"جيش بلوشستان الوطني".. حركة قومية انفصالية ضد الجيش الباكستاني

"جيش بلوشستان الوطني" -الذي يعرف اختصارا باسم "بي إن إيه"- حركة قومية انفصالية مسؤولة عن هجمات عدة ضد الجيش الباكستاني ومؤسسات الدولة، خاصة في إقليم بلوشستان، أُسّست عام 2022 بعد اندماج كل من "جيش بلوشستان الجمهوري" و"جيش بلوشستان المتحد"، وتطالب باستقلال أكبر لإقليم بلوشستان عن باكستان، كما تطالب باستثمار موارد اقتصادية أكبر في المنطقة، والتوقف عن استغلال الموارد الطبيعية للإقليم.

التأسيس والنشأة

أُسّس "جيش بلوشستان الوطني" من خلال اندماج "جيش بلوشستان الجمهوري" الذي أُسّس عام 2006 بعد مقتل الزعيم البلوشي نواب أكبر بوجتي، و"جيش بلوشستان المتحد" الذي انشق عن "جيش تحرير بلوشستان" بعد خلافات بين الأخوين من قبيلة المري هيرباير ومهران، ثم انشق فصيل آخر منه تحت قيادة مُريد بلوش.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2018، وردت أنباء عن خلافات داخل "جيش بلوشستان الجمهوري" على خلفية إلغاء عضوية قائد إقليمي كبير في الحركة، وهو جُلزار إمام المعروف بـ"شامباي"، انشقت على إثره الحركة إلى فصيلين وبقيت أغلبية المقاتلين تحت قيادة جُلزار إمام.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، وقع خلاف داخل "جيش بلوشستان المتحد"، وانشق مُريد بلوش بفصيله عن الحركة الأساسية على خلفية رفض مهران المري الانضمام لتحالف من الحركات البلوشية، وانضم الفصيل المنشق بعد ذلك مع فصيل جُلزار إمام لتشكيل "جيش بلوشستان الوطني".

وفي يناير/كانون الثاني 2022، اجتمعت كلتا الحركتين في إقليم بلوشستان جنوب غربي باكستان لمناقشة السياسات والإستراتيجية المطلوبة لتوحيد "حركات التحرر القومية البلوشية"، بهدف مقاومة القوات الباكستانية، حيث أعلنوا استمرار مقاومتهم ضد القوات الباكستانية تحت اسم "جيش بلوشستان الوطني".

وبذلك يمكن عدّ أغلب مقاتلي "جيش بلوشستان الوطني" من مقاتلي "جيش بلوشستان الجمهوري" الذي كان يتكون في الغالب من مقاتلين من قبائل "بوجتي"، وتوسعت شعبيتها بعد ذلك لتضم طلابا من المناطق الحضرية في بلوشستان والفصيل المنشق من "جيش بلوشستان المتحد".

كما أن جيش بلوشستان الجمهوري يعدّ مكونا أساسيا لتحالف من الحركات القومية الانفصالية البلوشية يعرف باسم "بلوش راجي آجوي سانغار" الذي أُسّس عام 2018 وضمّ فصائل قومية أخرى مثل "جيش تحرير بلوشستان"، و"جبهة تحرير بلوشستان"، و"الحرس الجمهوري البلوشي"، والآن أصبح يضم "جيش بلوشستان الوطني" أيضا.

كذلك ضم أيضا جماعة انفصالية مسلحة من إقليم السند المجاور تعرف باسم "جيش السندوديش الثوري"، وكان يقود التحالف أسلم بلوش الذي اغتيل عام 2018 في تفجير بعد شهر تقريبا من تأسيس التحالف.

ويعدّ جُلزار إمام الملقب بـ"شامباي" وسرفراز بنغولزاي المعروف باسم "مُريد بلوش" من أبرز القادة في جيش بلوشستان الوطني.

التوجهات الفكرية والأيديولوجية

بالنظر إلى خلفية تشكيل "جيش بلوشستان الوطني"، يمكن القول إن هذه الحركة والحركات الانفصالية الأخرى في بلوشستان تشترك في الأهداف والأفكار نفسها التي تتلخص في استقلال إقليم بلوشستان عن باكستان، والمطالبة باستثمار موارد اقتصادية أكبر في المنطقة، والتوقف عن استغلال الموارد الطبيعية للإقليم.

اكتسب التمرد البلوشي أهمية متزايدة بعد دخول الصين على خط الاستثمار في الإقليم، إذ ترى الحركات البلوشية أن الاستثمار الصيني ليس إلا مجرد احتلال وسرقة لموارد المنطقة، ولذلك ركز "جيش بلوشستان الوطني" وغيره من الحركات البلوشية على استهداف المشاريع والعمال والمصالح الصينية في بلوشستان ومناطق أخرى.

Baloch militants carry their weapons as they prepare to surrender to Pakistani security forces in Quetta on April 21, 2017. Around 500 Baloch rebel militants on April 21 surrendered to Pakistan's government as Islamabad pursues its development agenda linked to the ambitious China Pakistan Economic Corridor (CPEC) in the southwest province. / AFP PHOTO / BANARAS KHAN (Photo credit should read BANARAS KHAN/AFP via Getty Images)
مقاتلون من البلوش يحملون أسلحتهم ويستعدون للاستسلام لقوات الأمن الباكستانية في كويتا عام 2017 (الفرنسية)

وقال جُلزار إمام -في مقابلة مع صحيفة "إيكرد ديلي" الكردية- في يناير/كانون الثاني 2022، أي بعد تأسيس الحركة مباشرة، "سوف يستمر كفاحنا المسلح ضد الاستثمار في بلوشستان حتى تدرك الصين أن استثمارها في المنطقة غير آمن".

وقد مر التمرد البلوشي بمراحل متعددة، ويرى بعض المحللين أن موجة التمرد مطلع عام 2023 في بلوشستان تعد "الكبرى والأكثر فتكا" مقارنة بسابقاتها. فوفقا لمقالة في مجلة "دبلومات" اليابانية الدولية، فإن الموجات الأربع السابقة لها كانت المطالبات فيها تركز على الحكم الذاتي للإقليم، بينما تركز هذه الموجة على الانفصال.

ويروّج قادة الحركات الانفصالية البلوشية رواية مفادها أن الجيش الباكستاني "يحتل إقليم بلوشستان، ويسرق موارده الطبيعية أو يوزعها بطريقة غير عادلة"، بالإضافة إلى "التمييز، وإعطاء الوظائف والمناصب للعرقيات الأخرى التي تسكن بلوشستان، وتهميش السكان البلوش الأصليين".

تقوم أيديولوجية جيش بلوشستان الوطني -وفي الغالب جميع الحركات البلوشية- على القومية الانفصالية بوجه خاص، مع الاعتقاد أن العرقية والهوية البلوشية تسبق أي اعتبارات دينية.

ووفقا للرواية الباكستانية، فإن حركات التمرد البلوشية تتلقى دعما خارجيا، وبوجه خاص من الهند والحكومة الأفغانية السابقة.

وبعد اعتقال جُلزار، قال الجيش الباكستاني إنه كان قد زار الهند وأفغانستان و"يحقق معه حول ارتباطه بوكالات استخبارات خارجية".

أبرز الهجمات والرد

نفذت الفصائل التي تشكل منها "جيش بلوشستان الوطني" قبل تأسيسه كثيرا من العمليات والهجمات التفجيرية والمسلحة ضد القوات الباكستانية والمشاريع الصينية، واستمرت الهجمات بعد التأسيس في يناير/كانون الثاني 2022، كما نفذت هجمات خارج بلوشستان.

وأبرز الهجمات التي نفذت بمجرد تأسيس الحركة هجوم لاهور يوم 20 يناير/كانون الثاني 2022 الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين، وهو تطور نادر حيث تركز الحركات البلوشية هجماتها في بلوشستان أو في إقليم السند المجاور.

وفي فبراير/شباط من العام نفسه، نفذت الحركة سلسلة من الهجمات في منطقتي بانجور وناوشكي، بمساعدة حركات بلوشية أخرى استهدفت فيلق الحدود الباكستانية في بلوشستان.

ويوم 18 يناير/كانون الثاني 2024 عقب الأزمة التي حدثت نتيجة قصف إيران مواقع في باكستان قالت طهران إنها تمثل مواقع لجيش العدل، ردت إسلام آباد بما سمته "سلسلة من الضربات العسكرية" وصفتها بأنها "دقيقة وعالية التنسيق والموجهة على وجه التحديد ضد مخابئ الإرهابيين في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية"، في إشارة إلى جماعة "جيش تحرير بلوشستان" المسلحة داخل إيران.

ونقل مراسل قناة الجزيرة عن مصادر باكستانية قولها "إن الضربات التي استهدفت محافظة سيستان بلوشستان أصابت 6 أهداف داخل 3 مواقع بعمق 40 إلى 50 كيلومترا داخل الأراضي الإيرانية". في حين نقلت وكالة الأنباء الإيرانية أن القصف أدى إلى مقتل 9 أطفال، بينهم 3 نساء و4 أطفال، وجميعهم باكستانيون.

المصدر : الجزيرة