كيف أصبحت لندن أكبر سوق للاقتصاد الإسلامي بالغرب؟

البنك الاسلامي البريطاني
أحد فروع البنك الإسلامي البريطاني (الجزيرة)

الجزيرة نت-لندن

تقوم الحكومة البريطانية حاليا بحملة واسعة في العالم لتشجيع الاستثمار في المملكة المتحدة في مجال الاقتصاد الإسلامي، ولعل إطلاق رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لقب "عاصمة الاقتصاد الإسلامي" على لندن يعكس النجاح الذي حققته المدينة في هذا المجال، وذلك عبر سلسلة جديدة من الخطوات التي تهدف بها لجذب مزيد من رؤوس الأموال.
 
فمنذ إصدار وكالة تمويل الصادرات البريطانية في العام 2015 صكوكا بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني (277 مليون دولار)، باتت لندن تعرف بالفعل بعاصمة الاقتصاد الإسلامي، إذ تشير الإحصاءات الرسمية للحكومة البريطانية إلى وجود 20 بنكا بالبلاد تقدم خدمات مالية إسلامية، كما أن خمسة بنوك منها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية تماما.
 
وتنشط الحكومة البريطانية مع بداية 2018 عبر حملات جديدة للترويج للندن بصفتها عاصمة للاقتصاد الإسلامي، إذ أصدرت وزارة الخارجية في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني الجاري تقريرا قالت فيه إن المملكة تحتل الآن المركز الأول في الدول الغربية في مجال الصيرفة الإسلامية والاستثمار وفقا للشريعة الإسلامية.
 
وأشار التقرير أيضا إلى أنها باتت أكبر سوق للتمويل الإسلامي خارج العالم الإسلامي.
 
تشريعات وقوانين
ويعود تدفق الأموال إلى لندن من العالمين العربي والإسلامي إلى التشريعات والقوانين التي سنتها الحكومة لتحقق المعايير الإسلامية للراغبين في استثمار أموالهم وفقها، فضلا عن البيئة القانونية الآمنة، في مقابل الاضطرابات السياسية التي تشهدها الدول العربية والإسلامية، وتأثير العامل السياسي على قطاع الأعمال.
 
القدومي: سر نجاح لندن بالاقتصاد الإسلامي وضع تشريعات وتقديم ضمانات للاستثمار(الجزيرة)
القدومي: سر نجاح لندن بالاقتصاد الإسلامي وضع تشريعات وتقديم ضمانات للاستثمار(الجزيرة)

وأوجز المستشار القانوني علي القدومي الإجراءات القانونية التي اتخذتها بريطانيا بأنها التشريعات التي تكفل تحقيق أعلى ضمان للحقوق في إطار نظام قانوني واضح المعالم، وأضاف القدومي في حديثه للجزيرة نت أن لندن وظفت خبرتها في سن تشريعات للتعامل مع أدوات الاستثمار الإسلامي.

 
وأشار المستشار القانوني إلى أن سر نجاحها في تحولها لعاصمة للاستثمارات الاسلامية هو وضع تشريعات تتيح للخزينة البريطانية شراء صكوك وتقديم ضمانات على الاستثمار الإسلامي، أسوة بأدوات الاستثمار التقليدية الأخرى، إضافة للأمان جراء استقرار النظام القضائي واستقلاليته.
 
المرتبة الأولى
ووفقا لتقرير نشره مركز الإعلام والتواصل الإقليمي التابع للحكومة البريطانية، تحتل بريطانيا المرتبة 22 من أصل 124 دولة في العالم تستخدم الصيرفة الإسلامية، وهو ما يضعها في المرتبة الأولى في أوروبا، والرابعة من بين الدول ذات الأغلبية غير المسلمة.
 
وأشار التقرير إلى أن بورصة لندن للأوراق المالية دعمت إصدارات الصكوك، إذ جمعت 48 مليار دولار نتيجة إصدار 65 برنامج صكوك.
 
وقال الخبير الاقتصادي محمد حيدر إن بريطانيا بدأت بالتعامل مع ما يسمى بالاقتصاد الاسلامي عقب عجز البنوك التقليدية عن استيعاب القدرات المالية المتنامية لدى كثير من الدول العربية والإسلامية، والخليجية منها على وجه التحديد.
 
وأشار حيدر في تصريح للجزيرة نت إلى أن قطاع الاقتصاد الإسلامي استفاد من الجو العاطفي الذي يشد المسلمين إلى هذا النوع من الشعار والتوجه، وهو شعور صادق، ولكن ليس بالقدر الذي تمارسه المؤسسات التي تبنت هذا الاتجاه، علما بأن الغاية يمكن أن تكون سليمة، لكن الوسائل المستعملة ليست كافية حتى الآن.
 
حيدر: توجه بريطانيا هو إيجاد بيئة حاضنة للأموال المرتبطة بالاقتصاد الإسلامي(الجزيرة)
حيدر: توجه بريطانيا هو إيجاد بيئة حاضنة للأموال المرتبطة بالاقتصاد الإسلامي(الجزيرة)

وذكر المتحدث نفسه أنه بالنظر إلى الخدمات التي تقدمها المؤسسات التي تعتمد في شعاراتها "الاستثمار ضمن الشريعة" فإنها لا تعد كونها حسابات فتحت في بنوك لا تعطي عليها فوائد بل أرباحا بدل أن تسمى فائدة، أو إيداع الأموال في حسابات استثمار مثل حسابات البناء والعقارات.

 
بيئة حاضنة
وخلص حيدر إلى أن توجه بريطانيا والغرب عموما هو إيجاد بيئة حاضنة للأموال المرتبطة بالاقتصاد الإسلامي من أجل إعادة تدويرها واستثمارها.
 
ووفقا للأرقام الحكومية الجديدة وإحصاءات وزارة الاستثمار يجري حاليا تمويل أكثر من 6500 منزل في شمال غربي بريطانيا باستثمار بقيمة 700 مليون جنيه إسترليني (970 مليون دولار) من بنك غيتهاوس المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
 
ومن السمات الهامة لتحول المملكة المتحدة إلى مركز للتمويل الإسلامي بروز سياسات حكومية داعمة على مدى العقد الماضي، خلقت إطارا ضريبيا وتنظيميا يهدف إلى توسيع سوق منتجات التمويل الإسلامي، ويشمل ذلك إزالة الضريبة المزدوجة، وتمديد الإعفاء الضريبي على الرهن العقاري الإسلامي.
 
وكانت المملكة المتحدة أول دولة غربية تصدر صكوكا سيادية (خاصة بالحكومة) وذلك في عام 2014، إذ باعت 200 مليون جنيه إسترليني (277 مليون دولار) من الصكوك لأجل استحقاق في العام 2019، وبلغت قيمة الطلب على شراء الصكوك 2.3 مليار جنيه إسترليني (أكثر من ثلاثة مليارات دولار).
المصدر : الجزيرة