جبل الأكراد بسوريا.. من الإهمال إلى التدمير

جبل الأكراد بريف اللاذقية - الموسوعة
إثر اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد انضم سكان الجبل إلى فصائل المعارضة المسلحة (الجزيرة)
سلسلة تلال مرتفعة ووعرة بريف اللاذقية؛ تسكنها أغلبية كردية وتشتهر بغاباتها الكثيفة وامتدادها على ثلاث محافظات (اللاذقية وإدلب وحماة). سيطر الجيش الحر السوري على معظم قراه بداية الثورة عام 2011.

الموقع
يقع جبل الأكراد شمال شرق مدينة اللاذقية غربي سوريا، ويحاذيه جبل التركمان شمالاومدينة الحفة والقرى القريبة منها غربا. وأغلب مساحته تتبع اللاذقية وهناك مساحة صغيرة منه داخل محافظتيْ حماة وإدلب.

ليس هناك تحديد دقيق لمساحة الجبل ولكن خبراء يقدرونها بحوالي أربعمائة كيلومتر مربع، ويتراوح ارتفاعه بين ثلاثمائة متر وألف وخمسمائة متر. ومناخه بارد شتاء غزير الأمطار تكسو تلاله الثلوج عدة مرات، ومعتدل صيفا.

ينقسم الجبل إلى ناحتيْ سلمى وكنسبا اللتين تقعان في محافظة اللاذقية وتتبع لهما عشرات القرى أهمها دويركة وطعوما ومرج الزاوية والكبانة، ويضم أيضا قرية الكندة التي تتبع محافظة إدلب، وقريتيْ السرمانية ودوير الأكراد وتتبعان لمحافظة حماة، وغيرها من القرى الصغيرة المتناثرة على التلال.

يشتهر جبل الأكراد بغابات الصنوبر والعزر والأرز والبلوط والسنديان، ويعيش فيها كثير من الحيوانات البرية كالخنازير والضباع والأرانب، وكذلك الطيور على اختلاف أنواعها لا سيما الشحرور والحجل والحمام، وتخترق تلاله وديان سحيقة تتدفق فيها المياه شتاء وبعض الينابيع صيفا.

السكان
أيضا لا تتوفر إحصائية رسمية لعدد سكان جبل الأكراد لكونه يتوزع على ثلاث محافظات، ولكن معلومات المختصين تقدرهم بـ120 ألف نسمة، أغلبيتهم من الأكراد السنة المتوزعين على أربع عشائر هي: كيخيا والموشان والعوجان والشيخان.

وهناك أقليات مسيحية وأرمنية وعلوية ومرشدية (المرشدية جماعة منشقة عن الطائفة العلوية في سوريا)، ويتحدث الجميع اللغة العربية.

التاريخ
أثبتت المكتشفات الأثرية أن الآراميين والإغريق والبيزنطيين سكنوا الجبل ودفنوا موتاهم فيه. وفي العصور الإسلامية سُمي جبل الأكراد بهذا الاسم نسبة إلى أغلبية سكانه، وهو جزء من سلسلة ما يعرف بجبال العلويين في الساحل السوري.

وقد صل الأكراد إلى الجبل مع حملة القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي الكردي، وزرعهم في المنطقة لحماية الساحل السوري وطرق إمداد حملته لتحرير القدس.

فقد هؤلاء الأكراد لغتهم الأم نتيجة البعد الجغرافي عن الناطقين بها في شمال شرقي سوريا، واندمجوا في المجتمع العربي المحيط بهم فتحدثوا لغته، واشتهروا بالكرم ورباطة الجأش في المعارك.

عاش جبل الأكراد كل الظروف التاريخية التي مرت بسوريا، ومُنح ما يشبه الحكم الذاتي خلال فترة الانتداب الفرنسي على سوريا حين فشل الفرنسيون في احتلاله رغم مشاركة العلويين في حربهم عليه، وذلك بعدما استطاع سكان الجبل -بمؤازرة من ثوار جبل الزاوية- هزيمة الفرنسيين في معركة التلول الحمر غرب ناحية سلمى التي أحرقها المحتلون بالطائرات في عشرينيات القرن العشرين.

وإثر اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد؛ انضم سكان الجبل إلى فصائل المعارضة المسلحة وشهدت مناطقهم معارك ساخنة مع النظام، وهو ما عرض قراهم للقصف العنيف فنزح معظم سكان الجبل إلى الحدود التركية للإقامة في المخيمات الآمنة نسبيا هربا من القصف، ولم يبق منهم سوى عشرين ألفا حسب إحصائية أعدتها شبكة إعلام الساحل العاملة في المنطقة. 

الاقتصاد
عانى جبل الأكراد من الإهمال الشديد على امتداد سنوات حكم حزب البعث في سوريا فكان معزولا، وعمل الأهالي على شق طريق للسيارات فيه تطوعا، ولم تصل الكهرباء إلى أغلبية قراه إلا في الثمانينات، في حين بقيت خدمات توفير المياه والصرف الصحي والاتصالات ممنوعة عنه حتى مطلع الألفية الجديدة، باستثناء ناحيتيْ سلمى وكنسبا فكان وضعهما أفضل نسبيا.

يعتمد سكان الجبل في معيشتهم على المحاصيل الزراعية ولا سيما الفاكهة كالتفاح والخوخ والكرز والزيتون والتين والعنب، كما يزرعون الحبوب والخضروات حسب توفر مياه الري. كما يعمل بعضهم في قطع الأشجار وتجارة الأخشاب والحطب، وتجارة الزهور التي يقطفونها في الربيع ويبيعونها إلى التجار في مدينتيْ حلب ودمشق.

ويخلو جبل الأكراد من أية مشاريع إنتاجية، ولا يعرف ما إن كان يحتوي على ثروات باطنية لعدم دراسته جيولوجياً.

المصدر : الجزيرة