أكثر من ثمانية آلاف حالة إيدز بالجزائر

شباب ناشطون في توعية أقرانهم للوقاية من مرض الإيدز
undefined

أميمة أحمد-الجزائر 

تزوجت مليكة وعمرها 19 عاما، وبعد أقل من عام ازدان فراشها بطفلتها "آلاء" فغمرتها السعادة، لكن آلاء كانت تمرض كثيرا ولا تنفع معها أدوية الأطفال، فأدخلت الطفلة المستشفى حيث أجريت لها التحاليل الطبية، وكانت النتائج صادمة للأبوين، إذ إن طفلتهما مصابة بالإيدز، وعند إجراء التحليل لهما تبين أيضا أنهما مصابان، والعدوى كانت من الزوج.

انقلبت تلك السعادة إلى مأتم، فالعائلة الصغيرة تنتظر الموت القريب، مات الأب ثم تبعته الطفلة آلاء. كان ذلك قبل 15 عاما، أما مليكة فقد خضعت للعلاج بانتظام، فأصبحت متعايشة مع الفيروس، وهي تقول إن حياتها إيجابية، لكن نظرة المجتمع السلبية لها تجعل الحياة جحيما، إذ يعتبره الناس "مرض العار". وتختم مليكة حديثها للجزيرة نت، بأن كل إنسان معرض للمرض، وهذا ابتلاء من الله فليس أمامي غير الرضى والصبر.

‪الدكتور زدام دعا الشباب إلى الكشف الطوعي للوقاية من الإيدز‬ الدكتور زدام دعا الشباب إلى الكشف الطوعي للوقاية من الإيدز (الجزيرة)
‪الدكتور زدام دعا الشباب إلى الكشف الطوعي للوقاية من الإيدز‬ الدكتور زدام دعا الشباب إلى الكشف الطوعي للوقاية من الإيدز (الجزيرة)

ومليكة واحدة من 8046 مصابا بالإيدز بالجزائر حسب الدكتور عادل زدام منسق برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة المكتسب "الإيدز"
"UNAIDS"، الذي يقول إن لديهم إحصاءات تقديرية بالاتفاق مع الحكومة الجزائرية تقدر عدد المصابين بحوالي 22 ألفا و775 حالة، من بينها 8046 حالة معلنة حتى نهاية عام 2012.

العقبة الكأداء
ويتابع زدام -في تصريح للجزيرة نت- أن العقبة الكأداء في مكافحة الإيدز بالمنطقة العربية هي "التابوهات" والخوف من وصمة الإيدز كمرض العار والتمييز والتهميش، فيعزف الأشخاص عن الذهاب إلى مراكز الكشف المبكر.

ويشرح الدكتور زدام أن الجزائر عملت على تدعيم إستراتيجية التشخيص الطوعي والتشخيص الفوري للفيروس لدى المرأة الحامل في كل مراكز الطفولة والأمومة وكل عيادات التوليد عبر التراب الوطني، وذلك لوقف انتقاله إلى الجنين، وهو الهدف السادس من أهداف الألفية للأمم المتحدة. موضحا أن نسبة إصابة النساء ارتفعت 50% في عشر سنوات الماضية، وأغلب إصابتهن عن طريق الزوج، وذلك رغم وجود قوانين تشجع على الكشف قبل الزواج، إلا أن الخوف يتسبب بالعزوف عن الكشف. 

تقدر تكاليف علاج مريض الإيدز في الجزائر بما يعادل 120 ألف دولار أميركي، انخفضت للنصف باستخدام الأدوية الجنيسة. وتعتبر الجزائر رائدة في المنطقة العربية، فهي تحصي أربعة آلاف مصاب يتعالجون مجانا، حسب زدام.

ويدعو الدكتور زدام الشباب إلى الكشف الطوعي للوقاية من الإيدز، الذي تحول إلى فئة الأمراض المزمنة التي يمكن للمريض أن  يتعايش معها، ويصبح معدل الحياة للمصاب وفق الدراسات العلمية مثل الشخص السليم. 

‪بوروبة: يقدر عدد مصابي الإيدز في الجزائر بثلاثين ألف مصاب‬  (الجزيرة)
‪بوروبة: يقدر عدد مصابي الإيدز في الجزائر بثلاثين ألف مصاب‬  (الجزيرة)

توعية الشباب
وتعمل "UNAIDS" مع الحكومة والجمعيات الأهلية  لمكافحة الإيدز، من بينها جمعية "إيدز الجزائر" التي أسست عام 1991، والتي تقوم بتوعية الشباب وحثهم على الكشف المبكر. وقال عثمان بوروبة -رئيس الجمعية- إن نسبة الإصابة وفق الإحصاءات الرسمية تقدر بواحد بالألف للفئة العمرية بين 19-49 سنة، وعليه يقدر عدد المصابين  بثلاثين ألف مصاب، بينما المعلن حسب وزارة الصحة 8046 حالة. مؤكدا أن هذه الأرقام بعيدة عن الواقع لأن الكثيرين يخفون إصابتهم.

وينصح بوروبة -في لقاء مع الجزيرة نت- الشباب بالعفة والطهارة والوفاء واستخدام الواقي الذكري لمنع العدوى عن طريق الجنس، موضحا أن 95% من إصابات الإيدز هي عن طريق العلاقات الجنسية غير المحمية مع شريك مصاب.

واكتشفت أول حالة إيدز بالجزائر عام 1985، ووقتها كان الحديث عن الإيدز من المحظورات، فكان حتى الأهل يتنكرون للمريض. أما مرضى الإيدز فكانوا يعانون بالمستشفيات إذا انكشف أمرهم. وفي عام 2010 أصدرت وزارة الصحة مرسوما تلزم الأطباء بمعالجة مرضى الإيدز وإلا تعرضوا للعقوبات، وجاء ذلك في أعقاب رفض طاقم طبي توليد امرأة مصابة بالإيدز تمر بالمخاض.

والآن وبعد جهود مضنية للجمعيات والإعلام والمساجد تغيرت النظرة لمريض الإيدز عن قبل، وأصبح الشباب يذهب طواعية لمراكز الكشف، وعددها بالجزائر ستون مركزا على مستوى التراب الوطني، إلى جانب عشرة مراكز لعلاج الإيدز.

حفل فني
ونظم الديوان الوطني للثقافة والإعلام التابع لوزارة الثقافة حفلا فنيا يهدف إلى نقل رسالة التوعية بشأن الإيدز عبر وسيلة ثقافية، فشارك بالحفل مطربون ورسامون وراقصون وشعراء، وتخلله ومضات إشهارية وأفلام قصيرة عن الإيدز، وذلك كما شرح سمير مفتاح نائب مدير الديوان.

‪ملصق الحفل الفني للتوعية بالإيدز‬ (الجزيرة)
‪ملصق الحفل الفني للتوعية بالإيدز‬ (الجزيرة)

ويردف مفتاح -في تصريح للجزيرة نت- بأن الرسالة من الحفل قد وصلت، وذلك واضح من الحضور الذي تجاوز 1700. أما في الحفلة الأولى التي أقيمت عام 2010 لم يتجاوز الحضور 400 متفرج. مضيفا أنهم لجؤوا لهذه الطريقة في التوعية لأن المجتمع الجزائري مجتمع محافظ وتتحرج العائلة من الحديث عن الإيدز، ولهذا فقد قالت "النخبة" لا للصمت فإنه يزيد الضحايا، والتواصل المباشر ينهي الإحراج والرسالة تصل من الشباب إلى الشباب.

وعلى هامش حفل التوعية عرضت جمعيات تعنى بمرضى الإيدز ملصقات لتوعية الشباب، وكان لافتا أن القائمين عليها كانوا من الشباب.

المصدر : الجزيرة