بدأ قبل أزمة أوبك.. تنافس اقتصادي يحتدم بين السعودية والإمارات

ميدان - محمد بن زايد ومحمد بن سلمان
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (يسار) لطالما اعتبر مقربا من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (مواقع التواصل الاجتماعي)

في الاجتماع الأخير لتحالف "أوبك بلس" عارضت الإمارات بشدة اقتراحا يمهد للتوصل إلى اتفاق، واصفة إياه بأنه "غير عادل"، مما تسبب في تأجيل الاتفاق، الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة عملية موازنة الأسعار في سوق النفط الخام خلال أزمة وباء كوفيد-19.

ويشكل الموقف الإماراتي تحديا نادرا للسعودية في سوق النفط من حليف وثيق، والمملكة أكبر مصدّر للخام في العالم وصاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي.

لكن التباين بين "الحليفين" بدأ قبل الخلاف النفطي، وبينما يقول مراقبون إن القطيعة الكاملة أمر مستبعد بين الدولتين فإن الروح التنافسية الجديدة ستزداد حدة على وقع التغيير الكبير الذي تشهده السعودية.

ويقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة غير مسبوقة لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط، مستفيدا من خبرة الإمارات الناجحة في هذا المجال، ولطالما اعتُبر الأمير الشاب مقربا من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، علما أنهما لم يظهرا معا منذ فترة.

تنافس اقتصادي على حساب الصداقة

ويرى خبراء أن التنافس الاقتصادي في طليعة أسباب التباين بين الدولتين، في وقت تحاول دول الخليج الاستفادة قدر المستطاع من احتياطاتها النفطية الهائلة بينما تواجه بداية نهاية عصر النفط، والسعودية في حاجة ماسة إلى تمويل ضخم لبرنامجها الاقتصادي قبل اكتمال التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.

ويقول الخبير السعودي المقرب من دائرة الحكم علي الشهابي إن المملكة "عانت 50 عاما من الخمول في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، وعليها الآن أن تلحق بالركب".

ويضيف الشهابي أن الإماراتيين "سيتفهمون أنه يتعين عليهم توفير بعض المساحة لذلك".

وترى المسؤولة السابقة في البيت الأبيض كريستين فونتينروز -وهي حاليا المسؤولة عن الملف السعودي في معهد "المجلس الأطلسي"- إن الجارين قررا أنه "عليهما إعطاء الأولوية لمستقبلهما المالي على حساب صداقتهما". وتتابع "لا ضغينة هنا، مجرد حقائق اقتصادية".

ولطالما كانت السعودية عملاقا اقتصاديا نائما، لكنها باتت تنافس دبي (المركز الرئيسي للأعمال والخدمات في المنطقة) من خلال تطوير قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا.

وفي ظل محدودية الحوافز لديها أصدرت المملكة في فبراير/شباط الماضي إنذارا للشركات الأجنبية بأن تلك التي تسعى للحصول على عقود حكومية سيتعين عليها أن تنقل مقرها الإقليمي الرئيسي إلى المملكة بحلول عام 2024.

ويقول مستشار مقرب من دوائر الحكم الإماراتية -طلب عدم الكشف عن هويته- "كانت هناك بعض الضربات تحت الحزام من جارتنا، لكن الأمور ستبقى تحت السيطرة إن شاء الله"، مضيفا "نحن نرحب بالمنافسة".

Workers connect drill bits and drill collars, used to extract natural petroleum, on Endeavor Energy Resources LP's Big Dog Drilling Rig 22 in the Permian basin outside of Midland, Texas, U.S., on Friday, Dec. 12, 2014. Of all the booming U.S. oil regions set soaring by a drilling renaissance in shale rock, the Permian and Bakken basins are among the most vulnerable to oil prices that settled at $57.81 a barrel Dec. 12. With enough crude by some counts to exceed the reserves of Saudi Arabia, theyre also the most critical to the future of the U.S. shale boom.
الموقف الإماراتي المعارض لاتفاق أوبك بلس يشكل تحديا نادرا للسعودية في سوق النفط من حليف وثيق (غيتي إيميجز)

البداية من "مستنقع" حرب اليمن

وبدأ التباين الأول في العلاقة واضحا في منتصف 2019 عندما خرجت الإمارات على عجل من النزاع الكارثي في اليمن بعدما لعبت مع السعودية الدور الأبرز في التحالف العسكري التي تقوده المملكة في هذا البلد ضد الحوثيين المدعومين من إيران منذ 2015.

ووجدت الرياض نفسها لا تزال تكافح للخروج من "مستنقع" اليمن بأقل الأضرار.

ويقول الشهابي "هل كان هناك بعض الحساسية السعودية عندما خرج الإماراتيون بسرعة من اليمن؟ نعم"، مضيفا "كان يأمل السعوديون أن يكون الإماراتيون أقل عجلة (…) وأكثر تنسيقا".

التطبيع المنفرد

في موازاة ذلك، أبرزت التحركات الدبلوماسية الإقليمية الكبرى اختلافا آخر في وجهات النظر، فقد طبّعت الإمارات علاقاتها مع إسرائيل في 2020 في اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة، وتوسع في وقت لاحق ليشمل البحرين والمغرب والسودان، ولم تحذُ الرياض حذوها رغم تشجيع واشنطن.

وكان يتم عادة التعامل مع المصالح المتباينة بحذر شديد، لكن الخلافات هذه المرة بدأت تخرج إلى العلن، لكن محللين يؤكدون أن الجارين بعيدان جدا عن الانقسام، وتقول فونتينروز "الحديث عن صدع أمر مبالغ فيه (…)، فكلاهما يحاولان تأمين مستقبلهما الاقتصادي".

المصدر : دويتشه فيله