جبهة العمل الإسلامي في الأردن
حزب أردني يوصف بأنه الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية، ويعتبر ركنا قويا من أركان المعارضة المجتمعة في إطار لجنة التنسيق العليا للمعارضة الأردنية.
النشأة والتأسيس
تأسست جبهة العمل الإسلامي أواخر عام 1992، وتعد أكبر الأحزاب الأردنية وأقواها تنظيما وأوسعها انتشارا، وهي تقود المعارضة السياسية منذ نحو عقدين من الزمن.
تحمل شعار "وأمرهم شورى بينهم"، وتنطق باسمها صحيفة "السبيل" اليومية، وترتبط ارتباطا وثيقا بجماعة الإخوان المسلمين، إذ ينتمي أغلب قياداتها وأنصارها إلى الجماعة رغم وجود مستقلين في هيئاتها الإدارية ومؤسساتها المختلفة.
التوجه الأيديولوجي
تتبنى الجبهة التوجه الإسلامي وتسعى -حسب أدبياتها- لاستئناف الحياة الإسلامية للمجتمع والسعي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف ميادين الحياة، والإسهام في بناء الأمة معنويا وماديا، وفي المشروع النهضوي العربي الإسلامي.
كما تسعى لإعداد الأمة لجهاد أعدائها من الصهاينة والمستعمرين، وخدمة القضية الفلسطينية في إطارها العربي والإسلامي، والسعي إلى تحريرها من الصهاينة المغتصبين، مع السعي نحو وحدة الأمة وحريتها ومقاومة النفوذ الاستعماري والأجنبي.
ينص النظام الأساسي لحزب جبهة العمل الإسلامي على أن الجبهة تسعى لترسيخ الوحدة الوطنية والمنهج الشوري والديمقراطي، والدفاع عن كرامة الإنسان وحقوقه وعن الحريات بصورة عامة، والاهتمام بقضايا الناس الحياتية وخدمة الجماهير، والتنمية الشاملة للمجتمع من منظور إسلامي.
ويدعو إلى ضرورة "تحقيق مبدأ الحرية المسؤولة للجميع، وترسيخ أركان الشورى وضمان التعددية السياسية وحماية الإنسان، كما يؤكدها الإسلام".
ويطالب بـ"احترام كيان المرأة وحقوقها المشروعة ودورها في تطوير المجتمع في إطار الفضائل الإسلامية، وإفساح المجال أمامها للمشاركة في الحياة العامة، وإتاحة الفرص لبروز القيادات النسائية في العمل السياسي".
المسار السياسي
قامت الجبهة منذ تأسيسها بأدوار حيوية وأساسية في الشأن السياسي الأردني، وتفاعلت مع المستجدات السياسية وقضايا الأردن الداخلية وقضايا الأمة الخارجية، خصوصا القضية الفلسطينية التي شكلت أحد أبرز اهتمامات الجبهة منذ إنشائها.
شاركت في أول استحقاق انتخابي بالانتخابات التشريعية عام 1993، وحصلت على 17 مقعدا برلمانيا من أصل ثمانين.
قاطعت انتخابات عام 1997 بعد توتر العلاقة مع السلطات عقب اتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، وبعد أن شعرت أن نظام الصوت الواحد يفرض على المواطن انتخاب مرشح واحد بغض النظر عن عدد المقاعد في دائرته، بدلا عن نظام القائمة المفتوحة الذي يتيح انتخاب مجموع المرشحين في الدائرة الانتخابية الواحدة.
شاركت في انتخابات 2003 -التي نظمت بعد تأجيل لنحو عامين- رغم بقاء نظام الصوت الواحد، وذلك لكونها أول انتخابات تجري في عهد ملك البلاد الجديد عبد الله الثاني (1999)، وحصلت على 17 مقعدا -أحدها لسيدة- من أصل 110، مما يعني تراجعا عن نتائج عام 1993 الانتخابية، لكن التراجع الأبرز كان في انتخابات 2007، إذ لم تحصل على أكثر من ستة مقاعد.
قررت مقاطعة انتخابات عام 2010 بسبب ما وصفته قيادتها بتغول السلطة وتعديها المستمر على الحريات العامة ومساعيها المستمرة أمنيا وسياسيا لإضعاف الجبهة انتخابيا، وتقليص هامش التحرك السياسي أمامها بتطبيق قانون الصوت الواحد الذي تعتبره جاء أصلا للحد من حضورها الانتخابي.
انعكست النتائج الهزيلة في انتخابات 2007 على الوضع الداخلي لجبهة العمل وجماعة الإخوان معا، إذ برزت صراعات داخلية حول عدد من القضايا الخلافية، من بينها العلاقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وطرق إدارة وتسيير الحزب.
وكثر الحديث عن تيار الصقور وتيار الحمائم، خاصة بعد اختيار مجلس شورى الجماعة لزكي بني ارشيد لتولي الأمانة العامة لحزب الجبهة، لكن تنحي الأخير وعدم ترشحه للمنصب نزع فتيل الصراع والخلاف، واختير حمزة منصور بدلا منه.
في بداية عام 2011 صعّدت الجبهة من خطابها ورفعت سقف مطالبها وعلقت الحوار مع الحكومة ورفضت المشاركة في حكومة معروف البخيت، بل إنها ذهبت أكثر من ذلك حين طالبت البخيت بالاعتذار عن تشكيل الحكومة الجديدة، وقالت إن الحكومة التي شكلها في السابق هي من تولى تزوير انتخابات 2007.
شاركت بفعالية في المظاهرات والاعتصامات المطالبة بالإصلاح السياسي والاجتماعي، وحملتها الحكومة مسؤولية أحداث العنف التي صاحبت تلك التحركات، وقالت إنهم يتلقون أوامر من حماس والإخوان لزعزعة الاستقرار في البلاد.
دخلت في الحراك الاجتماعي والسياسي الأردني الموازي للحراك الذي عرفته بعض البلدان العربية في إطار الربيع العربي عام 2011، وانخرطت فيه مع بقية قوى المعارضة الأردنية.
كانت من القوى السياسية التي التقت الملك عبد الله الثاني بوفد مشترك بين جماعة الإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي، في أول لقاء من نوعه منذ تسلم الملك الحكم.
طالبت بإجراء تعديل على الدستور بما يخول رئيس الأغلبية النيابية تولي منصب رئيس الوزراء للحد من صلاحية الملك في تكليف رئيس الوزراء.
قاطعت الانتخابات البرلمانية يوم 23 يناير/كانون الثاني 2013 لعدم ثقتها في الحكومة وإجراءاتها والقانون الانتخابي الذي وصفته بالمتخلف، كما رفضت المشاركة في الحكومة.
اشتكت في مارس/آذار 2014 من أن أعضاءها وأنصارها يتعرضون لـ"ضغوط وتهميش وتأخير" في المطارات والحدود، إلى غير ذلك من المضايقات.
طالب أمينها العام حمزة منصور في مذكرة وجهها لرئيس الحكومة عبد الله النسور بالتدخل، قائلا "على الرغم من ضمان الدستور الأردني المساواة بين الأردنيين وتأكيدات الملك على أن الإسلاميين جزء من النسيج الوطني، فإن بعض الممارسات ما زالت تؤكد على وجود موقف إقصائي تجاههم".
انتخب مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي في يوليو/تموز2014 عبد المحسن العزام رئيسا لها وفي الشهر الموالي انتخب محمد عواد الزيود أمينا عاما جديدا للجبهة خلفا لحمزة منصور.
تشنجت علاقتها مع السلطات الأردنية بعد اعتقال الأخيرة لنائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن زكي بني ارشيد يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بتهمة "تعكير العلاقة مع دولة شقيقة"، في إشارة إلى دولة الإمارات العربية حيث انتقد بني ارشيد القائمة التي نشرتها أبو ظبي للمنظمات "الإرهابية"، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين.
وفي سبتمبر/أيلول 2024 كشفت النتائج الأولية لعملية فرز الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأردنية عن تقدم المعارضة الإسلامية، إذ حصل مرشحو حزب جبهة العمل الإسلامي على 32 مقعدا من أصل 138.
ووفقا للنتائج الأولية، حصد مرشحو حزب جبهة العمل الإسلامي نحو 18 مقعدا على مستوى القائمة الحزبية بعد فرز نحو نصف مليون صوت، إضافة إلى تقدم الحزب في القوائم المحلية بما يقارب 14 مقعدا.
وأكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن مراد العضايلة أن الجماعة لا تسعى للمغالبة ولا الاستحواذ في الانتخابات البرلمانية لعام 2024.
وأضاف أن هدف الجماعة الحفاظ على مصالح الدولة الأردنية وتمتين الجبهة الداخلية على المستوى السياسي والاقتصادي بشكل حقيقي وفاعل، ومواجهة المخاطر الجمة التي تواجه الأردن، لا سيما المشروع الإسرائيلي.