هكذا تجمع شباب مغاربيون بمشاريع لريادة الأعمال الاجتماعية

الصور هي للطلاب المشاركين في المشروع من الدول المغاربية الثلاث مصدر الصور عدنان عديوي
طلاب مشاركون في المشروع من الدول المغاربية الثلاث (الجزيرة)

أحمد مروان-الجزائر

في ديسمبر/كانون الأول 2015، وخلال زيارته للجزائر وتجوله عبر صحرائها الشاسعة رفقة مجموعة من الشباب الجزائري، راودت الشاب المغربي عدنان عديوي فكرة إنشاء مشروع شبابي مغاربي، وهي الفكرة التي تحققت بعد ذلك بأشهر قليلة فقط.

ويمتلك عديوي سجلا حافلا في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية، فهو مؤسس ورئيس المركز المغربي للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية المعروف اختصارا بــ"أم سي آي أس إي" (MCISE) ، وهو أيضا الرئيس المحلي لــ"إيناكتوس المغرب" وهي منظمة غير حكومية تقدم مساعدة للطلاب على القيام بالأعمال الاجتماعية المختلفة.

في عام 2015 أطلق "داير" وهي أول مسرّعة نمو ومساحة عمل مشتركة للشركات ذات الأثر الاجتماعي في المغرب، وفي العام نفسه توج بجائزة "كريم جاوزاني" وهي جائزة تكافئ وتحتفي في كل عام بداعمي ريادة الأعمال في المملكة المغربية.

وعن فكرته التي تجمع شباب ثلاث دول مغاربية أوضح عديوي أن "الفكرة انبثقت من إيمانه الشخصي بأن المغرب الكبير حلم يمكن أن يتحقق، وأن المشروع الشبابي المغاربي هو جزء من تفعيل حلم المغرب الكبير على المستوى العلمي".

الحلم رغم مشروعيته وسمو أهدافه لم يكن سهل التحقيق والتجسيد، تجربة لخصها "للجزيرة نت" بالقول إن "المشروع كان تحقيقه ممكنا في مدن مغربية عدة أهمها مدينتي وجدة والناظور، وفي تونس في مدن سوسة والمهدية والعاصمة تونس" بعد إقناع شركة دولية برعاية مشروعه الخاص بدعم الشباب لإنشاء مشاريع خاصة بريادة الأعمال الاجتماعية.

أما في الجزائر، فقد كان تحقيق المشروع "صعبا في البداية"، لكن في أغسطس/آب 2016 تمكن عديوي من إقناع شركة جزائرية بالمساهمة في المشروع، بعد أن التقى بالناشطة الجزائرية مريم بن سلمى التي كانت تمتلك -حسب حديثه- شبكة علاقات قوية مع مؤسسة تجارية كبرى تنشط بالجزائر.

ومن خلالها تمكن من الحصول على موافقة شركات عدة للمساهمة في المشروع الشبابي المغاربي الذي استفاد منه بعد سنوات قليلة من إطلاقه أكثر من أربعة آلاف شاب وشابة، من خلال خلق ثلاثين مشروعا ومئة منصب عمل على مستوى الدول المغاربية الثلاث.

الشاب المغربي عدنان عديوي(الجزيرة)
الشاب المغربي عدنان عديوي(الجزيرة)

توسع مغاربي
المشروع الذي أطلق عليه اسم "impact at work" يدخل ضمن مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعية الهادفة إلى حل مشكلات اجتماعية في مجالات متعددة، وبالمقابل تكون مدرة للدخل وتخلق فرص عمل.

وعن تجربة المشروع في الجزائر تكشف أسماء مختاري التي عملت مسؤولة لأول حاضنة لريادة الأعمال الاجتماعية في الجزائر أن "المشروع الشبابي المغاربي تم في الجزائر بالتنسيق مع المركز الجزائري لريادة الأعمال الاجتماعية، وهو المركز الذي وضع على عاتقه مهمة التعريف بثقافة ريادة الأعمال الاجتماعية بالجزائر".

وذكرت مختاري أنه "خلافا لتونس والمغرب اللتين شهدتا رواجا وانتشارا لمثل هذه الأعمال منذ سنوات، فإن المشروع في الجزائر لم ينطلق إلا في أكتوبر/تشرين الأول 2016، حيث جرى انتداب مجموعة من طلاب الجامعات والمعاهد التعليمية، بعد فتح المجال أمامهم لطرح أفكارهم ومشاريعهم المجتمعية، وفي النهاية استفاد المتميزون منهم من تدريب مجاني حول كيفية إنجاز تلك المشاريع، كما استفادوا من تمويل بسيط يساعدهم في أولى خطواتهم".

وعممت المشاريع المنجزة في ثلاث ولايات (محافظات) هي وهران والجزائر العاصمة وبومرداس، ومنذ انطلاق البرنامج وحتى مايو/أيار الماضي استفاد منه نحو ألفي طالب وطالبة في مجالات عدة أهمها الصحة وخدمات البيئة والتعليم.

وكمثال عن المشاريع المنجزة تمكن طلاب من خلق مشاريع لمساعدة التلاميذ في بعض المناطق النائية والبعيدة على تحسين مستوياتهم التعليمية.

المبادرة تجمع شباب ثلاث دول مغاربية في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية(الجزيرة)
المبادرة تجمع شباب ثلاث دول مغاربية في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية(الجزيرة)

حلول اجتماعية
وإلى جانب هدفها في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية فإن هذه المشاريع "تساعد في خلق فرص عمل، وكل مشروع يخلق ما بين منصبين إلى خمسة مناصب عمل" حسب مختاري.

وكانت مدينة الدار البيضاء المغربية قد شهدت في شهر أبريل/نيسان الماضي منافسات شارك فيها منتسبون للمشروع من الدول الثالث، ووفق المتحدثة نفسها، فقد مثل الحدث فرصة لالتقاء الطلاب ببعضهم ما مكنهم من تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الثرية والمتنوعة.

وخلافا للتجارب التونسية والمغربية فإن ريادة الأعمال الاجتماعية في الجزائر لا تزال غائبة عن ثقافة المجتمع الجزائري، ما يعطي لهذا المشروع أهمية بالغة، فقد كشفت مختاري أن "المكونين في الجزائر على علاقة مستمرة بنظرائهم من المغرب وتونس"، وكشفت أن "الهدف المستقبلي هو العمل على تنبيه الجزائريين وخاصة الطلاب والشباب بأهمية مثل هذه المشاريع في خدمة المجتمع وعلاج مشكلاته المتنوعة".

المصدر : الجزيرة