بعد الإصابة بكورونا.. متى يصبح الخضوع للجراحة آمنا؟

في الوقت الحالي، لا يمكن لأي دراسة تأكيد ما إذا كانت السلالات المتحورة أكثر خطورة من فيروس كورونا الأصلي

ما العلاج بالأجسام المضادة المُخلَّقة، وما إمكاناتها في علاج فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19″، ثم ما الوقت المناسب لإجراء الجراحة بعد الإصابة بكورونا، وهل هناك علاقة بين حبوب الطلع في الهواء وخطر العدوى بكورونا، وأيضا هل السلالات الجديدة المتحورة من كورونا أكثر خطورة؟

الأجوبة وأكثر في هذا التقرير…

ما الأجسام المضادة المُخلَّقة؟

الأجسام المضادة هي إحدى المكونات الأساسية التي يعتمد عليها جهاز الانسان المناعي، ففي مواجهة وجود عنصر خطير مثل فيروس، ينتج الجسم تلك المضادات بشكل طبيعي للتعرف على العنصر الدخيل.

وتتمثل فكرة الأجسام المضادة المخلقة (Synthetic antibody) في المختبر في اختيار أجسام مضادة طبيعية وإعادة إنتاجها بشكل اصطناعي، ومن ثم يتم إعطاؤها كعلاج، عن طريق التسريب عبر الحقن بشكل عام.

ويختلف ذلك عن إعطاء اللقاح الذي يهدف إلى حثّ الجسم على إنتاج الأجسام المضادة الصحيحة من تلقاء نفسه. أما الأجسام المضادة الاصطناعية فتُحقن بمجرد انتشار المرض لتعويض أي قصور في جهاز المناعة.

تستخدم هذه العلاجات أجساما مضادة تُسمى "أحادية النسيلة" (Monoclonal antibodies) تتعرف على جزيء معين من الفيروس أو البكتيريا المستهدفة.

جدول يقارن بين لقاحات كورونا الموجودة حاليا من حيث السعر والفعالية والجرعات ودرجة حرارة التخزين

 

هل الأجسام المضادة المخلقة طريقة علاج جديدة؟

ليس تماما، إذ تؤكد مؤسسة "ويلكوم" البريطانية (Wellcome Trust  foundation) أن "الأجسام المضادة وحيدة النسيلة هي واحدة من أقوى أدوات الطب الحديث" العلاجية، وهي تتوفر منذ حوالي 30 عاما وحصل حوالي 100 منها على براءة اختراع حاليا، لكن استخدامها كان حتى الآن يتركز في أكثر الأحيان على علاج السرطانات أو الأمراض الناجمة عن خلل في الجهاز المناعي مثل مرض كرون -التهاب الأمعاء (IBD)- وليس عن عدوى فيروسية مثل "كوفيد-19".

لكن عالِم المناعة البريطاني ألكسندر إدواردز من جامعة ريدينغ يقول إن الأجسام المضادة الاصطناعية "كانت لديها دائما إمكانات هائلة لمكافحة أي عدوى بشكل مباشر".

ومن ثم فقد جاءت الجائحة لتعزز هذا الجزء من الأبحاث على الأجسام المضادة الاصطناعية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي على نطاق أوسع إلى تسجيل "اختراق" في استخدامها ضد العدوى، وفق إدواردز.

ما مدى فعالية الأجسام المضادة المخلقة في مواجهة كورونا؟

هناك 4 مشاريع هي الأكثر تقدما لدى شركة "غلاكسوسميثكلاين" البريطانية العملاقة (GlaxoSmithKline) بالشراكة مع مختبر "فير" (Vir Biotechnology Inc) في كاليفورنيا و"ريجينيرون" (Regeneron) الأميركية، والأميركية الأخرى "إيلي ليلي" (Eli Lilly and Company) وسلتريون (Celltrion) الكورية الجنوبية.

هذا الأسبوع، أعلنت اثنتان منها عن نتائج مشجعة بعد تجربة المرحلة الثالثة لدى مئات الأشخاص مع السعي لطرح منتجاتهما بسرعة في السوق.

أعلنت "إيلي ليلي" الأربعاء عن انخفاض كبير جدا (-87%) في حالات الاستشفاء والوفيات بين المرضى الذين تلقوا مزيجا من جسمين مضادين تنتجهما. والخميس، أعلنت "غلاكسوسميثكلاين" و"فير" عن نتائج مماثلة (-85%) باستخدام الجسم المضاد "فير-7831".

وأبلغت "سلتريون" منذ يناير/كانون الثاني عن نتائج إيجابية لتجاربها، وبالمثل فعلت "ريجينيرون" بعدها ببضعة أسابيع.

يوضح الرسم التالي روزنامة مريض كورونا، أي ما يحدث له من اليوم الأول من الإصابة وحتى الشفاء، ومتى يصبح غير معد. ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول سير المرض اضغط على هذا الرابط.

روزنامة مريض كورونا، رزنامة، مفكرة كورونا

هل الأجسام المضادة المخلقة فعالة ضد السلالات الجديدة من فيروس كورونا؟

قالت صوفي مولر المديرة الطبية لشركة غلاكسوسميثكلاين في فرنسا لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "الجسم المضاد الذي طوّرته المجموعة يستهدف منطقة من بروتين شوكة الفيروس (نتوء على غلافه) لم تتغير لدى المتحورات الحالية، ومن هنا أهميته".

لكن قد لا ينطبق الأمر نفسه على متحورات قد تكون مقاومة له في المستقبل. على هذا الأساس، يركز بعض الأبحاث بدلا من ذلك على تطوير أجسام مضادة "متعددة النسيلة" قادرة على التعرف على مزيد من جزيئات الفيروس على الفور.

هل هناك علاقة بين حبوب الطلع في الهواء وخطر العدوى بكورونا؟

الجواب نعم، إذ ذكر فريق بحثي دولي تحت قيادة باحثين من "جامعة ميونخ التقنية" (TUM) و"مركز هيلمهولز ميونخ" البحثي في المجلة العلمية المتخصصة (Proceedings of the National Academy of Sciences)، بحسب دويتشه فيله، أن زيادة عدد حبوب الطلع (حبوب اللقاح) في الهواء ترفع مخاطر الإصابة بمرض "كوفيد-19" الناجم عن فيروس كورونا المستجد، حسب ما ذكرت عدة وسائل إعلام ألمانية، من بينها الموقع الإلكتروني لمجلة دير شبيغل وصحيفة "فرانكفورتر ألغمانية تسايتونغ".

وارتفع معدل العدوى في المناطق التي لا إغلاق فيها بنسبة 4%، عندما ارتفع عدد حبوب الطلع إلى 100 في كل متر مكعب من الهواء. وفي بعض المدن الألمانية بلغ عدد الحبوب في وقت الدراسة ولوقت ما إلى 500 في كل متر مكعب، ما رفع نسبة العدوى إلى 20%.

وفسر الباحثون الظاهرة كالتالي، عندما تطير حبوب الطلع، يكون رد فعل دفاعات الجسم ضعيفا على الفيروسات في الجهاز التنفسي. وينتج الجسم، من بين ما ينتجه، كمية أقل من المضادات للفيروسات.

أعراض كورونا، انفوغراف، من صفحة منظمة الصحة العالمية الاردن، بالفيسبوك للاستخدام الداخلي فقط

 

ما الوقت المناسب لإجراء الجراحة بعد الإصابة بكورونا؟

الجواب مبدئيا هو 7 أسابيع، وذلك لتقليل خطر الوفاة وحدوث مضاعفات رئوية بعد الجراحة، وذلك وفقا لدراسة دولية أجريت على أكثر من 140 ألف مريض خضعوا لعملية جراحية في أكتوبر/تشرين الأول 2020. وقد نشرت على الإنترنت في التاسع من مارس/آذار الجاري في مجلة "أنسثيزيا" (Anaesthesia).

ووفقا لمقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، قال الكاتب مارك غوزلان إنه في غضون 30 يوما من الجراحة، ترتفع مخاطر الوفاة وحدوث مضاعفات رئوية لدى المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية بعد 6 أسابيع من تشخيص إصابتهم بعدوى فيروس كورونا، لذلك، يجب تأجيل خضوع مرضى فيروس كورونا للجراحة، عند الإمكان، لمدة 7 أسابيع على الأقل لتقليل هذه المخاطر.

وأجريت الدراسة تحت إشراف خبراء من جامعة برمنغهام وبتنسيق من مستشفى رين الجامعي في فرنسا، وجمع أكثر من 15 ألف جرّاح بيانات لمرضى خضعوا للجراحة في 1674 مستشفى في 116 دولة.

واكتشف الباحثون أن المرضى يكونون أكثر عرضة للوفاة في غضون شهر واحد من العملية إذا تم إجراؤها في غضون 6 أسابيع من تشخيص الإصابة بفيروس كورونا.

في المقابل، كان لدى المرضى الذين خضعوا لعملية جراحية بعد أكثر من 7 أسابيع من الإصابة بالفيروس معدلُ مضاعفات رئوية بعد الجراحة مماثلٌ لأولئك الذين لا يعانون من عدوى فيروسية.

ويوضح الرسم الآتي 9 من أبرز أعراض فيروس كورونا. ولمعرفة القائمة التفصيلية لأعراض العدوى اضغط على هذا الرابط.

9 من أبرز أعراض عدوى كورونا (الجزيرة)

هل السلالات الجديدة المتحورة من كورونا أكثر خطورة؟

في الوقت الحالي، لا يمكن لأي دراسة تأكيد ما إذا كانت السلالات المتحورة أكثر خطورة من الفيروس الأصلي، وذلك وفقا لتقرير للكاتبين فنسون بوردناف وتريستان فاي، نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.

وحسب مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي في جامعة مونبلييه، سامويل أليزون، "علينا التمييز بين درجة خطورة الفيروس وعدد الوفيات الناجمة عنه. ومن المعقد للغاية معرفة ما إذا كانت السلالات المتحورة أكثر أو أقل خطورة، لكن نظرا لكونها معدية أكثر، فإنها من المحتمل أن تكون مميتة لفئة سكانية معينة".

بعبارة أخرى، يواجه المريض المصاب بأي سلالة متحورة المخاطر نفسها لتطوير أشكال حادة من العدوى. ولكن كلما زاد عدد حالات الإصابة بوتيرة سريعة، زادت معدلات الإصابة الحادة والوفيات بشكل أسرع.

وظهرت فرضية تفيد بأن هذه السلالات المتحورة قد تكون أكثر خطورة على فئة الشباب، في جنوب أفريقيا أولا، ثم في إنجلترا، وذلك دون وجود بيانات تؤكد ذلك.

وفي فرنسا، زادت حالات دخول المستشفيات بين صفوف المصابين من الفئات العمرية الشابة مقابل تناقصها لدى الفئات الأكبر سنا، لكن ذلك كان نتيجة عودة الوباء إلى الانتشار وتأثير اللقاحات على كبار السن.

المصدر : الجزيرة + دويتشه فيله + الفرنسية + لوفيغارو + لوموند