نجيب محفوظ.. حضور متجدد في ندوة بالقاهرة

ندوة نجيب محفوظ 1
وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور متحدثا في ندوة نجيب محفوظ (الجزيرة)

بدر محمد بدر-القاهرة

 

شارك أدباء ونقاد ومثقفون في فعاليات الندوة التي أقامها المجلس الأعلى للثقافة أمس بمقره بالقاهرة بعنوان "في ذكرى رحيله.. نجيب محفوظ.. حضور متجدد" استعرض فيها الحضور جانبا من سيرة وأدب صاحب جائزة نوبل في الأدب الذي رحل قبل ثماني سنوات.

في البداية، أكد الكاتب والناقد د. جابر عصفور أن الموهبة هي التي صنعت نجيب محفوظ، والموهوب هو الذي يستطيع من جملة واحدة أن يشد انتباهك إلى أن تصل إلى نهاية ما كتبه وأنت مسحور بعالمه، دون أن تشعر أن الوقت قد سرقك، وهذا هو سر المبدع وما يميز كاتبا عن كاتب، ثم تأتي القراءة والمتابعة بعد الموهبة.

‪جانب من حضور الندوة بالقاهرة‬ (الجزيرة)
‪جانب من حضور الندوة بالقاهرة‬ (الجزيرة)

الفرعونية
وأشار عصفور إلى أن أول كتاب أصدره محفوظ هو ترجمة لكتاب قس مسيحي بريطاني كان يتحدث عن تاريخ مصر القديمة في هيئة قصص، ومن وحي هذه القصص كتب نجيب رواياته الثلاث الأولى.

وأضاف أن صاحب جائزة نوبل للآداب كان متيما فكريا بأستاذه سلامة موسى الذي ظل يلفت انتباه تلامذته إلى تاريخ الفراعنة، ولم تكن المسألة فقط دعوة إلى العودة إلى المرحلة الفرعونية بل إلى "نبع القيم الأساسية التي وجدت عند الفراعنة وهي العدالة والحرية والإيمان بالقدر ومهاجمة الاستبداد".

وأكد عصفور أن محفوظ كان يتوق إلى الوسطية، وإلى نوع من التوازن بين الدين والعقل، وبين المادة والروح، وإذا توافق أبطال رواياته مع هذا التوازن وصلوا إلى النجاة، وإذا اختل عندهم هذا الميزان قادهم هذا الخلل إلى الدمار والهلاك.

من جانبها، وصفت الناقدة علية محمد السيد الأديب العالمي (محفوظ) بأنه كان أحد القناديل التي أضاءت مصر فترة طويلة من الزمن، وقالت إنه ما زال حيا بإبداعه غير المسبوق، فكثير من الأموات رحلوا لكنهم أحياء بأعمالهم ومآثرهم وبطولاتهم ومواقفهم.

وأضافت الناقدة أن محفوظ كان جديدا متجددا سابقا لعصره وأوانه، وسرعان ما يصبح الجديد قديما، لكن من قراءتنا لأعمال صاحب نوبل نكتشف أنها تعطينا الجديد كلما قرأناها ودققنا فيها النظر.

‪مفتاح: محفوظ نموذج للمثقف والروائي المبدع‬ (الجزيرة)
‪مفتاح: محفوظ نموذج للمثقف والروائي المبدع‬ (الجزيرة)

نموذج مبدع
من ناحيته، قال الكاتب والناقد الأدبي د. ربيع مفتاح للجزيرة نت إن محفوظ كان نموذجا للمثقف والروائي والكاتب المبدع، حيث استطاع أن يتفرغ تماما للأدب والثقافة والكتابة والإبداع، حتى بدا روائيا ومؤرخا في آن.

وأضاف مفتاح أن لكل مبدع أسلوبه الأدبي وإمكانياته ومواهبه، فيوسف إدريس قاص وإن كتب الرواية، ونجيب محفوظ روائي وإن كتب القصة القصيرة التي هي موجة على بحر، تحتمل الاختزال والتركيز الشديد والتكثيف، فمن الممكن أن تدور حول شخصية أو لحظة أو حدث.

ومن جهته، قال الأديب والروائي يوسف القعيد إن حضور محفوظ في مصر متجدد، ولن يخفت على الإطلاق، ويكفي أن السؤال الدائر على الأذهان بعد ثورة 25 يناير هو ما الذي كان سيكتبه محفوظ لو امتد به عمره "الطويل" إلى زمن "الحراك الشعبي الكبير"؟

وأضاف القعيد "كانت الإجابات افتراضية.. البعض قال: كان سيكتب عما يرى، وينظر إلى ما يعقبه، وهو الذي أوكل إلى بصيرته تسجيل أحوال بلاده"، وقال آخرون: ربما، قد تلكأ أمام مبدأ "قياس اللاحق على السابق"، ولكان قد حذّر من "آفة النسيان"، التي أغلق بها فصول "أولاد حارتنا"، مشيرا إلى حكام جدد يعدون بـ "الفردوس" ثم يستقدمون الكوابيس، بمعنى آخر: هل تستأنف السلطة الجديدة سِيَر سلطات سبقتها، أم تسعى إلى خلاص حقيقي؟ وهل ينسى الشعب تمرده غير المسبوق، ثم يفقد الذاكرة ويعود إلى التفرّج والتصفيق؟

المصدر : الجزيرة