ضغوط اجتماعية تدفع الجزائر لفتح قطاع البناء
تضافرت ضغوط سياسية واجتماعية لتدفع الجزائر لفتح قطاع البناء أمام المنافسة العالمية، وهو ما قد يتيح عقودا بمليارات الدولارات لشركات أجنبية، وكانت البلاد طيلة عقود تقيد بشدة المشاركة الأجنبية في اقتصادها الغني بالنفط والغاز متمسكة بميراث الفكر الاشتراكي الذي كانت تتبناه بعد استقلالها عن فرنسا في العام 1962.
لكن الحكومة تتعرض لضغوط شعبية شديدة لسد النقص في الإسكان، وقد خصصت نحو 50 مليار دولار لقطاع الإسكان ضمن خطة خمسية للإنفاق العام تمتد من 2010 إلى 2014، ويبدو أن الشركات المحلية غير قادرة على تلبية الطلب على المساكن الجديدة بالاعتماد على قدراتها الذاتية، فالسلطات تريد بناء 200 ألف وحدة سنويا، لكن قدرة الشركات المحلية لا تتجاوز 80 ألف وحدة سنويا، لذلك تتطلع الجزائر للخارج في مثال واضح على أن الأولويات السياسية يمكن أن تؤدي إلى تحرير الاقتصاد.
وكان نقص المعروض من المساكن منذ فترة طويلة سببا وراء الاستياء الشعبي في الجزائر التي يسكنها 37 مليون نسمة، ودفع النزوح إلى المدن بعض الأسر الكبيرة العدد إلى العيش في شقق ضيقة أو في أكواخ في مناطق عشوائية.
أعمال عنف
وتندلع في بعض الأحيان أعمال عنف عندما تعلن السلطات المحلية قوائم الأفراد الذين خصصت لهم شققا سكنية، وتطبق الحكومة نظاما يهدف إلى بيع شقق بسعر منخفض للمواطنين الأكثر احتياجا، فمثلا من طلبوا شققا قبل سبع سنوات تكون فرصهم أكبر في الحصول على شقة من الذين طلبوا قبل خمس سنوات، لكن ذلك لا يرضي الناس دائما.
ويقول جميل كالول وهو مدرس يبحث عن شقة في العاصمة "مواقع البناء في كل مكان وكثيرا ما نسمع عن وحدات سكنية بنيت بالفعل، لكن من الصعب الحصول على شقة"، ووصفت صحيفة الوطن واسعة الانتشار وضع الإسكان بأنه "مأساة وطنية"، وقالت إن على الحكومة أن تعيد النظر في أسلوبها.
ويقول وزير الإسكان الجزائري عبد المجيد تبون في إشارة إلى شركات البناء الغربية والآسيوية المهتمة بدخول البلاد "إنها تحتاج المال ونحن نحتاج الخبرة وأساليب البناء الحديثة"، وقد أصدرت وزارة الإسكان، إثر عطاء اجتذب اهتمام نحو 200 شركة أجنبية، قائمة مصغرة من 60 شركة منها 53 شركة من الخارج قد تبني كل منها ما بين ألفين إلى خمس آلاف وحدة سكنية.
شركات متعددة
وكان أغلب شركات البناء الأجنبية التي عملت بالجزائر في الماضي شركات صينية، وهناك عشرون شركة صينية ضمن القائمة المذكورة، إلى جانب ست شركات إسبانية وخمس شركات برتغالية وشركتين إيطاليتين، وضمت القائمة أيضاً شركات تركية وهندية ورومانية وأردنية.
ووقعت الجزائر صفقات كذلك بشأن 13 مشروعا مشتركا بين شركات محلية وأجنبية لبناء 120 ألف وحدة سكنية على الأقل، ويشدد تبون على أن بلاده ليست مهتمة بشراكات مع شركات تقيم مشروعات في البلاد ثم تذهب بأموالها، بل بشركاء أقوياء يبقون في البلاد لفترة طويلة.