القراءة.. سلاح أوباما السري في رحلة البيت الأبيض

US President Barack Obama pushes children on swings on 'Malia and Sasha's Castle', a play-set that was formerly used by the Obama children at the White House and donated by the Obama family, during a service event for Martin Luther King Jr. Day at the Jobs Have Priority Naylor Road Family Shelter in Washington, DC, USA, 16 January 2017. The Martin Luther King Jr. federal holiday commemorates what would have been the slain civil rights leader's 88th birthday.
نيويورك تايمز قالت إن باراك أوباما لديه حساسية كاتب، من دقة الملاحظة والتقاط التفاصيل، في التفاعل مع محيطه (الأوروبية)

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن تاريخ رؤساء الولايات المتحدة لا يذكر رئيسا، منذ عهد الرئيس أبراهام لنكولن الذي تلوى قيادة البلاد بين عامي 1861 و1865، لعبت القراءة والكاتبة دورا كبيرا في بلورة شخصيته وقناعاته ورؤيته للعالم مثل الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما.

وقبل أيام من مغادرة البيت الأبيض، تحدث أوباما للصحيفة مطولا عن الدور الذي لعبته قراءة الكتب، التي يصفها بالعوالم المحمولة، خلال ولايتيه الرئاسيتين وقبلها في مرحلة الطفولة والشباب، وكيف ساعدته في معرفة نفسه وفي تحديد طريقة تفكيره.

وكانت الكتب بالنسبة له مصدر دعم وإلهام لفهم تعقيدات العالم وغموضه في زمن "تتطور فيه الأحداث بسرعة وتتدفق الأخبار بكثرة"، وهكذا يتيح له نشاط القراءة إمكانية التريث وأخذ مسافة من الأحداث، وكذلك إمكانية تخيل نفسه في مكان الآخرين.

وقال أوباما إن الكتب مكنته من الحفاظ على توازنه طيلة السنوات الثماني التي قضاها على رأس البلاد، مع ما تفرضه تلك المسؤولية من إكراهات وضغوط قد تصل أحيانا إلى "عزل" الرئيس عن العالم. وأقر أوباما بالدور الذي لعبته في ذلك الاتجاه كتب أبراهام لنكولن ومارتن لوثر والمهاتما غاندي ونلسون مانديلا. كما ساعدت مسرحيات شكسبير -وتحديدا التراجيدية- أوباما في بعض الظواهر الإنسانية التي تتكرر على مر العصور.

وفي كتابه "أحلام من والدي" (1995) يتذكر أوباما كيف كان نشاط القراءة أداة أساسية في حسم تصوراته، خاصة في سنوات مرحلة المراهقة لكي يُهيئ نفسه من أجل تمثل هويته بصفته "رجلا أسود في أميركا".

في
في "أحلام من والدي" يتذكر أوباما دور قراءة الكتب في حسم تصوراته(الجزيرة)

وحتى عندما اعتلى قمة السلطة، ظلت القراءة نشاطا أساسيا في حياته اليومية، وأهدى لابنته ماليا مؤخرا جهاز كندل وفي ذاكرته كتب سبق أن قرأها ويود أن تطلع عليها، من قبيل رواية "مئة عام من العزلة" للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز.

وفي كل ليلة قضاها في البيت الأبيض، كان أوباما يخصص نحو ساعة لقراءة كتابات تتسم بالعمق، سواء من روايات الخيال الحديثة أو الكلاسيكية أو كتب حول الدين أو مؤلفات فكرية، وكانت بعض الأعمال الروائية تساعده في فهم أعمق لأحوال الناس، وكانت تلك القراءات عموما تسعفه في التخلص من أعباء ما يعرض عليه من تقارير وبيانات ذات صلة بمهامه الرئاسية.

وعلى غرار لنكولن، تعلم أوباما الكتابة، وأصبحت الكلمات بالنسبة إليه محددة في فهم نفسه وفي إيصال أفكاره للآخرين. ولعبت الكتابة دورا مهما في تطوره الفكري، خاصة في إدراك معاني العرق والطبقة الاجتماعية والعائلة، وكان حريصا منذ فترة الشباب على تدوين مذكراته وكتابة قصص قصيرة أبطالها من المسنين ومن أشخاص التقاهم عندما كان ناشطا أهليا في شيكاغو.

هكذا دخل أوباما البيت الأبيض وهو في ثوب كاتب، ويتوقع أن يستعيد قريبا ذلك الثوب في مرحلة ما بعد الرئاسة، حيث يخطط لكتابة مذكراته انطلاقا مما دونه خلال الفترة التي قضاه داخل البيت الأبيض رغم أن وتيرة التدوين لم تكن بالإيقاع الذي تمناه.

وتقول الصحيفة إن لأوباما حساسية كاتب، المتمثلة في القدرة على الملاحظة، والعين اللاقطة، وقدراته الصوتية، والمرونة في تغيير النبرة وفق ما تستدعيه السياقات.

وقبل نحو أسبوعين من مغادرة البيت الأبيض، تناول أوباما وجبة غداء مع خمسة من الروائيين المفضلين لديه، ولم ينحصر النقاش معهم حول شؤون السياسة فقط، بل طال أمورا تتعلق بالكتابة وقضاياها.

المصدر : نيويورك تايمز