دو كوبيرتان.. مؤسس الأولمبياد الحديثة المعارض لمشاركة النساء

الموسوعة - Pierre de Coubertin -

رجل تربية وتعليم ورياضي فرنسي، ارتبط اسمه بإحياء فكرة الألعاب الأولمبية وإعادة تنظيمها كأكبر حدث رياضي في العالم، آمن بالمبادئ النبيلة للرياضة والتعليم في تكوين المجتمعات، وجعل شعاره "أهم ما في الحياة ليس الفوز وإنما النضال بشرف". عارض مشاركة النساء في الدورات الأولمبية بحجة مراعاة التقاليد الأولمبية القديمة.

المولد والنشأة
ولد بيير دو فريدي -المعروف ببارون دو كوبيرتان وبيير دو كوبيرتان- يوم فاتح يناير/كانون الثاني 1863 بالعاصمة الفرنسية باريس.

ينحدر من أسرة فرنسية أرستقراطية، اهتم بمجال الرياضة والفن، وكان يحلم منذ صغره بتنظيم مسابقات لجميع الرياضات كوسائل تؤثر إيجابيا في تنشئة الأطفال والشباب.

الدراسة والتكوين
بدأ تعليمه في مدرسة كاثوليكية قبل أن يلتحق بمعهد الدراسات السياسية في باريس، ما بين أعوام 1882 و1885، ورغم دراسته القانونية فإن رفض العمل في مجال المحاماة بسبب اهتمامه بالرياضة.

دخل إلى المدرسة العسكرية لكنه غادرها، والتحق بالمدرسة الحرة للعلوم السياسية في باريس، ليشتغل لاحقا في مجال التعليم. كما مارس رياضات التجديف والملاكمة والفروسية والمبارزة.

نظم دو كوبيرتان الندوات والمحاضرات لدعم فكرة الحركة الرياضية في المدارس والجامعات، ولاقت أفكاره الرواج تدريجيا ولا سيما بعدما دعمها بمقالات نشرها في صحيفة "لو فرانسي" عام 1887، انطلقت على إثرها العديد من المسابقات في الجامعات الفرنسية عام 1889.

التوجه الفكري
دافع عن فكرة أهمية التعليم كطريقة وحيدة لصنع القادة في مجتمع ديمقراطي، معتبرا أن الرياضة والتربية البدنية هما جزء رئيسي في بناء شخصية الإنسان وتطويرها، حيث عرف بلقب "المجدد" في منهاج التعليم الفرنسي، ونقل الكثير عن النظام الأنجلوساكسوني إثر رحلاته المتعددة إلى إنجلترا، واستوحى منها ما يتآلف مع المتطلبات العصرية.

آمن دو كوبيرتان بأن الرياضة منبع الطاقة الروحية، ودافع عن فكرته، وطالب عام 1894 بإعادة إحياء الألعاب الأولمبية، عندما كان رئيساً للاتحاد الرياضي العام الفرنسي.

سعى إلى غرس قيم الحب والسلام بين شعوب العالم من خلال لقاءاتهم الرياضية بالدورات الأولمبية، ووضع مبدأ أساسيا للدورات الأولمبية يرتكز على أن "أهم شيء في الألعاب الأولمبية ليس الانتصار بل مجرد الاشتراك.. وأهم ما في الحياة ليس الفوز وإنما النضال بشرف".

عرف دو كوبيرتان بموقفه المعارض لاشتراك النساء في الدورات الأولمبية بحجة مراعاة التقاليد الأولمبية القديمة التي كانت تحرم على النساء المشاركة في الألعاب أو حتى مشاهدة منافساتها، لكن في ثانية الدورات الأولمبية بمدينة باريس عام 1900 تم السماح للسيدات بالمشاركة في الدورات الأولمبية حيث شاركت ست فتيات رغم اعتراض دو كوبيرتان، وتعتبر الإنجليزية "شارلوت كوبر" أول فتاة تفوز بميدالية أولمبية بعدما فازت بذهبية التنس.

التجربة الرياضية
ساهم في إنشاء وترؤس الاتحاد الرياضي العام الفرنسي USFSA، كما ترأس اللجنة الأولمبية الدولية عام 1894 وتنحى عام 1925، وظل مع ذلك رئيسا فخريا للجنة حتى وفاته.

خصص نفسه للعمل في مجال التعليم. ونشر عام 1931 مذكراته التي عبر فيها عن الطبيعة الفلسفية والفكرية لإنجازاته، وكذا أمنيته بجعل وظيفة الجمعية الأولمبية منذ البداية أرقى من مجرد دورها منظمة رياضية فقط.

إضافة إلى نجاحه في تأسيس انطلاقة الألعاب الأولمبية الحديثة انطلاقا من دورة باريس 1896، قام بتصميم شعار الألعاب ووضع دستورا لها يرتكز -وفق قوله- على أن "أهم شيء في الألعاب الأولمبية ليس الانتصار بل مجرد الاشتراك".

كما كتب دو كوبيرتان كلمات "القسم الأولمبي" عام 1920، الذي يحلف به الرياضيون في مراسيم افتتاح الألعاب الأولمبية.

وجهت لاحقا انتقادات لما يوصف بالانحراف الذي تشهده المبادئ التي دافع عنها دو كوبيرتان داخل الحركة الأولمبية الحديثة، خصوصا الفلسفة الأولمبية المتمثلة بشعار "المهم ليس الانتصار بل المشاركة".

ويرى أصحاب هذا الرأي أن الشعار المذكور أصبح متجاوزا بسبب طغيان التفكير المادي والتنافس غير الشريف من أجل تحقيق الفوز بأي ثمن، حتى أصبح الرياضيون على استعداد لتحمل الضغوط الجسدية والنفسية التي لا تطاق من أجل تحقيق ذلك.

الوفاة
توفي بيير دو كوبيرتان يوم 2 سبتمبر/أيلول 1936 بمدينة جنيف في سويسرا، وأقيم نصب تذكاري له كتب عليه "إن أولمبيا ترحب بقلب الرجل الذي أحيا الألعاب الأولمبية القديمة المقدسة من مرقدها".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية