التمويل الإسلامي بروسيا.. آمال تصطدم بالواقع
افتكار مانع-موسكو
جمهورية تتارستان الروسية من الجمهوريات النشطة في السعي لتوسيع نطاق عمل الصيرفة الإسلامية، إذ إنها اعتادت على استضافة ما بات يعرف بقمة قازان السنوية، وهي قمة اقتصادية دولية تجمع روسيا بدول منظمة التعاون الإسلامي، وتبلغ قيمة الصفقات الموقعة فيها نحو ملياري دولار سنويا.
وكانت حكومة تتارستان قد تسلمت مؤخرا دراسة جدوى عن إنشاء مصارف إسلامية أو نوافذ مصرفية إسلامية في البنوك العاملة في الجمهورية ذات الأغلبية المسلمة.
ويأتي هذا التوجه بناء على دراسات أعدها صندوق تطوير الأعمال والتمويل الإسلامي الروسي بالتعاون مع معاهد وجامعات ومؤسسات مصرفية ماليزية.
وتناولت الدراسة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي، مع استعراض تجارب ناجحة في مجالات الصيرفة الإسلامية والتأمين الإسلامي في عدد من الدول، مع بيان آليات الصناعة المالية الإسلامية في ظل القوانين المالية السائدة حاليا.
عراقيل وعوائق
وقالت مديرة الدائرة الاقتصادية في دار الإفتاء الروسية مدينا كليمولينا، إنها تختلف مع بعض القضايا الواردة في الدراسة لأنها لا تتفق مع ما ذهب إليه مجلس الإفتاء الروسي، وتتعارض مع تجارب عمل المصارف الإسلامية في البلدان العربية.
وذكرت كليمولينا أن عمل قطاع الصيرفة الإسلامية في روسيا مقيد بالتشريعات الاتحادية التي تعيق تطبيق الصفقات التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك حتى في الأقاليم والجمهوريات ذات الأغلبية السكانية المسلمة.
وتحدثت عن وجود نقص كبير في الكوادر المهنية والمديرين من ذوي الكفاءة القادرين على وضع آليات عامة للعمل المصرفي الإسلامي.
وعبرت عن قناعتها في أن قطاع المصارف الإسلامية من شأنه أن يحرك رؤوس الأموال الإسلامية المجمدة التي ترفض التعاملات البنكية الربوية، بالإضافة إلى أنها ستجذب استثمارات إسلامية من الخارج إلى روسيا.
وكشفت عن تشكيل مجموعة عمل خاصة تضم ممثلين عن البنك المركزي ووزارة المالية والتنمية وبرلمانيين، لبحث إمكانية إدخال الخدمات المصرفية الإسلامية في قطاع التعامل المالي والاقتصادي الروسي.
آفاق واعدة
أما المحلل الاقتصادي والخبير في الاقتصاد الإسلامي بغدان زفاريتش، فقد اعتبر أن تفعيل عمل المصارف الإسلامية في روسيا من شأنه أن يحيلها إلى مركز إقليمي لهذا القطاع في المجموعة السوفياتية التي تضم ملايين المسلمين.
وأوضح أن العديد من الاقتصادات الأوروبية -لا سيما في ألمانيا وبريطانيا– كيفت اقتصاداتها لإفساح المجال أمام قطاع التمويل الإسلامي للمنافسة، وهي بذلك لا تهدف لتلبية احتياجات مواطنيها المسلمين فحسب وإنما أيضا لمواكبة هذا القطاع المتنامي.
وأشار إلى أن جمهورية تتارستان تمثل في الوقت الراهن جسرا للتواصل بين روسيا والعالم الإسلامي، وهذا من شأنه أن يعود بالنفع على روسيا، ذلك لأن روسيا تقدم نفسها كدولة متعددة الأديان والثقافات وهذا من شأنه أن يساعد في توظيف المال الإسلامي بما يخدم الاقتصاد الوطني.
لكنه لفت إلى أن عمل المصارف لن يكون سهلا في بداياته بسبب منافسة البنوك التقليدية التي تحظى بثقة المواطن الروسي، كما أن هناك حاجة لوجود قوانين منظمة لإدارة أنشطة المصارف الإسلامية.