأخطاء سلوك سيئ. لابد من ممارسته حتى عن الأخطاء الصغيرة على مرأى من الأطفال كي يعتادوا تقدير الطرف الآخر والاهتمام به والاعتذار حال إزعاجه حتى ولو عن أمور بسيطة مثل الانشغال والتغيب عن العشاء أو إلغاء موعد مع الأسرة.

4- التعليقات السلبية
هو أمر غير لائق، كما تؤكد سوزان نيومان الأخصائية النفسية والاجتماعية في دراسة متخصصة على موقع سيكولوجي تودايPsychologytoday مؤكدة تجنب مثل تلك التعليقات التي تحط من شأن المرأة وتترك أثرا سلبيا لدى الطفل حين يتعامل مع أنثى.

ولا بد من مراقبة الألفاظ بشكل عام، وتجنب السباب والعنف داخل الأسرة، ويجب على الزوج أن يعلم أن عنفه تجاه زوجته سواء لفظيا أو جسديا يساهم بشكل كبير في صنع متحرش لا يحترم المرأة ويعتاد إهانتها.

ماذا عليك أن تفعل أيها الأب؟
التخلي عن الممارسات السابقة يجب أن يصحبه تبني أفكار وسلوكيات تربوية تساعد الطفل على تكوين نظرة سوية لائقة للجنس الآخر. بالطبع سيحتاج الأب إلى التفكير والتخطيط لكيفية تطبيقها لأن إجمالها في نقاط سريعة لا يعني أبدا أنها سهلة التطبيق، وإن كانت مضمونة النتائج، وأبرزها:

1- التعبير السلمي عن الغضب:
يجب أن يتعلم الأطفال كيفية التعبير عن غضبهم. فالعنف واستخدام الأيدي وسيلة شهيرة وتبدو فعالة للأطفال، وعندما يحرص الوالدان على منع أطفالهم من استخدام العنف يتورطان في كبت غضب أطفالهم، وكبت الغضب كما العنف لا يأتي بخير. الأفضل هنا تعليمهم كيف يعبرون عن غضبهم بالكلمات ليس أكثر.

2- الخصوصية والحدود:
على الآباء تعليم أطفالهم أن هناك خصوصية لكل شخص لابد من احترامها وعدم تجاوزها، وأن "لا، تعني دائما لا" كما تؤكد ليندا ليوز جريفث المعالجة الاجتماعية. مع ضرورة التأكيد أن الرفض لا يعني أبدا التقليل من الشخص لكنها قواعد كل شخص للتحكم فيما يخصه، ويجب على الفرد احترامه كما يجب على الآخرين احترام خصوصية الطفل وآرائه.

3- الإشارات الاجتماعية
مساعدة الطفل على تعلم الإشارات الاجتماعية واحترام رغبات الآخرين، وتشير ليندا إلى أن الأطفال لا يولدون وهم يعرفون السلوك الاجتماعي لكن من خلال التدريب اللطيف والمستمر يتعلم الأطفال ذلك، فيستطيع إدراك أن زميلته لا تريد أن تلعب تلك اللعبة، ذلك التدريب يجعل الطفل يفهم عددا من الإشارات الجسدية ويعزز لديه وضع إستراتيجية السلوك عند التعامل في مواقف مشابهة.

4- تحمل المسؤولية
يجب على الآباء تعليم أبنائهم تحمل المسؤولية، وتؤكد جريفث ضرورة أن يتحمل الأبناء مسؤولية بعض الأعمال داخل المنزل ليشعروا بضرورة التعاون وأن الأفراد متساوون، كما يمكن أن يعملوا في أعمال محددة خارج المنزل في مرحلة عمرية معينة تسمح بذلك، مما يعزز لديهم احساسهم بتحمل المسؤولية وأنهم يساهمون كأفراد داخل الأسرة.

5- التكنولوجيا شاهد على سوء السلوك
تشير سوزان نيومان الأخصائية النفسية والاجتماعية إلى أن السلوك الجيد يجب استثماره وتعزيزه لدى المراهق تحديدا من خلال استغلال الوسائل التكنولوجية المختلفة مثل الصور ووسائل البحث والتواصل الاجتماعي للكشف عن حوادث ومعلومات قديمة خاصة بمتهمين بالتحرش، حتى يتعلم الأولاد أن السلوك السيئ يبقى شاهدا عليه لعقود.

في النهاية، يجب على الآباء تحذير أبنائهم بوضوح واتخاذ الإجراءات اللازمة ومعاقبتهم إذا اضطر الأمر، في حال مضايقاتهم الشقيقات أو زميلات المدرسة، أو سماع تعليقات أو ألفاظ نابية، خاصة العنصرية تجاه المرأة، والبحث بجدية حول السبب، والذي ربما يكون تأثير صديق أو بسبب مواد تلفزيونية. حينها، يحتاج الأمر إلى إجراء آخر خاص بالصديق وأن يدرك الطفل أن كل ما يراه على الشاشة ليس أمرا واقعيا وليس محببا تكراره.

المصدر : الجزيرة