الأذرع الثمانية في ماليزيا.. يوغا الرضىا والسلام الداخلي

سناء نصر الله- كوالالمبور- الجزيرة نت- الحدائق تعتبر المكان الامثل لحصة اليوغا
يلجأ كثير من الماليزيين كغيرهم من الشعوب الآسيوية لممارسة رياضة اليوغا للاسترخاء والتأمل بعيدا عن ضغوط الحياة اليومية (الجزيرة)

سناء نصر الله-كوالالمبور

في خضم الإيقاع السريع للحياة العصرية، يلجأ كثير من الماليزيين كغيرهم من الشعوب الآسيوية لممارسة رياضة اليوغا سعيا للتنعم ببعض أوقات الاسترخاء والتأمل بعيدا عن ضغوط الحياة اليومية.

وتنتشر في العاصمة الماليزية كوالالمبور كثير من المراكز الخاصة بهذه الرياضة، كما يلجأ عشاقها من الجنسين، ومن جميع الفئات العمرية، إلى الحدائق العامة لممارستها بشكل جماعي وفردي.

التمرين في الحدائق العامة
ويتداعى عشاق هذه الرياضة في ماليزيا إلى حصص التمرين في الحدائق العامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتطوع أحد الخبراء في كل مرة لتدريب الناس والإشراف على التمرين من أجل المساهمة في نشرها والحفاظ على تقاليدها، ويعتبر اختيار المكان من أهم متطلبات هذه الرياضة.

أما من يفضل ممارستها في المراكز الخاصة، فيضطر لدفع مبلغ من 500 إلى 1000 دولار لقاء كل دورة تدريبية بحسب نوعها، وقد يمتد عدد ساعاتها إلى الأربعين.

‪الماليزيون يستخدمون وسائل التواصل لتحديد موعد ومكان حصة اليوغا‬ (الجزيرة)
‪الماليزيون يستخدمون وسائل التواصل لتحديد موعد ومكان حصة اليوغا‬ (الجزيرة)

اليوغا عراقة وانتشار
ويعود تاريخ هذه الرياضة إلى الثقافة الهندوسية القديمة قبل نحو 5 آلاف عام، واليوغا في أصلها كلمة سنسكريتية تعني التوحد والاندماج بين روح الإنسان والإله (الذات العليا)، وذلك للسيطرة على العقل والتفكير من خلال أداء طقوس روحية وجسدية تساعد على التخلص من الشوائب وتحرير النفس من شهواتها.

وانتشرت اليوغا في دول العالم في بدايات القرن العشرين عن طريق الخبيرة -أو كما تسمى اليوغي- أندرا ديفي، وهي روسية عاشت بداية حياتها في الهند، وتدربت على أيادي أشهر معلمي هذه الرياضة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الصين والولايات المتحدة وغيرها من الدول، وساهمت في فتح مراكز لهذه الرياضة، التي يقدر عدد ممارسيها في العالم بنحو 300 مليون.

جسد وروح وعلاج
تعتمد اليوغا على ركيزتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالجسد، والأخرى بالروح، ففي الناحية الجسدية تعتمد ممارسة اليوغا على العمود الفقري والعضلات، الأول يحوي النخاع الشوكي الذي يسيطر على تدفق الدم في الجسم والغدد وتقوية المناعة، بينما تتحكم العضلات والأربطة في مرونة الجسم وقوته، أما ما يتعلق بالروح فيهدف إلى الاسترخاء الذهني وبث الطمأنينة في النفس.

‪
‪"اليوغي" الرشيد شريف أكد أن اليوغا في ماليزيا مجرد رياضة ولا علاقة لها بمعتقد ديني‬ (الجزيرة)

وبحسب خبراء هذه الرياضة وممارسيها، فإن اليوغا تزيد من كفاءة أجهزة الجسم، كما تقلل من أمراض ضغط الدم وتصلب الشرايين للوقاية من حدوث الجلطات، وتساعد أيضا مرضى السكري.

وتساهم في التخلص من أوجاع الظهر والمفاصل والعضلات، وفي الحفاظ على مرونة الجسم وتوازنه وقوته وإعطائه شكلا جميلا ورشيقا.

أما من الناحية النفسية، فتساعد اليوغا على إزالة التوتر ومساعدة مرضى الاكتئاب وتحسين نوعية النوم والاسترخاء، كذلك تعزز الثقة في النفس، وتستخدم أحيانا لمعالجة الإدمان وبعض المشاكل العقلية.

‪الماليزيون يمارسون اليوغا هربا من ضغوط الحياة‬ (الجزيرة)
‪الماليزيون يمارسون اليوغا هربا من ضغوط الحياة‬ (الجزيرة)

مدارس متعددة
ويحرص الماليزيون -بحسب خبير اليوغا الرشيد شريف- على ممارسة اليوغا بوصفها رياضة تعتمد على الأوضاع الجسدية وتمارين ضبط النفس والاسترخاء والتأمل بعيدا عن أي مفهوم اعتقادي أو ديني، نظرا لوجود تحفظات على هذه الرياضة من الناحية الدينية.

ويشير شريف في حديثه للجزيرة نت إلى أن لهذه الرياضة مدارس متنوعة، تتفاوت بين السهل والصعب، تعتبر فيها "الهاثا يوغا" الرياضة المثلى للمبتدئين، وهي الأكثر انتشار في العالم لأنها تعتمد على وضعيات بطيئة بالتوازي مع التحكم في التنفس ولا تحتاج إلى مرونة عالية.

‪مدربو اليوغا في ماليزيا يتطوعون لتدريب الناس لنشرها والحفاظ على تقاليدها‬ (الجزيرة)
‪مدربو اليوغا في ماليزيا يتطوعون لتدريب الناس لنشرها والحفاظ على تقاليدها‬ (الجزيرة)

أذرع اليوغا الثمانية
وأوضح الرشيد شريف أن "الاشتانغا" تعتبر أصعب أنواع اليوغا، وهي لأصحاب الخبرات العالية في هذه الرياضة، ومنها ما يساعد الرياضيين على تسريع النبض مثل "الفينياسا" و"البور يوغا"، وهناك أنواع أخرى ومدارس أخرى مثل "بيكرام" و"الكونداليني" وغيرها.

وبيّن أن خبراء هذه الرياضة في ماليزيا يسعون إلى نشرها والتطوع للتدريب، لأن من يمارسها لا بد من أن تنعكس على سلوكه وأخلاقه، لذا فإن أهم ما تحث عليه أذرع اليوغا الثمانية هي الدعوة إلى قيم الرضى والقناعة والسلام الداخلي وعدم اللجوء للعنف وتحمل الصعوبات.

المصدر : الجزيرة