غزالي عثماني.. رئيس جزر القمر بالانقلاب والانتخاب
عسكري قُمري، درس في الأكاديمية الملكية المغربية بمراكش والأكاديمية الحربية في فرنسا، ترقى في الرتب العسكرية إلى أن أصبح قائدا للأركان 1998، ثم قاد انقلابا عسكريا 1999 ليتربع على عرش السلطة في جزر القمر، البلد العربي الأفريقي المسلم البالغ عدد سكانه حوالي 900 ألف نسمة، ترك الحكم عام 2006، ثم عاد إليه مرة أخرى عام 2016.
المولد والنشأة
ولد غزالي عثماني في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1959 في مدينة ميتسودغي في جنوب جزر القمر.
الدراسة والتكوين
التحق بالكلية العسكرية الملكية المغربية بمكناس عام 1977 وانتظم في جناح المظليين، وتخرج فيها عام 1980، ثم تلقى دورة عسكرية في الأكاديمية الحربية في فرنسا (1985-1986).
الوظائف والمسؤوليات
بعد عودته من المملكة المغربية خدم في جيش بلاده وترقى في الوظائف والرتب العسكرية ليصبح في نهاية الثمانينيات من أكبر الضباط.
ترقى في الرتب العسكرية إلى أن أصبح عقيدا وقائدا لأركان الجيش عام 1998، وهو ما سهل عليه قيادة انقلاب 1999 منهيا حكم الرئيس تاج الدين بن سعيد، وقال إنه جنب البلاد اندلاع حرب أهلية كادت تعصف بها إثر تنامي النزعة الانفصالية بجزيرة أنجوان، ثاني كبرى الجزر الثلاث المكونة لاتحاد جزر القمر.
المسار السياسي
لم تستقر الأوضاع للكولونيل غزالي عثماني أثناء استيلائه على السلطة عن طريق الانقلاب عام 1999، وصعّدت الأحزاب السياسية من خطابها ضده، ففتح المجال لمصالحة وطنية أسفرت عن وضع دستور يمنح حكما ذاتيا واسعا لكل من الجزر الثلاث المشكّلة لدولة جزر القمر وينص على تناوب الرئاسة بينها دوريا.
وعلى إثر المصالحة الوطنية والدستور الجديد نُظمت انتخابات رئاسية عام 2002 سمحت له بقيادة البلد بزي مدني حتى 2006، ثم تنحى بموجب الدستور وعاد عام 2016 عن طريق الانتخابات، معتبرا أن تركه للسلطة كان "خطأ لن يكرره".
الحنين إلى "قصر السلام"
رغم تباهيه بترك السلطة طواعية عام 2006 ظل الحنين يتملكه للعودة إلى "قصر السلام"، فدخله من جديد عام 2016 بانتخابات طبعتها الفوضى، حسب خصومه، واحتاجت لشوط ثالث لتؤكد المحكمة العليا فوزه.
يقدم العسكري نفسه أنه "ديمقراطي بعمق"، ويتباهى بالإصلاحات التي قام بها إبان انقلابه عام 1999 وإنقاذه البلد من حرب أهلية كانت تلوح في الأفق وتهدد كيان الدولة.
بعد عودته للحكم عام 2016 حل المحكمة الدستورية العليا وعدل الدستور عام 2018، وهو ما سمح له بالحكم فترتين رئاسيتين مدة كل واحدة منهما 5 سنوات، ملغيا بذلك دستور 2001، الذي نص على تناوب الجزر الثلاث على رئاسة البلد دوريا.
وشرع في التصفية السياسية لخصومه، إذ اعتقل بعض معارضيه، ومن أبرزهم الرئيس السابق عبد الله سامبي، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة في محاكمة تعتبرها المعارضة غير نزيهة.
في الانتخابات الرئاسية 2021 أعلنت إدارة الحملة الانتخابية لغزالي عن تعرضه لمحاولة اغتيال في "أنجوان"، إلا أن المعارضة شككت في ذلك وعدّته "ذريعة لتوطيد سلطته وضرب خصومه والمُضي في الإجراءات التي تضمن بقاءه في السلطة".
لم يكن طموح عثماني محدودا بفضاء الجزر، بل تجاوزها من خلال الحضور القوي والفاعل في الفضاء الأفريقي والعربي والإسلامي المشكل للهُوية القُمرية، ليحصل على الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي عام 2023 كأول رئيس لجزر القمر يتبوأ هذا المنصب الأفريقي السامي خلفا للرئيس السنغالي ماكي سال.
الضربة القاضية
رغم قضائه في الحكم ما يربو على 15 سنة متقطعة، خاض الرئيس غزالي عثماني سباق الانتخابات الرئاسية عام 2024 بشعار "الضربة القاضية"، وفاز فيها بولاية جديدة رئيسا لجزر القمر التي يعيش 45% من سكانها تحت خط الفقر، حسب تقديرات البنك الدولي.
وحسب المحكمة العليا لجزر القمر فقد فاز غزالي عثماني في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 14 يناير/كانون الثاني 2024. ووفقا للنتائج الرسمية، فقد حصل على 57.02% من أصوات الناخبين.
ويحسب للزعيم القُمري أنه أسس إبان قدومه عام 1999 لمصالحة وطنية، وأوقف سيل الانقلابات في بلد عرف 20 انقلابا منذ استقلاله عن فرنسا عام 1975، لكن خصومه يتهمونه بتنفيذ أجندة فرنسية حين تخلى عن رفاقه الذين وقفوا في وجه المحاولة الانقلابية التي نفذها الضابط المدعوم من باريس بوب دينار عام 1995.
كما يرون أنه تساهل مع فرنسا في شأن الصراع على جزيرة "مايوت"، رابع جزر الأرخبيل القمري، التي رفضت في استفتاء شعبي الاستقلال عن فرنسا، لتُبتر الرِّجل الرابعة لدولة كان يطلق عليها الرئيس السابق عبد الله سامبي "البقرة ذات الأرجل الأربعة".