المحروقات تشعل الأسعار في السودان

epa03275056 A Sudanese worker fills a vehicle at a petrol station in Khartoum, Sudan, 21 June 2012. Media reports state that the Sudanese government on 20 June 2012 revealed a plan to implement an austerity package that will see subsidies on fuel being terminated, which would increase the price of one gallon of fuel by five Sudanese Pounds (1.5 euros). The Sudanese government is trying to control the budget deficit which increased after the drop of oil revenues following South Sudan’s secession last year. EPA/STR
undefined
 
يحيى كشة-الخرطوم

سجل الجنيه السوداني هبوط قياسيا رافقه ارتفاع كبير لأسعار السلع في الأسواق مع اقتراب الحكومة السودانية من إعلان الإجراءات الاقتصادية الجديدة ومن بينها رفع الدعم عن المحروقات. وقفز سعر الدولار في السوق الموازي (السوق السوداء) إلى ثمانية جنيهات، في حين أن سعره حسب بنك السودان المركزي 4.4 جنيهات.

ويقابل السودانيون قرار رفع الدعم عن المحروقات بسخط كبير بعد أن ابتلع غول الأسعار ما يكنزون من أموال تعد شحيحة من الخدمة العامة ومرتبات لا تفي حد الكفاف، في وقت حدد فيه جهاز الإحصاء المركزي السوداني قبل أيام مبلغ 1400 جينه كحد للفقر -أي أقل من 200 دولار بالسعر الموازي- وهو مرتب وكيل وزارة.

وأكدت دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي عن آثار رفع الدعم بالسودان أن كل 23 جنيهاً تقدمها الحكومة كدعم للمحروقات يذهب 22 جنيها منها لغير مستحقيها، ويرى اقتصاديون سودانيون أنه لا وجود لدعم للسلع أصلاً بعد سياسة التحرير التي أعلنتها الحكومة في تسعينيات القرن الماضي، وأن سياسة رفع الدعم التي تنوي الحكومة تطبيقها ستزيد من معدلات التضخم الذي يقترب من 50%.

‪البشير تعهد بزيادة الأجور‬ (الجزيرة)
‪البشير تعهد بزيادة الأجور‬ (الجزيرة)

تبرير
ويذهب الرئيس السوداني عمر البشير إلى أن الدولة تدعم المواد البترولية بـ14.5 مليار جنيه في العام، وهو رقم يقارب ميزانية السودان كاملة.

كما يرى أنه من دون الإجراءات الاقتصادية ستنهار الدولة، في وقت أعلن أن الشعب تحول إلى فئتين غنية وفقيرة، مما يتطلب ردم الهوة عبر التوزيع العادل للدعم، وتعهد بزيادة الأجور والدعم المباشر للفقراء والشرائح الضعيفة والطلاب.

وعزا انهيار الجنيه للصدمات التي لحقت بالاقتصاد السوداني بتوقيع اتفاق السلام مع جنوب السودان واقتسام النفط مناصفة معه، وانفصاله من بعد، مما يعني ذهاب نفط الجنوب كاملاً، بجانب الأزمة الاقتصادية العالمية.
 
أما الحاج آدم نائب رئيس الجمهورية فقد أكد أن تطبيق الإجراءات سيبدأ غداً الثلاثاء، وأن سعر جالون البنزين في العاصمة الخرطوم سيصل إلى 21 جنيها، بينما غضت الحكومة الطرف عن رفع الدعم عن القمح، الغذاء الرئيسي للسودانيين.

ويصف الخبير الاقتصادي أحمد مالك عزم الحكومة على رفع الدعم بالكارثة التي من شأنها زيادة التضخم وخلق خلل في الميزان التجاري وتخفض الإنتاج وتزيد الفقر وتقعد بالسودان عن المنافسة العالمية.

‪عبد الرحيم حمدي اقترح تقديم دعم مباشر للفقراء‬ (الجزيرة- أرشيف)
‪عبد الرحيم حمدي اقترح تقديم دعم مباشر للفقراء‬ (الجزيرة- أرشيف)

الدعم المباشر
ويرى وزير المالية السوداني الأسبق عبد الرحيم حمدي أن لرفع الدعم عن المحروقات مكاسب منها تحقيق العدالة الاجتماعية في الدعم حيث يذهب الآن لغير مستحقيه، واقترح تقديم دعم مباشر للفقراء بدلاً من دعم الأغنياء عبر بوابة المحروقات بعد رفع الدعم عنها.

من جهته قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض الناطق باسم أحزاب المعارضة كمال عمر إن المعارضة متفقة على أن الإصلاح الاقتصادي لا يتأتى في وجود النظام الحاكم.

وأضاف أنه بعد الاطلاع على حيثيات الحكومة لرفع الدعم ترى المعارضة أن أسباب الأزمة تعود للحرب وتدمير المشاريع الزراعية والصناعية والاعتماد على الضرائب والجمارك وعائدات نفط الجنوب.

وزاد "لا يمكن أن نصرف على حرب وأجهزة أمنية ورشاوى سياسية لأحزاب، والأزمة هي فاتورة أخطاء سياسية لا تعالج بالمسكنات، والعلاج في ذهاب النظام".

وكانت أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم شهدت الجمعة الماضية مظاهرات مناهضة للقرارات الاقتصادية، حرقت فيها إطارات السيارات على الطرق احتوتها الأجهزة الأمنية، في حين بدأت مجموعات في بث دعوات لإسقاط النظام كتحالف شباب قوس قزح لإسقاط النظام على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك رفضاً للواقع الاقتصادي المتردي والغلاء الطاحن في الأسواق.

المصدر : الجزيرة