"إبداع الاحتجاج" فن جديد يواجه الانقلاب بمصر
برامج ومواقف
ومن هذه الفنون ما يتوجه إلى قطاع المثقفين والكتاب، ومن أبرزها "ألش خانة"، وهي تعتمد على إعادة التذكير بالمواقف والآراء وخبرات التاريخ في شكل مقارنة مع الواقع الآن، للتذكير والوعي وتقديم البديل المحفز من خلال راوٍ وصور أرشيفية.
ومنها أيضا برنامج "كوكب زنوبيا" الذي يعتمد على جرس الكلمة القوية المعبرة عن الفكرة، وموسيقى الشعر الحر الذي يلقيه المتحدث، والإلقاء التصويري السهل الأخاذ، مع مشاهد وصور أرشيفية معبرة.
ومن "إبداع الاحتجاج" ما يتوجه إلى الطبقة المتوسطة (صغار الموظفين والتجار والطلاب) مثل "جو تيوب"، وهو عمل فني يعتمد على متحدث لبق وساخر يجمع بين الآراء والمواقف لقادة وإعلاميي الانقلاب، ويكشف ببساطة "أكاذيب" آلة الدعاية المساندة له بأسلوب فكاهي مؤثر، مع مقاطع أرشيفية وسرعة إلقاء.
ومنها كذلك ما يتوجه إلى مجتمع الفلاحين والمهمشين مثل "عطوة كنانة" الذي يعتمد على شخصية من قاع المجتمع "عامل نظافة" يتحدث بطريقة هزلية ساخرة تغري بالاستماع والمتابعة، لكنها شديدة الوعي بما يجري وتنبه المشاهد إلى "الحقائق والأكاذيب".
اللافت أن شخصية "عامل النظافة" الذي يرتدي ملابس رثة وممزقة ولا يملك من إمكانيات البقاء على قيد الحياة إلا القليل، يقوم بأدائها طبيب حاصل على درجة الدكتوراه في الصحة النفسية يدعى تامر جمال، لكنه يصور الشخصية ببراعة ومهارة لافتة ومؤثرة في شريحة البسطاء.
نعمان لاشين: هذه الأشكال الفنية تعبر عن حالة ثورية في مجال الفن الحقيقي نجحت في الوصول إلى الجمهور بأسرع وقت وبمهارة عالية |
إبداع الصعيد
ومن البرامج ما يتوجه إلى العمال والحرفيين مثل "باكوس" الذي يعتمد على شخصية "سباك صحي" يقوم بدور "المعلم" الذكي والفهلوي والأكثر وعيا بما يجري من أحداث، ويستخدم لغة الحوار المناسبة لهذه الشريحة ليصل إلى التأثير الجيد في هذا القطاع بجدارة.
أما قطاع الصعيد ومجتمع الفلاحين فلم يخل أيضا من إبداع الاحتجاج، ومنه فريق "مولوتوف تي.في" وهي فرقة فنية من الممثلين الهواة تستخدم خلفية موسيقية شهيرة لإحدى أغاني الفلكلور الشعبي، وتنسج على كلماتها معاني عن حدث أو موقف أو قضية يرددها السياسيون، أو الأكاذيب المنتشرة في وسائل الإعلام.
وتستخدم الفرقة ملابس الفلاحين والصعايدة وطريقتهم في الكلام وطريقة العيش في الريف، وهي أيضا ناجحة جدا في التأثير في هذا القطاع الكبير.
وفي تعليقه يرى الكاتب والناقد الفني نعمان لاشين أن حالة الصدمة التي يمر بها الشعب المصري بعد الانقلاب العسكري وغياب الحريات وعودة الاستبداد، فتحت الباب أمام الجهود الفنية الفردية والبسيطة لمواجهتها والتصدي لها.
وأضاف لاشين في حديثه مع الجزيرة نت أن هذه الأشكال الفنية تعبر عن حالة ثورية في مجال الفن الحقيقي نجحت في الوصول إلى الجمهور بأسرع وقت وبمهارة عالية.