إقليم التبت.. "سقف العالم"
يقع إقليم التبت جنوب غرب الصين ويتمتع بحكم ذاتي تحت السيادة الصينية منذ سبتمبر/أيلول 1965، وفيه "هضبة التبت" أعلى هضبة في العالم، وقمة إيفرست، وتنبع منه عدة أنهار، وتتجاوز بحيراته 1500 بحيرة.
ينقسم الإقليم إلى 4 وحدات إدارية، وأبرز مدنه العاصمة لاسا ومدينة شيغاتسي ومدينة تشامدو ونغاري ونينيغتشي وناكتشو وشانان، وتسمى التبت "أرض الآلهة" لكثرة المعابد الدينية القديمة الموجودة فيها، غير أنه في كل أسرة يوجد شخص نذر نفسه للحياة الدينية.
الاسم
إقليم التبت ذاتي الحكم.
الاسم المختصر
التبت، وبالصينية "زيزانغ".
العاصمة
مدينة لهاسا، تقع على أحد روافد نهر براهمابوترا، وتعد المركز الإداري، ويطلق عليها التبتيون مدينة الشمس لشدة ارتفاعها.
اللغة
يتحدث السكان باللغتين التبتية والبورمية، وتستخدم لهجة لاسا كلغة مشتركة بين متحدثي اللغتين.
الموقع
تقع منطقة التبت جنوب غرب الصين، ويجاورها من الشمال جبل كونلون ومن الشرق جبل تانغولا، ومنطقة شينغيانغ من الشمال، ومقاطعة شنغهاي شمال شرق.
وتتاخم جنوبا مملكة بوتان ودولة النيبال وميانمار، ومن الحدود الجنوبية الغربية الهند ومنطقة كشمير.
المساحة
تبلغ مساحة المنطقة 1.2 مليون كيلومتر مربع، وهي تعادل ثمن إجمالي مساحة الصين أي نحو 12.8% من المساحة الكلية للصين، وتكوّن مع القطب الجنوبي والشمالي الأقطاب الثلاثة للكرة الأرضية.
المناخ
بسبب كون الإقليم يقع في منطقة مرتفعة نسبيا، يغلب على جوه المناخ شبه الجاف والبارد معظم أيام السنة.
الطبيعة
تشكل الجبال المشهورة عالميا كجبال الهمالايا الهيكل الرئيسي لطبوغرافية هضبة التبت، حيث توجد أكثر من 50 قمة ترتفع لأكثر من 7 آلاف متر، بالإضافة لـ11 قمة على ارتفاع أكثر من 8 آلاف متر.
وتعد قمة إيفرست (بالصينية جومولانغما) أعلى قمة بالعالم والتي يطلق عليها "القطب الثالث للكرة الأرضية".
كما تعد مركزا للأنهار الجليدية، وهي المناطق التي تكثر فيها الوديان خاصة في الجزء الشرقي والجنوبي، أشهرها وادي المنعطف الكبير لنهر يالوتسانغبو ووادي الأنهار الثلاثة.
وتعد هضبة التبت المصدر المائي الأول في آسيا، ومنبع عدد كبير من الأنهار، منها نهر براهما بوترا ونهر الهندوس والميكونغ واليانغستي.
السكان
يبلغ عدد سكان منطقة التبت 3 ملايين و648 ألف وفق إحصاءات رسمية لشبكة حكومة الصين عام 2021.
التوزيع العرقي
يتكون معظم السكان من التبتيين، بالإضافة لقبيلة "الهان" الصينية وقبيلة "الهوي" من المسلمين الصينين، ومونبا، ولهوبا، وقوميات أخرى قليلة.
الديانة
تعد الديانة اللامية (إحدى الفرق البوذية) الغالبة على ديانة الإقليم، لذا تسيطر على أمور حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويسيطر الرهبان اللاميّون على جوانب الحياة فيها.
التاريخ
يعود تاريخ التبت إلى أكثر من 18 ألف سنة قبل الميلاد. وتقول بعض الروايات التاريخية إن زعيما قبليا يدعى "سونغزان غانبو" أسس مملكة في وادي "تسنغبو" (بين وسط هضبة التبت وجنوبها) عام 620 للميلاد، وبنى قصر "بودالا" وضمّنه 999 غرفة، وتزوج الأميرة "وينغ تشنغ"، ابنة إمبراطور صيني من أسرة تانغ الملكية.
أدخل غانبو (مؤسس إمبراطورية التبت) الديانة البوذية لمنطقة التبت، ووحّد ممالك التبت السابقة، وأنشأ أبجدية التبت.
وفي القرن الثامن أصبحت التبت دولة عسكرية ذات شأن في آسيا، إلى أن اجتاحها المغول، فتم تقويض النظام الملكي، ونشأ في البلاد نظام ثيوقراطي لا يزال قائما.
وفي التاريخ الحديث ما بين عامي 1913 و1914 عقد مؤتمر في سميلا في شمالي الهند لتطبيع العلاقات بين بريطانيا والتبت والصين، وكان من نتائجه ترسيم الحدود بين الهند والتبت فيما عرف بـ"خط مكماهون"، غير أن الصين لم توقِّع عليه فبقي موضوعَ جدل وخلاف بين الصين والهند.
وفي 23 مايو/أيار 1951 وقّعت الصين مع حكومة التبت المحلية اتفاق "طرق تحرير التبت سلميا"، والذي يشار له بـ"اتفاق المواد الـ17".
وأصبح الإقليم منطقة حكم ذاتي في إطار جمهورية الصين الشعبية، حتى اندلعت انتفاضة شعبية سنة 1959 تطالب بالاستقلال، فهاجم "الثوار" الجيش الصيني، وأعلنوا الاستقلال في 19 مارس/آذار 1959.
لكن الصين أوقفت الانتفاضة، وطردت الدالاي لاما قائد عرقية بوذيي التبت المطالبة بالانفصال عن الصين، وقد فرّ بعدها إلى الهند وأقام حكومته هناك، فعينت الصين "الباشان لاما" خليفة له.
واستقر الدالاي لاما في دهار مسالا بولاية هيمشال براديش في شمالي الهند، وأسس هناك إدارة مركزية لحكومة التبت في المنفى، كما أُنشئ البرلمان التبتي عام 1960. وصدر دستور للتبت عام 1963 بهدف تحقيق "مطلب الاستقلال"، الذي تحول تدريجيا إلى مطلب حكم ذاتي أوسع.
وفي سبتمبر/أيلول 1965 منحت الصين إقليم التبت حكما ذاتيا جزئيا، حيث عقد أول اجتماع للمجلس الأول لنواب الشعب في التبت، وانتخب نائب الشعب "آبي أوانغ جيمي" رئيسا للجنة الشعبية للمنطقة، وأصبحت رسميا منطقة التبت ذاتية الحكم.
اندلاع الثورة الثقافية في عموم الصين عام 1966، أدى إلى تدمير معابد التبتيين وإتلاف تراثهم الثقافي والديني، وسجن العديد من رجال الدين، وتمت إهانتهم بطريقة مذلة.
وبعد رحيل الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، عام 1976، أبدت الصين استعدادها لعودة الدالاي لاما، من دون أن تعهد له بأي مسؤوليات، واشترطت أن تكون بكين محل إقامته، وليس "لاسا" عاصمة التبت، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض.
وقدّم الدالاي لاما عام 1987 خطة للسلام مكونة من 5 نقاط، تهدف لجعل التبت منطقة سلام وسط المنطقة المضطربة في الهمالايا، وقد اختلفت الردود على الخطة، فقد قوبلت إيجابيا في الغرب، بخلاف الصين التي رفضتها بشدة.
ومنذ 2008 اندلعت احتجاجات ضد "القمع الصيني"، وفق ما قال المتظاهرون، وتطورت فيما بعد حتى بدأ الرهبان البوذيون سلسلة "احتجاجات التضحية بالنفس" بإضرام النار في أنفسهم هي وسيلة للضغط والمطالبة بـ"الاستقلال" للتبتيين، انطلقت من إقليم سيشوان ثم انتشرت في باقي الأقاليم الصينية.
وتسببت الاحتجاجات في إثارة اضطرابات عرقلت المسيرة الدولية للشعلة الأولمبية، وتعرضت الصين على إثرها إلى دعوات لمقاطعة دورة بكين الأولمبية في أغسطس/آب 2008.
ردت الصين بشن عملية عُدّت من أكبر العمليات الأمنية منذ العملية التي أطلقتها ضد "حركة تيانمين" عام 1989.
وفي عام 2011 تخلى الدالاي لاما عن دوره كزعيم لحركة التبتيين بالخارج، واكتفى بدوره الروحي.
وتقول الصين إنه "ابتداء من القرن الـ13 ظلت الحكومة المركزية الصينية تمارس سيادتها على التبت، ولم تكن منطقة التبت قط دولة مستقلة، كما لم توجد أي حكومة دولة من دول العالم تعترف بأن التبت دولة مستقلة".
ثقافة الانتحار
وفق منظمة "الحرية للتبت"، وهي منظمة حقوقية مقرها في بريطانيا، فإن أكثر من 20 راهبا أضرموا النار في أجسادهم خلال عام 2019، من بينهم 14 شخصا لقوا مصرعهم، احتجاجا على ما تصفه جهات حقوقية، بـ "القمع الثقافي والديني" الذي تمارسه السلطات الصينية بحق سكان الإقليم.
ووفق إحصاءات غير رسمية، فإن هناك 156 شخصا، أقدموا على حرق أنفسهم في التبت منذ عام 2009، من بينهم ناشطون ورجال دين، وذلك احتجاجا على السياسات التي تتبناها الصين في إطار تشديد قبضتها الأمنية في الإقليم، لمكافحة ما تسميه النزعة الانفصالية لدى أتباع الزعيم الروحي للتبتيين، الدالاي لاما.
والانتحار لا يعد فعلا مشينا لدى التبتيين، بل هو أسمى الوسائل وأبلغها في التعبير عن الاحتجاج؛ لذا فإن حالات الانتحار في التبت تكاد تكون مسألة شبه يومية، وجزءا من ثقافة شعبه، خاصة لدى الرهبان والراهبات، الذين يرون في الإقدام على الانتحار فعلا بطوليا، إذ يضحي الفرد بنفسه من أجل الجماعة.
ووفق العقيدة البوذية التي يدين بها معظم سكان التبت، فإن الموت هو عملية انتقال من كينونة إلى أخرى، ومن هيئة إلى أخرى قد تصل إلى مرتبة الألوهية، وينظر البوذيون إلى الحياة كدار عذاب، وبالتالي فإن الموت هو الراحة الأبدية المنشودة، الذي تتحقق به حالة الانطفاء التام، التي تعرف وفق التعاليم البوذية بـ"حالة النيرفانا".
الاقتصاد
يعتمد اقتصاد التبت أساسا على الزراعة، وأشهر المحاصيل الزراعية هي الشعير والقمح والحنطة السوداء والأرز والخضراوات والفواكه، وأهمها البصل والبطاطا والتفاح والإجاص.
وتنتشر تربية المواشي كالأغنام والأبقار والجمال والخيول، ويعد ثور الياك مصدر الرزق الأساسي للعائلة التبتية، وتمثل السياحة موردا اقتصاديا مهما في الإقليم.
المواد الطبيعية
من أهم الموارد الطبيعية، بعض الموارد المعدنية وموارد الطاقة منها الفحم والملح والذهب، والطاقة الكهرمائية.
المعالم
يضم الإقليم أكثر من 1500 من البحيرات الصافية، وكثيرا من الغابات التي تكثر فيها الطيور والحيوانات.
ويوجد العديد من الآثار التاريخية مثل قصر "بوتالا" -في العاصمة- الذي يزخر بكثير من الجداريات والنقوش والمؤلفات البوذية، وهناك عديد من المعابد البوذية مثل معبد تشبانغ أكبر وأعلى معبد للبوذية في الصين، بالإضافة لمعبد سهلا ومعبد قاندان.
ومن أبرز معالم الإقليم قمة إيفرست، ومعبد جوكهانغ، ومتحف التبت، وقصر نوربولينكا، وحديقة لوبولينكا على شاطئ نهر لاسا، وهي مكان يحج إليه البوذيون، وبحيرة نامبتسو، ودير تاشيلهونبو.