رسالة عبد الله الشامي إلى تيسير علوني

الزميل عبد الله الشامي بوم الإفراج عنه - الفرنسية
رسالة وجهها عبد الله الشامي إلى تيسير علوني في مارس/آذار 2014 خلال اعتقاله في سجون مصر دون توجيه تهم له، مما جعله يخوض إضرابا مطولا عن الطعام أثار مخاوف حقيقية على صحته. وأكد في رسالته أن إرادته راسخة لا تتغير، وأشاد بزميله تيسير علوني الذي سبق أن ذاق المرارة نفسها في إسبانيا.

وعبد الله الشامي صحفي مصري ولد في الخامس من مايو/أيار 1988، وعمل مراسلا لشبكة الجزيرة في نيجيريا، وتنقل منها ليغطي معظم الأحداث في وسط أفريقيا وغربها.

في أواخر يونيو/حزيران 2013 وصل الشامي إلى القاهرة لتغطية الأحداث التي أعقبها عزل الرئيس محمد مرسي، حيث شارك في تغطية اعتصام مؤيدي مرسي في ميدان رابعة العدوية.

ما لبث أن اعتقل الشامي يوم 14 أغسطس/آب 2013 أثناء تغطيته مجزرة فض الأمن لاعتصام ميدان رابعة العدوية، وفي 16 من الشهر ذاته عرض على نيابة قسم شرطة مدينة الشروق شرق القاهرة.

جدد حبسه مرات عديدة دون توجيه تهمة محددة له، ورفضت النيابة العامة الإفراج عنه، مما جعله يقرر خوض إضراب عن الطعام في 21 يناير/كانون الثاني 2014، لكن السلطات المصرية لم تبال بالأمر، فجددت حبسه ومُنع من الخروج من حبسه، مما أثار مخاوف على صحته.

في 16 يونيو/حزيران 2014 قرر النائب العام المصري هشام بركات الإفراج عن الشامي بعد قبول التظلم المقدم من هيئة الدفاع عنه.

وفي ما يأتي نص الرسالة التي بعث بها الشامي بعد مرور خمسين يوما على بدئه إضرابا عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقاله دون محاكمة: 

عزيزي ومعلمي تيسير علوني؛

ثلاثة أيام وأنا أحاول استشفاف الكلمات في عقلي وفؤادي لكتابة خطاب يوافق خمسين يوما على بدئي لمعركة حريتي. معركة ما برحت أحسب انتصاراتها كل يوم جديد أحياه متمسكا بإرادتي، متحديا كل شيء لأجل الوصول للحظة النصر، حين يلمس الهواء وجهي تحت سماء لا يحجبها أي شيء.

يمر وقتي في قراءة كتب تاريخ لما مضى من الزمان ولسيرة رجال الكلمة الحرة من الصحفيين وكل من سار في ركب الحرية.

حين أتطلع إلى رسالتك وأتذكر كيف تابعتك بشغف في عامي الثالث عشر حين رأيتك تغطي حرب أفغانستان وأغمضت عيني قائلا إني بعد عشرة أعوام سأكون مثلك. وكأنها كانت نبوءة تتحقق كما رأيتها، وعلمت أن هناك ثمناً باهظاً سأدفعه لاكتمالها.

والنصر آت لا محالة؛ فبعد أربعين يوما، رضخت إرادة السجن وبدأت في تسجيل الإضراب في محاضر رسمية مرفقة بتقارير طبية تقيس حالتي الصحية يطلبها النائب العام كل يومين. أراه في انكسار ضابط يحدثني بأنه لو كان بيده الأمر لأخرجني، راجياً ألا أجعله خصماً وألا تشمله دعواتي.

أعجب لمن لا يرى الضوء في آخر الممر، فما نمر به أنا وزملائي وكل مناضلي الحرية قد كان وسيكون حيثما يتوهم الاستبداد خلوده، فيسقط لا محالة من علوه إلى الهاوية، ولا يذكر إلا في لحظة يسميها التاريخ "عبرة لمن يعتبر"..

لا، ما عاد يرعبني ظلم يهددني، لا شيء أخسره..

مهما يطول الدرب، فالحق معه الرب حتما سينصره..

وقريبا، سنلتقي، وسنمضي من دون قيود..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

المصدر : الجزيرة