زوما.. عقود من النضال وعزل بتهم فساد
المولد والنشأة
ولد جاكوب جيديليليكزا زوما يوم 12 أبريل/نيسان 1942 في بلدة إنكاندلا بإقليم ناتال بجنوب أفريقيا، من أسرة تنتمي إلى عشيرة موشولوزي من قبيلة الزولو. توفي والده وهو ابن ثلاث سنوات، فاضطرت والدته للعمل خادمة.
الدراسة والتكوين
بسبب طفولته المحرومة لم يتلق أي تعليم رسمي، لكن ذلك لم يمنعه من النجاح في عالم السياسة، فتعلّم القراءة والكتابة في السجن.
وقد عرف بعصاميته وقوة عزيمته، ومارس العمل اليدوي وهو في الـ15 عاما، ووصفت الوظائف التي كان يقوم بها بأنها صعبة وشاقة وغريبة.
التجربة السياسية
انخرط مبكرا في صفوف المؤتمر الوطني الأفريقي الذي انضم إليه عام 1959 والتحق بجناحه المسلح المناهض للنظام العنصري في بلاده، وسجن عام 1963 وبقي سجينا عشر سنوات، ومنذ سجنه أصبح ذا شعبية واسعة داخل حزب المؤتمر.
غادر جنوب أفريقيا إلى المنفى عام 1975، وأمضى 12 سنة متنقلا بين بعض البلدان الأفريقية ناشطا في حزب المؤتمر الوطني، فأقام في سوازيلاند ومنها انتقل إلى موزمبيق عام 1977.
لكنه اضطر لترك موزمبيق عام 1987 بموجب اتفاق بينها وبين حكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فانتقل إلى زامبيا ليلتحق بمكتب رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في لوساكا، وبقي بها حتى عاد إلى بلاده عام 1990 بعد الاعتراف بحزب المؤتمر الوطني.
وعبر مساره السياسي في المؤتمر الوطني الأفريقي، تقلّد العديد من المسؤوليات فيه، فقد انتخب نائب رئيس ممثلية الحزب في موزمبيق عام 1984، وعضوا للجنته التنفيذية عام 1977، ثم عضوا بالمجلس السياسي والاستخباراتي للحزب.
وفي 1991 انتخب نائبا للأمين العام للحزب بتزكية من مانديلا، وخاض انتخابات اختيار رئيس وزراء إقليم كوازولو ناتال عام 1993، وعُيّن عضوا في اللجنة التنفيذية للشؤون الاقتصادية والسياحة في حكومة الإقليم.
وأصبح ثالث شخصية في الحزب بعد مانديلا ومبيكي، وعين في ديسمبر/كانون الأول 1997 نائبا لرئيس الحزب، ثم نائبا لرئيس البلاد ثابو مبيكي من عام 1999 إلى 2005.
وانتخب رئيسا للحزب خلال مؤتمره القومي الذي انعقد في ديسمبر/كانون الأول 2007، ثم انتخب رئيسا لجمهورية جنوب أفريقيا يوم 6 مايو/أيار 2009.
أقاله الرئيس ثابو مبيكي من منصب نائب رئيس الجمهورية بتهمة تتعلق بالفساد عام 2005، لكنه بقي نائبا لرئيس حزب المؤتمر، وفي عام 2007 وجّه له الادعاء الوطني في جنوب أفريقيا تهمة الفساد على خلفية صفقة أسلحة تابعة للدولة.
ولم تكن تهم الفساد التهم الوحيدة التي تعرض لها، فقد اتهم بالاغتصاب، وتعرض للمحاكمة بهذه التهمة، واشتهر بغرامه بالنساء وعلاقاته بهن رغم أنه تزوج من ثلاث سيدات.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017 قضت المحكمة الدستورية بأن البرلمان أخفق في محاسبة الرئيس في فضيحة تتعلق بتجديد منزله بأموال الدولة، وطالبت باتخاذ إجراءات تفضي لعزله من منصبه.
وأثناء قراءته نص الحكم، قال القاضي كريس جافتا "نرى أن البرلمان لم يحمل الرئيس المسؤولية.. يجب عليه أن يضع آلية يمكن استخدامها لعزل الرئيس من منصبه".
قرر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم بجنوب أفريقيا فجر الثلاثاء 13 فبراير/شباط 2018 -في ختام اجتماع استغرق 13 ساعة- إقالة الرئيس جاكوب زوما من منصب رئيس البلاد بعدما فشلت الضغوط التي مارسها عليه لإقناعه بالاستقالة.
وبعد ذلك بيومين أي يوم 15 فبراير/شباط 2018 أعلن زوما استقالته من منصبه، مذعنا لمطالب حزبه ليضع نهاية لسنوات حكمه التي امتدت لتسع سنوات شابتها الفضائح.
ورغم ذلك قال زوما في خطاب الوداع الذي استمر ثلاثين دقيقة، إنه يختلف مع الطريقة التي دفعه بها الحزب لترك السلطة مبكرا بعد انتخاب سيريل رامافوسا رئيسا للحزب في ديسمبر/كانون الأول 2017.
وكان زوما يواجه احتمال العزل من منصبه عندما يصوت البرلمان في اليوم ذاته على مذكرة لسحب الثقة عنه بناء على قرار من حزب المؤتمر الوطني، بعد إصداره قرارا طالب فيه زوما بالتنحي عن منصبه.
ويواجه الرئيس جملة من الاتهامات المتعلقة بالفساد، كما أن حزبه يحمّله مسؤولية تعثر الاقتصاد، فضلا عن تراجع شعبية المؤتمر الوطني. وفي المقابل، استنكر زوما التحركات الممهدة لقرار إلى إقالته من رئاسة البلاد، واصفا إياها بالظالمة جدا.
كما قال في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون إن أحدا لم يخبره ما الذي اقترفه حتى تتم مطالبته بترك منصبه، نافيا ارتكابه أي مخالفات. وجاءت تصريحات زوما واستقالته في وقت اعتقلت فيه الشرطة بعض أصدقائه، وبينهم أحد أفراد عائلة "جوبتا" الثرية الهندية الأصل.
والاتهامات التي وجهت لزوما يتعلق بعضها بصفقات أسلحة، وتسهيل صفقات لعائلة جوبتا، فضلا عن إهدار أموال عامة على تجهيز منزله.
الجوائز والأوسمة
تم تكريمه ومنحه جائزة نيلسون مانديلا للقيادة المتميزة في العاصمة الأميركية واشنطن عام 1998، واحتل المرتبة الثامنة في تصنيف مجلة تايم لقائمة أكثر مئة شخصية مؤثرة في العالم عام 2008.