مكتبة الموصل.. مساع للانبعاث من رماد الحرب

المكتبة المركزية بعد احراقها 2 - حصرية وحديثة copy.jpg
المكتبة المركزية لجامعة الموصل بعد إحراقها (الجزيرة نت)
أحمد الدباغ-الموصل
 
 
 
من أفدح الخسائر الثقافية التي تعرضت لها مدينة الموصل (شمالي العراق) حرق المكتبة المركزية التابعة لجامعة الموصل التي تأسست عام 1967، إذ تعرضت الجامعة للتخريب، وأحرقت مكتبتها المركزية ومعظم المكتبات الفرعية، فضاعت مئات آلاف الكتب والأطروحات والمخطوطات.
 
والموصل التي عُرفت على مدى قرون بفنانيها وكتابها ومكتباتها الزاخرة بمؤلفات بلغات عدة، يحاول أبناؤها اليوم استعادة كتبها المنهوبة واستبدال بتلك المحروقة حملات عديدة لإعادة ملء رفوف المكتبة المركزية التي خسرت جل مخطوطاتها ووثائقها النادرة.
 
وعلى مدى العقود الماضية كانت جامعة الموصل مرجعا ثقافيا لآلاف الطلبة والباحثين، غير أنه مع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة في يونيو/حزيران 2014، تغير حال المدينة وجامعتها، إذ تعرضت الجامعة للتخريب، وأحرقت مكتبتها المركزية.
 
المكتبة قبل 2014
من مكتبة كبيرة بمساحة 2500 متر مربع وبأربع طوابق و36 قاعة مطالعة كانت تضمها المكتبة المركزية، انتقلت الآن إلى موقع بديل بمساحة لا تتجاوز ثلاثمئة متر مربع.
 
وكانت مكتبة الموصل تضم أكثر من مليون ونصف المليون مصدر معلومات، إلا أن 95% منها فقد  نتيجة حرق تنظيم الدولة لها، وذلك بحسب الأمين العام للمكتبة عمر توفيق.
 
ولفت توفيق إلى أن الحملات التطوعية في الموصل استطاعت إنقاذ ثلاثة آلاف كتاب نادر و96 مجلدا قديما لصحف عراقية وعربية وبحوث قديمة تعود إلى العقد الثاني من القرن الماضي.
توفيق: الحملات التطوعية في الموصل استطاعت إنقاذ ثلاثة آلاف كتاب نادر و96 مجلدا قديما (الجزيرة نت)
توفيق: الحملات التطوعية في الموصل استطاعت إنقاذ ثلاثة آلاف كتاب نادر و96 مجلدا قديما (الجزيرة نت)

معاناة الطلبة

بعد مرور قرابة العامين على استعادة الدولة العراقية السيطرة على المدينة من قبضة تنظيم الدولة، يواجه الطلبة والباحثون صعوبات بالغة في إكمال البحوث بسبب قلة المصادر داخل الجامعة، بحسب الأستاذ في جامعة الموصل الدكتور أحمد ميسر.
 
وأشار إلى أن إدارة المكتبة ونتيجة لما آل إليه وضع الجامعة ومكتبتها تتشدد في نظام استعارة الكتب حتى قصرت الاستعارة على طلاب الدراسات العليا.
 
وخلال حديثه للجزيرة نت أكد ميسر أن غالبية الطلاب والباحثين باتوا يلجؤون إلى شراء الكتب أو مطالعتها عبر مواقع الإنترنت ولا سيما ما يخص الأقسام العلمية، غير أن الخسارة الكبيرة تتجسد في الكتب والمخطوطات النادرة التي لا توجد في المكتبات الإلكترونية، بحسبه.
 
من جانبه يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل الدكتور محمود عزو أن تدمير الجامعة كان مركبا، إذ إن تدمير المختبرات العلمية والورش أثر بشكل كبير جدا في طلاب الأقسام العلمية بمختلف المراحل الدراسية، فيما أدى تدمير المكتبة المركزية إلى خسارة مصادر معلومات كبيرة كانت تعد المرجع الأول للأقسام الإنسانية والأدبية.
داخل مبنى المكتبة المركزية لجامعة الموصل في الموقع البديل (الجزيرة نت)
داخل مبنى المكتبة المركزية لجامعة الموصل في الموقع البديل (الجزيرة نت)

إحياء المكتبة

ويشير عزو في حديثه للجزيرة نت إلى أن الجامعة تحاول أن تنهض بواقعها من خلال حملات التبرعات والمخاطبات مع دور النشر والجامعات العالمية، التي أثمرت حتى الآن عن تزويد المكتبة بعشرات آلاف الكتب العلمية.
 
مصطفى دريد (23 عاما) -أحد طلاب جامعة الموصل من الذين شاركوا ضمن حملة تطوعية في إنقاذ الكتب بعد تخليص المدينة من تنظيم الدولة- قال متحسرا "لدى دخولنا مبنى المكتبة بعد زوال تنظيم الدولة، فوجئنا بكَمّ الركام والكتب المحترقة".
 
وأضاف للجزيرة نت أن جهودهم أثمرت في إنقاذ مئات الكتب، إلا أن العدد الأكبر فقد إلى الأبد، وخاصة الكتب النادرة والمخطوطات.
 
وبالعودة إلى أمين عام المكتبة المركزية عمر توفيق، أفاد بأن المكتبة تضم الآن قرابة مئة ألف كتاب تبرعت بها دول عدة وجامعات غربية وعراقية.
 
واستطاع بعض من عملوا في المكتبة إنقاذ بعض الكتب قبيل إحراق التنظيم لها، غير أن إغلاق التنظيم مبنى الجامعة أمام الموصليين عام 2015، جعل من المستحيل إخراج أي شيء منها.
الأتروشي: الدمار الذي حل بالجامعة يقدر بـ 60% (الجزيرة نت)
الأتروشي: الدمار الذي حل بالجامعة يقدر بـ 60% (الجزيرة نت)
وعن إمكانية عودة مبنى المكتبة المركزية إلى ما كان عليه، أفاد مدير إعلام جامعة الموصل عبد الكريم الأتروشي بأن الدمار الذي حل بالجامعة يقدر بـ60%، حيث تعرضت مبان عدة لتدمير كلي مثل كلية طب الموصل وكلية البيطرة، فضلا عن تضرر عشرات الأقسام العلمية والأدبية، لافتا إلى أن جميع الأبنية تعرضت للضرر بنسب مختلفة.
 
وأكد أن الأبنية المتضررة قد تمت إزالتها تقريبا، لافتا إلى أن بناية المكتبة المركزية سيعاد إعمارها قريبا بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو أن دي بي).
المصدر : الجزيرة