قرية "الفاو".. أكبر المواقع الأثرية في السعودية

قرية الفاو الأثرية بالسعودية
قرية الفاو الأثرية تقع على أطراف الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية (مواقع التواصل)

قرية الفاو تقع على أطراف الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية، وتعدّ من أكبر المواقع الأثرية وأشهرها في المملكة العربية السعودية.

الموقع

تقع قرية الفاو الأثرية على بعد 100 كيلومتر إلى الجنوب من محافظة وادي الدواسر، ونحو 700 كم جنوب غربي مدينة الرياض (عاصمة المملكة العربية السعودية).

تقع المدينة القديمة عند ممر عبر جبال الطويق حيث تتقاطع مع وادي الدواسر، وتطل على الحدود الشمالية الغربية لصحراء الربع الخالي.

والقرية عبارة عن فجوة في الجبل تسمى الفاو تقع على طريق التجارة القديم الذي كان يعرف بطريق نجران-الجرفاء، الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها الشرقي، لذا كانت محطة تجارية لاستراحة القوافل.

كانت تبدأ القوافل من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران، ومنها إلى قرية الفاو، ومنها إلى الأفلاج فاليمامة، ثم تتجه شرقا إلى الخليج وشمالا إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.

التاريخ

تعرف قرية الفاو في العصور الغابرة باسم "ذات كهل" تيمّنا بأكبر الآلهة التي كان أهل المنطقة يعبدونها آنذاك، وكان ملكها "ربيعة آل ثور"، واتخذها ملوك كندة العربية عاصمة لملكهم منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الرابع للميلاد (8 قرون) قبل أن يغادروها ويتخذوا من شمال الجزيرة العربية مركزا لحكمهم.

الفاو مشهورة بين اللغويين لكونها موقع الشهادة الأولى والوحيدة للغة العربية القديمة، فالنقش بالخط السبئي يعود إلى القرن الأول الميلادي.

ويعتقد أن لغة النقش كانت مقدمة للغة العربية الفصحى التي وُثّقت أول مرة عام 328 ميلادي من خلال نقش نمارة أو ما يعرف بنقش شاهد قبر امرؤ القيس بن عمرو بن عدي.

وفي مطلع القرن الـ20 عثرت البعثة الفرنسية على كتابات نقشت بالخط النبطي المتأخر في قرية النمارة شرقي جبل العرب بسوريا.

اشتهرت القرية بأسماء أخرى غير "الفاو" فعرفت بـ"قرية الحمراء" (المدينة الحمراء)، و"ذات الجنان".

وعلى مرّ التاريخ القديم، نجت المدينة من هجمات مختلفة من الدول المجاورة، كما هو موثق في أواخر القرن الثاني الميلادي.

وكشفت الحفريات الأثرية أن المدينة تطورت من محطة مرور قوافل صغيرة إلى مركز تجاري وديني وحضري مهم في وسط الجزيرة العربية (نجد).

العصر الحديث

يعود الاهتمام بالمواقع الأثرية في قرية الفاو إلى أربعينيات القرن الماضي، عندما تحدث عنها بعض العاملين الرسميين في شركة "أرامكو" السعودية، وفي عام 1952 زار المدينة 3 من موظفي الشركة وكتبوا عنها.

كما خضعت القرية لزيارات استكشافية قام بها العديد من علماء الآثار الأجانب، وشكلت ملاحظات علماء الآثار نقطة البداية لأعمال التنقيب في الموقع.

وقام فريق من جامعة الملك سعود بأعمال تنقيب أثرية بين عامي 1970 و2003، اكتشفت قطاعين رئيسين في المدينة.

الأول كان منطقة سكنية تتكون من منازل وساحات وشوارع وسوق، أما الثاني فكان منطقة مقدسة تتكون من معابد ومقابر.

تعمل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية على تسجيل قرية الفاو في قائمة التراث العالمي، وقد وقعت مذكرة تعاون عام 2013 مع جامعة الملك سعود لتوسعة الموقع، لتصل مساحته إلى نحو 16 كيلومترا مربعا، والعمل على تطويره وتأهيله بالكامل ليصبح مزارًا تاريخيًّا وأحد المعالم السياحية.

وبدءا من الأول يناير/كانون الثاني 2014 سيّجت السلطات السعودية الموقع بالكامل للحماية من اللصوص، ويحظى الموقع برعاية حارس سعودي تربط عائلته صلات بالمنطقة.

وفي 27 يوليو/تموز 2022 أعلنت هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية عن نجاح فريق علمي سعودي وخبراء دوليين في التوصل إلى كشف جديد عن منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان منطقة الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم "خشم قرية" إلى الشرق من موقع الفاو الأثري.

وعُثر هناك على بقايا معبد بُني من الحجارة، كما عُثر في الموقع على بقايا مائدة لتقديم القرابين، بجانب العديد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان.

المعالم

يكشف موقع الفاو الأثري عن معالم مختلفة مثل المنازل السكنية والأسواق والطرق والمقابر والمعابد وآبار المياه (17 بئرا)، كما يظهر في شرق المدينة جبل كبير به كهوف ونقوش صخرية كبيرة.

أما في السوق فيظهر تآكل كبير للجدران التي دفنت تقريبًا، لكن لا يزال من الممكن رؤية بقايا تخزين الحبوب وأفران الخبز.

وعُثر على عدد من التماثيل البرونزية والنماذج في الموقع، كما يحتوي على مقبرة بها شواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي.

يوجد به أيضا عدد كبير من التلال الأثرية المنتشرة على سطحه في كل من السكن والسوق التجارية والمعبد.

ومن أبرز معالم المدينة ضريح الملك معاوية المبني على شكل هرم مدرج صغير، وأضرحة النبلاء وعلية القوم.

كما عُرض عدد من الآثار التي عُثر عليها في المواقع في معرض "روائع الآثار السعودية عبر العصور" في الولايات المتحدة الأميركية.

الأعلام والرموز

عبدالرحمن الأنصاري عالم الآثار السعودي (الصحافة السعودية)

عبد الرحمن الأنصاري

عالم آثار ومؤرخ سعودي، ولد في المدينة المنورة عام 1935، هو أستاذ الآثار السابق بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وهو الذي أعاد اكتشاف قرية الفاو الأثرية وأشرف على أعمال التنقيب فيها مدة تزيد على عقدين.

ربيعة آل ثور

كان ملكا على "كندة وقحطان"، حسب ما كشفت نصوص سبئية تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد خلال فترة شاعر أوتر أحد ملوك الأسرة الهمدانية التي ملكت سبأ وينتمي إلى حاشد.

امرؤ القيس

امرؤ القيس بن عمرو بن عدي الملقب بـ"البدء" هو ثاني ملوك الحيرة حكم في الفترة (295- 328م)، وهو أول من تنصّر من ملوك آل نصر، وكان عاملا للفرس على فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر بادية العراق والحجاز والجزيرة.

يذكر أن امرؤ القيس وهو في طريقه إلى نجران وصل إلى قرية الفاو وطرد قبيلة مذهيج الحاكمة من المدينة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية