"سيدي حمزة".. شيخ البودشيشيين الذي أغضب عبد السلام ياسين

الموسوعة - الشيخ حمزة البودشيشي

حمزة القادري شيخ الطريقة الصوفية البودشيشية، تولى زعامتها عام 1972 بعد وفاة والده، مما جعل عبد السلام ياسين يغادر الطريقة غاضبا ويؤسس لاحقا جماعة العدل والإحسان. انتشرت الطريقة في عهد الشيخ حمزة داخل المغرب وخارجه، وظل على رأسها حتى أعلن عن وفاته بداية 2017.

المولد والنشأة
ولد الشيخ حمزة القادري البودشيشي عام 1922 بقرية مداغ بإقليم بركان على الحدود المغربية الجزائرية.

الدراسة والتكوين
حفظ الشيخ حمزة القرآن الكريم، وأنهى دراسته في السلك الأول من التكوين العلمي بحسب ما يؤكده الموقع الرسمي للطريقة البودشيشية، ثم تلقى علوم الشريعة في مقر الزاوية بمداغ، كما درس علوم الفقه واللغة والنحو على يد: العالم أبي الشتاء الجامعي وعبد الصمد التجكاني والشيخ اليزناسني وحميد الدرعي.

ثم سرعان ما انتقل إلى مدينة وجدة شرق المغرب، حيث درس في المعهد الإسلامي الذي كان وقتها تابعا لجامعة القرويين الموجودة بمدينة فاس. وبعدها عاد إلى مقر الزاوية بمدينة مداغ، حيث بدأ مساره في مشيخة الزاوية مع والده العباس، وشيخ الزاوية وقتها أبي مدين القادري البودشيشي.

التجربة الصوفية
يتحدر الشيخ حمزة من عائلة صوفية شهيرة، وتُعدّ الطريقة القادرية البودشيشية في المغرب من أشهر الطرق الصوفية، ولها أتباع بعشرات الآلاف، وتحظى مواسمها الدينية -التي تنظمها في قرية مداغ شرق المغرب قرب الحدود المغربية الجزائرية- بإقبال كبير جدا.

بدأ الشيخ حمزة مساره داخل الزاوية البودشيشية مع والده عام 1939، من خلال لقائه بشيخ الطريقة وقتها الشيخ أبي مدين الذي لم يكن عندئذ يعرف حمزة.

وتكرر اللقاء لاحقا عام 1942، حيث أخذ "العهد" عن الشيخ أبي مدين البودشيشي، وحصل على ما يعرف في الأدبيات الصوفية بـ"الإذن بالذكر"، ومن وقتها لم يفارق أباه العباس وشيخ الطريقة أبا مدين.

وفي 1955 توفي الشيخ أبو مدين، وانتقلت مشيخة الزاوية إلى الشيخ العباس أبي حمزة، وتؤكد مصادر الطريقة أن الزاوية في عهده عرفت انتشارا كبيرا في مدن المغرب وقراه.

وبعد وفاة والده عام 1972، انتقلت مشيخة الزاوية إلى الشيخ حمزة، بعد وصية من والده ثار بشأنها جدل كبير، حيث كان الشيخ عبد السلام ياسين يأمل في الحصول على زعامة الطريقة بعد ملازمته الطويلة للشيخ العباس، لكن بعد تولي الشيخ حمزة المنصب، غادر الشيخ عبد السلام ياسين الطريقة غاضبا، وأسس لاحقا جماعة العدل والإحسان التي ظل زعيما لها حتى وفاته.

ويذكر متتبعون أن أسباب مغادرة الشيخ ياسين للطريقة كثيرة، وأبرزها أنه كان يتطلع لإدخال تعديلات جذرية على توجهها وأدائها بإعطائها دورا في الشأن العام، وعدم الاكتفاء بحدود الروحانية الصوفية، لكن مساعيه لم تنجح بعد تنصيب الشيخ حمزة على رأس الطريقة، فقرر المغادرة.

عمل الشيخ حمزة -بحسب مصادر الطريقة- على تجديد أذكارها "ونظم سيرها، مما زاد في إحيائها وتنشيطها"، وساهم في نشر الطريقة عبر المناطق المغربية المختلفة، علما بأن الساحة الصوفية في المغرب تشهد منافسة شرسة بين الطرق والزوايا، وفي مقدمتها الطريقة التيجانية ونظيرتها البودشيشية.

تذكر مصادر الطريقة أن الشيخ حمزة انخرط في جيش التحرير المغربي الذي قاوم الاحتلال الفرنسي، وأنه حمى عددا من المقاومين الذين فروا من جنود الاحتلال الفرنسي ووفر لهم المأكل والمشرب.

وظل الشيخ حمزة على رأس الطريقة البودشيشية سنوات طويلة، حرص خلالها على تنظيم لقاءين سنويين كبيرين في قرية مداغ، يحج إليه عشرات آلاف المريدين من داخل المغرب وخارجه، أولهما بمناسبة ليلة الـ27 من شهر رمضان، وثانيهما في ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وخلال اللقاءين يجلس الشيخ حمزة في صدر المجلس، يحيط به أبناؤه وأحفاده وبعض كبار المسؤولين في الدولة، فيما يتدافع المريدون ليصلوا إلى الصفوف الأولى لمشاهدته، وتأخذ بهم حالات "الجذبة" الصوفية، وسط ترديد الأناشيد الدينية التي تؤديها فرقة الزاوية، والتي تمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشيوخ الطريقة والمفاهيم الصوفية الكبرى.

والطريقة القادرية البودشيشية زاوية صوفية ظهرت في القرن الخامس للهجرة على يد الشيخ عبد القادر الجيلاني، واكتسبت لقبها الثاني "البودشيشية" نسبة إلى الشيخ علي بن محمد الذي كان يلقب باسم "سيدي علي بودشيش"، لكونه كان يطعم الناس خلال فترة المجاعات التي شهدها المغرب أثناء حياته أكلة شعبية تسمى "الدشيشة" (شبيهة بالبرغل).

ويزور نحو ربع مليون صوفي من المغرب وخارجه -يمثلون جنسيات وألسنة وأعراقا مختلفة متنوعة- قرية مداغ لإحياء ذكرى المولد النبوي، كل عام.

الوفاة
أعلن عن وفاة الشيخ حمزة القادري البودشيشي فجر يوم 17 يناير/كانون الثاني 2017 عن 95 عاما، إثر إصابته بنزلة برد قوية.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات