الجماعة الإسلامية في بنغلاديش

جماعة إسلامية من أكبر الأحزاب السياسية ببنغلاديش، وثامن جماعة مشهورة ظهرت في العالم الإسلامي في العصر الحديث.

انبثقت الجماعة الإسلامية في بنغلاديش عن الجماعة الإسلامية الأم في باكستان التي أسسها أبو الأعلى المودودي مطلع الأربعينيات من القرن العشرين قبل انفصال الهند عن باكستان، ثم انفصال الشطر الشرقي من باكستان (بنغلاديش) عن باكستان.

التأسيس
يوم 26 أغسطس/آب 1941، اجتمع في مدينة لاهور (عاصمة إقليم البنجاب في باكستان) 75 رجلا من مختلف أنحاء  شبه القارة الهندية بقيادة أبي الأعلى المودودي، وأسسوا الجماعة الإسلامية، وانتخبوا المودودي أميرا لها.

منطلقات
المطالع لأدبيات الجماعة الإسلامية يجد تقاربا شديدا بينها وبين فكر ومنهج جماعة الإخوان المسلمين، حيث تؤكد تلك الأدبيات أن "الله وحده هو المشرع، والقرآن والسنة فقط هما منهاج حياة الإنسان، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الزعيم المثالي الواجب اتباعه في جميع مجالات الحياة".

أما رسالتها فهي "بناء المؤهلين لإقامة المجتمع الإسلامي من خلال التدريب المناسب وجعل الشعب منظما تنظيما جيدا لتأسيس حركة الإسلام" كما تعنى بالإصلاح الاجتماعي "وتطوير ورعاية المجتمع وإعادة بناء الروح المعنوية والخدمات الاجتماعية على أساس من القيم الإسلامية".

وفيما يتعلق بالشأن السياسي تقول الجماعة الإسلامية إنها تستهدف إصلاح الحكم والحكومة" وتسعى من خلال السبل الديمقراطية إلى أن تخشى القيادة الله وتكون صادقة وفعالة في جميع مجالات النظام الحاكم بدلا من القيادة غير الفعالة وغير الشريفة".

وسائل
وحول وسائل تحقيق تلك الأهداف، عددت أدبيات الجماعة "نشر الكتب والرسائل، وإصدار الصحف، وتبليغ الدعوة وإيضاح غايتها بالمحادثات والاجتماعات والخطب والمحاضرات وإقامة دور للمطالعة في القرى والحارات, عقد الحفلات الأسبوعية وجعلها وسيلة للتربية العلمية والعملية للمتأثرين بالدعوة والعاملين لها".

وتضيف إلى ما سبق "القيام بخدمة العامة واتخاذها وسيلة إلى إصلاحهم الخلقي وإيقاظ الشعور الديني والسياسي فيهم، والاهتمام بإصلاح المساجد والجوامع. والعمل على إنقاذ العامة من ظلم الحكام وموظفي الحكومة وملاك الأراضي وأصحاب المصانع والمعامل وأشرار الناس".

كما تولي أدبيات الجماعة اهتماما بالتعليم وتكريس القدوة وتعلن أن من وسائلها "إقامة المدارس الابتدائية والثانوية لتُعنى بتربية الطلاب تربية خلقية مع التعليم. كذلك إقامة المراكز لتعليم الأميين".

وتعتمد الجماعة أيضا العمل السياسي و"خوض الانتخابات وإعداد الناخبين لانتخاب نوابهم وممثليهم من الصالحين الأكفاء. والسعي لإصلاح نظام الحكم" وكذلك العمل على إصلاح قوانين البلاد لتعتمد على الشريعة الإسلامية بدلا من القوانين غير الإسلامية.

نبذ العنف
تؤمن الجماعة الإسلامية بأنه "لا يمكن بناء الدولة والتغيير الاجتماعي من خلال العنف والإرهاب والفوضى. لذا فالجماعة تريد أن يتم تداول السلطة وتولي مسؤولية إدارة الحكومة بطريقة نظامية وديمقراطية" كما تؤكد أيضا أن "العقيدة الإسلامية ليست مسألة تفرض على الشعب بالقوة".

العلنية
ورد في دستورها "أن تتخذ الجماعة كتاب الله وسُنة رسوله مصدرين للاستناد في كل شأن من شؤون الحياة، ولا يقوم كفاح الجماعة لأجل الوصول إلى غايتها على النشاط السري على غرار الحركات السرية في العالم بل إنها تعمل علنا وفي وضح النهار".

وأن "الجماعة تمارس الطرق الدستورية والقانونية للقيام بالإصلاح الذي تنشده والتغيير الذي تستهدفه، كما أنها تحاول كسب تأييد الرأي العام للتغيير الذي وضعته نصب عينيها".

الهيكلة
وضعت الجماعة العديد من القواعد للانضمام لصفوفها، منها ملء استمارة عضوية المشارك، والحضور المنتظم  للاجتماع الأسبوعي، وبقية البرامج التربوية وقراءة تفسير القرآن الكريم والحديث الشريف، والآداب وغير ذلك.

وللجماعة أمير ينتخبه أعضاؤها انتخابا مباشرا من بين عدد من المرشحين، ومن يحظى بـالأغلبية يكون هو الأمير، وللجماعة أيضا مجلس شورى مركزي لمساعدة الأمير، وعلى الأمير أن يقوم بواجباته وينفذ أحكامه دائما بالشورى. أما قيِّم الجماعة أي أمين سرها العام، فيعينه الأمير من أعضاء الجماعة بمشورة مجلس الشورى.

undefined

الانتشار
للجماعة الإسلامية أكثر من 120 فرعا منتشرا في معظم مدن بنغلاديش وقراها، ولكل فرع منها أمير محلي وقيم ومجلس للشورى ومكتبة لتوزيع كتب الدعوة ومؤسسة مالية (بيت المال).

وللجماعة أكثر من ستة ملايين عضو مؤيد، وأكثر من 25 ألف عضو عامل، وتمتلك وتدير العديد من المؤسسات، ومنها جمعية العمال، وجمعية الفلاحين وجمعية التربية الإسلامية، ومطبوعة يومية وأخرى أسبوعية، وثالثة شهرية، فضلاً عن إدارة العديد من المدارس، ويسجل طلابها حضورا قويا في ثلاث جامعات حكومية. 

الانفصال
لم تؤيد الجماعة الإسلامية حرب استقلال بنغلاديش عن باكستان عام 1971 "حفاظًا على باكستان وكيانها الإسلامي، ودعمًا للعالم الإسلامي، وتوسيعا لرقعته في مواجهة العداء الهندوسي" وحاولوا إقناع جميع الأطراف الأخرى للانضمام إلى الحوار والمصالحة بدلًا من الحرب، وبعد تسعة شهور من الحرب الدامية، حصلت منطقة باكستان الشرقية على استقلالها عن باكستان الغربية يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 1971.

وعقب انفصال بنغلاديش (باكستان الشرقية) عن باكستان، انتخب الشيخ غلام أعظم أول أمير للجماعة بالبلاد بعد الاستقلال، وجاء بعده الشيخ مطيع الرحمن نظامي. لكن الدولة فرضت حظرا على الأحزاب التي أقيمت على أساس ديني.

عام 1977، أجري التعديل الخامس على الدستور الذي رفع الحظر على الأحزاب التي أقيمت على أساس ديني ما مهد الطريق أمام الجماعة للظهور من جديد وتشكيل حزب سياسي إسلامي، وعقدت الجماعة مؤتمرا لهذا الغرض بالعاصمة داكا في الفترة من 25 إلى 27 مايو/أيار 1979 جرى فيه إعلان الجماعة الإسلامية باعتبارها حركة سياسية إسلامية.

من المشاركة إلى الإعدام
شاركت الجماعة الإسلامية عبر حزبها "حزب الجماعة الإسلامية" في الانتخابات البرلمانية المختلفة التي جرت في بنغلاديش منذ الانفصال عن باكستان، وجاءت أبرز مشاركاتها عام 2001 حيث شاركت للمرة الأولى كشريك في التحالف، وحصلت على 17 مقعدًا من أصل 300، مع اثنين من الوزراء في الحكومة.

وانتُخبت أربع من سيدات الجماعة في كوتة المرأة في البرلمان، وتحالف حزب الجماعة الإسلامية مع أربعة أحزاب في حكم البلاد لمدة خمس سنوات، وشاركت الجماعة في الحكومة من خلال وزارتَي الصناعة والشؤون الاجتماعية. 

عام 2010 اتهمت حكومة بنغلاديش بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد أبرز قادة الجماعة الإسلامية بارتكاب جرائم حرب عام 1971، وأنشأت محكمة لهذا الغرض وبدأت محاكمتهم عبر قضاة اختارتهم بعناية حتى يقوموا بإصدار ما تملي عليهم الحكومة من الحكم تجاه هؤلاء القادة وهو إعدامهم شنقا.

والمشمولون بالاتهامات هم الشيخ مطيع الرحمن نظامي (أمير الجماعة وزير الزراعة ثم الصناعة سابقا) وغلام أعظم أمير الجماعة سابقا، والشيخ محمد عبد السبحان نائب أمير الجماعة وعضو البرلمان سابقا، والأمين العام للجماعة علي أحسن محمد مجاهد.
 
وتشمل الاتهامات أيضا محمد قمر الزمان الأمين العام المساعد الأول للجماعة رئيس تحرير مجلة "سونار بنغلا"، وعبد القادر ملا الأمين العام المساعد الثاني، وأظهر الإسلام الأمين العام المساعد الثالث، ومير قاسم علي عضو المجلس التنفيذي للجماعة ومدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في بنغلاديش سابقا.

ويوم 10 مايو/أيار 2016 نفذت السلطات في بنغلاديش حكم الإعدام في الشيخ نظامي في سجن بالعاصمة داكا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية