الحكومة المصرية تنكر بطالة الشباب

عمال بناء من المتعلمين يجلسون على الرصيف ينتظرون العمل
عمال بناء من المتعلمين في مصر يجلسون على الرصيف ينتظرون العمل (الجزيرة)

عبد الحافظ الصاوي

في ظل شواهد عديدة تشير إلى حالة ركود يعاني منها الاقتصاد المصري منذ سنوات، وإحصائيات رسمية تفيد ببلوغ معدل البطالة ما يقارب 13%، خرج مؤخرا وزير الشباب والرياضة المصري خالد عبد العزيز ليفجع شباب البلاد بتصريحه بأنه لا توجد بطالة حقيقية في البلاد، وأن الوظائف متاحة والشباب لا يرغب في العمل.

ويشير موقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود 3.5 ملايين عاطل، منهم 1.95 مليون من الذكور، و1.6 مليون من الإناث، إلا أن الرقم المفجع هو ما تذكره منظمة العمل الدولية من أن البطالة بين الشباب المصري تناهز 25% في حين أن المتوسط العالمي لا يتجاوز 13.1%.

"بعد تخرجي في الجامعة شعرت بأني أضعت عمري في التعليم ولم أكن بحاجة إليه"، كانت هذه عبارة مدخل أحمد وهو أحد الشباب العاطلين في مدينة 6 أكتوبر غربي القاهرة.

وقد رفض أحمد الذي أمضى أربع سنوات يدرس المحاسبة بإحدى الجامعات المصرية التقاط صورة له وكذلك باقي أصحابه الذين كان يجلسون بأحد المقاهي، وذلك لأن تصويرهم قد يؤذي مشاعر أسرهم، والتي يكفيها أن أبناءها عاطلون، على حد قوله.

‪التوظيف كان أحد المطالب الأساسية في ثورة 25 يناير‬ (الجزيرة)
‪التوظيف كان أحد المطالب الأساسية في ثورة 25 يناير‬ (الجزيرة)

وقد استغرب الشاب المصري تصريحات الوزير، مشددا على أنه وزملاءه لا يتقيدون بوظيفة معينة ولكنهم يريدون أجرا مناسبا.

فالمصانع -يضيف- مثلا تعرض فرص عمل على خطوط الإنتاج، ولكن بأجور زهيدة وساعات عمل تصل إلى 12 ساعة مقابل ثلاثين جنيها (أربعة دولارات تقريبا) في اليوم، على ألا يتم التعيين الرسمي إلا بعد نحو سنتين، كما لا توفر إدارة المصانع التأمين الصحي أو الاجتماعي.

أصحاب المصانع
ويؤكد أحمد أن هذه الفرص ليست متاحة طيلة الوقت، "فأصحاب المصانع عندما يعلمون بأنني خريج جامعة يعتذرون عن توظيفي ويفضلون غير المتعلمين أو الحاصلين على مؤهل متوسط".

ويقول أحمد إن شريحة ليست قليلة من العاملين في مدينة 6 أكتوبر في وظائف الحراسة والأمن أو المطاعم للأسف من خريجي الجامعات، وهم يقبلون بهذه الوظائف رفعا للحرج أمام أسرهم، فالحصول على أي وظيفة أفضل من البطالة والاستمرار في الحصول على مصروف يومي من الأسرة بعد التخرج في الجامعة.

وعن إمكانية إقامة مشروع صغير والاستفادة من تمويل الصندوق الاجتماعي للتنمية، قال أحمد إن معظم زملائه الذين حصلوا على القروض إما فشلوا بسبب عدم تسويق منتجاتهم، أو استفادوا بهذا التمويل في جوانب اجتماعية أخرى مثل الزواج أو شراء سلع معمرة.

أزمة تنمية
ويرى الاقتصادي محمود عبد الله أن ما تعيشه مصر هو أزمة تنمية، وأن تصريحات المسؤولين "ليست إلا هروبا من حقيقة فشل التنمية في مصر"، فمنظومة التعليم تخرج نحو 850 ألف طالب للوظائف كل سنة في حين لا توجد فرص عمل تستوعب هذا العدد.

ويضيف عبد الله للجزيرة نت أن هؤلاء الخريجين لا يمتلكون أدوات الدخول إلى سوق العمل من حيث مهارات العمل أو التدريب، كما لا تمتلك الحكومة برامج لمعالجة هذه القضية، أو لإصلاح منظومة التعليم لتتناسب مخرجاتها مع احتياجات السوق.

ويؤكد الاقتصادي أن كل الحكومات المصرية منذ السبعينيات تعلم بعدم ملاءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل، ومع ذلك لم تعتمد أي منها برنامجا للخروج من هذه المعضلة.

وحسب عبد الله فإن أكبر معضلة يواجهها الشباب في مصر حاليا هي المحسوبية والوساطة في الحصول على وظيفة حتى في القطاع الخاص، ولا يستوعب الشباب في سوق العمل الآن سوى القطاع غير المنظم بما يعنيه من شروط عمل قاسية.

المصدر : الجزيرة