من غزة إلى العالم.. نحن لسنا أرقامًا

أيمن الجرجاوي-غزة

لسنا أرقاما.. تلك هي رسالة يحاول شبان فلسطينيون من قطاع غزة إيصالها للعالم بعد استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني خلال عدوان إسرائيل الأخير على قطاع غزة، وأضيفوا إلى قائمة تضم نحو أربعة آلاف شهيد خلال ثلاث حروب شُنّت على القطاع في ست سنوات.

هذه الحالة لم ترق لمجموعة من الشبان الفلسطينيين بغزة، فقرروا إطلاق مشروع لكتابة قصص إنسانية باللغة الإنجليزية لتخليد ذكرى هؤلاء الشهداء، تحت اسم "لسنا أرقامًا" بدعم ومشاركة من مرصد حقوقي دولي.

ويحاول هؤلاء الشبان -من خلال موقع إلكتروني معد لهذا الغرض- إيصال جانب من حياة الشهداء المفعمة بالمشاعر، لدفع الرأي العام العالمي للضغط على صناع القرار من أجل تكوين سياسات أكثر دعمًا للقضية الفلسطينية.

وتقول المديرة التنفيذية للمشروع في غزة، ميسم أبو مر، إن عدم ارتقاء مستوى التعاطف الدولي لحجم تضحيات الفلسطينيين دفع بقوة للتفكير بمشروع يسهم في إيصال صوت المضطهدين بغزة للعالم، ويساعدهم على نيل حقوقهم، وحمايتهم من الانتهاكات الإسرائيلية.

صورة جماعية بعد لقاء تدريبي للكتاب الشباب(الجزيرة)
صورة جماعية بعد لقاء تدريبي للكتاب الشباب(الجزيرة)

تدريب الكُتّاب
ويبدأ المشروع، وفق ما تحدثت به أبو مر للجزيرة نت، بتدريب عشرين كاتبًا شابًا من غزة على كتابة القصص الإنسانية على يد كتّاب عرب وأجانب، وستتم تلك العملية عن بعد، نظرًا للحصار المفروض على القطاع.

وتهدف عملية التدريب التي سميت بـ"الكتابة الخلاقة" لإكساب الشبان أساليب إيصال الفكرة بلغة سريعة، وسيشارك فيها مجموعة من الكتّاب العالميين، منهم باميلا أولسون، وباميلا بايلي، ونجلا إدوارد سعيد، ورمزي بارود، وسوزان أبو الهوى، وعلي أبو نعمة، وجين مارلو.

وبعد إتمام التدريب، يرتبط كل كاتب شاب بكاتب من أصحاب الخبرة للإشراف على كتاباته، ويُعطى كل شاب فرصة شهر لاختيار قصته، وزيارة بيت شهيد للاطلاع على تفاصيل حياته، من أجل تجسيدها في قصة، ومن ثم يعرضها على المشرف لوضع اللمسات الأخيرة عليها قبل نشرها إلكترونيًا.

وتشير أبو مر إلى أن الكُتّاب الشبان سينجزون عشرين قصة شهريًا على فترة عام كامل، وهي مدة المشروع، وبعد انقضاء المدة سيبدأ الشبان بطرح قضايا كالحصار، وإعادة الإعمار، وذلك من أجل ربط القضية الفلسطينية بالقضايا العالمية.

ويعتمد تمويل المشروع، البالغة تكلفته نحو 12 ألف دولار أميركي، على متبرعين من جميع أنحاء العالم، وتمكن القائمون عليه من جمع المبلغ المحدد في أيام قليلة، وفق أبو مر.

بيانات تفصيلية
وفيما يتعلق بالموقع الإلكتروني للمشروع (www.wearenotnumbers.org) فإنه يحتوي على نافذتين رئيسيتين، إذ تحتوي الأولى على خريطة تفاعلية لقطاع غزة يتوزع عليها 144 نقطة، وهي بعدد المجازر الجماعية التي ارتكبها الاحتلال خلال عدوانه الأخير.

وبمجرد الضغط على نقطة من النقاط، تنبثق نافذة تعطي معلومات تفصيلية عن الشهداء والجرحى الذين كانوا ضحية المجزرة، إضافة إلى القصص المعدة عن الشهداء، وبعض صور الجريمة.

أما النافذة الثانية، فهي مدخل لمجموعة من القصص الإنسانية التي تتحدث عن حياة الشهداء بتفاصيلها ودقائق أمورها.

وبالرغم من أن الموقع سينطلق نهاية الأسبوع الجاري بالإنجليزية، فإن المديرة التنفيذية للمشروع في غزة تشير لوجود فكرة لإطلاق نسخة عربية منه "بعدما اكتشفنا خلال العدوان الأخير مدى قصور الوعي العربي في معرفة الوضع في غزة".

‪أبو مر: الكُتّاب الشبان سينجزون عشرين قصة شهريًا على فترة عام كامل‬ (الجزيرة نت)
‪أبو مر: الكُتّاب الشبان سينجزون عشرين قصة شهريًا على فترة عام كامل‬ (الجزيرة نت)

ترويج المشروع
وسيوفر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، الدعم اللوجستي للمشروع، وسيعمل على نشر الموقع الإلكتروني الخاص بالمشروع على مستوى العالم، لضمان إحداث تأثير أكبر على صنّاع القرار.

ويقول رئيس المرصد -للجزيرة نت- إن مؤسسته ستقوم بالنشر المدفوع لتلك المقالات، وترويجها لدى عشرات المؤسسات الحقوقية والإعلامية كفكرة ريادية تساهم بنقل صورة انتهاكات حقوق الإنسان بقالب غير نمطي وكمي.

ويوضح رامي عبده وجود عدة وسائل للترويج للكتابات المنشورة على الموقع، من ضمنها اتفاقيات تعاون ونشر مشترك مع عدد من المواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى الاعتماد بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر القصص.

ويشير إلى أن الأورومتوسطي سيصرف مكافآت مالية لأفضل الكتابات وأوسعها انتشارًا، مع العمل على استيعاب عدد أكبر من الكتاب على مراحل، من أجل تنمية قدرتهم على الكتابة لخدمة القضية الفلسطينية.

ويطمح المرصد الحقوقي -وفق عبده- إلى أن يكون الموقع الإلكتروني للمشروع قاعدة بيانات مفتوحة لتوثيق جرائم الاحتلال بحق المواطنين المدنيين في غزة، ولاسيما حالات القتل الجماعي.

المصدر : الجزيرة