إبداعات الأطفال بالخط العربي في الصومال
عبد الفتاح نور أشكر-بوصاصو
صالح علي عبدو طفل صومالي موهوب (12 عاما) قام بعرض أعماله بالخط الديواني والثلث الجلي، وحظيت أعماله بإعجاب المشاركين بالمعرض والذين كان معظمهم من أساتذة اللغة العربية بمدارس ومعاهد بوصاصو.
"بدأت تعلم الخط العربي قبل سنتين، اكتشفت موهبتي عندما كنت طالبا في المدرسة، كنت أعشق الرسم وكتابة أبيات من الشعر العربي، في الصباح كنت أذهب إلى المدرسة وفي المساء كنت مشغولاً بتعلم الخط في أحد مراكز تحسين الخط ببوصاصو".
وينوي الفتى الشغوف بفنون الخط العربي أن يصبح خطاطا عالميا في المستقبل، ويقول إنه سيبذل الجهود من أجل تعلم المزيد عن فنون الخط العربي، وإن حبه لفنون الخط العربي نابع من اهتمامه باللغة العربية وتركيزه الشديد على تعلم لغة الضاد التي أحبها منذ انضمامه لإحدى المدارس الأهلية في مدينة بوصاصو.
ولم يكن صالح وحده الذي قام بعرض أعماله أمام جمهور المشاركين لفعاليات معرض الخط العربي، فقد كان هناك عشرات من الأطفال الصغار الذين كتبوا عبارات جذابة تنوعت ما بين آيات قرآنية وأحاديث شريفة وشعارات مدرسية.
ومن بين الأعمال التي ضمها المعرض إعادة كتابة أعمال لخطاطين عرب مثل جلال أمين صالح في لوحته التي هي على شكل إبريق وكُتب عليه عبارة "كل عام وأنتم بخير" وعبد الفتاح البشري في أحد أعماله المشهورة.
وقام الأطفال أيضاً بكتابة قصيدة "بني وطني" للشاعر محمد عمر الأزهري الذي يعتبر من القلائل -بين شعراء الصومال- الذين كتبوا أشعارهم بالعربية على عكس معظم الأدباء الصوماليين الذين يقرضون أشعارهم باللهحة المحلية. وقد كتب الأطفال هذه القصيدة بصورة جذابة تتداخل فيها الخطوط مع تنوع فريد في استخدام الألوان.
تعزيز الهوية
يقول الخطاط الصومالي ومدير معهد المجد محمد موسى للجزيرة نت إنه يحرص دائما على تدريب طلابه على إعادة كتابة مضمون لوحات تعود لخطاطين عرب حتى يتمكنوا من إنتاج أعمال مشابهة، وأخذ فكرة عن فنون الخط العربي.
وعن أسباب تأسيسه لمركز تعلم الخط العربي، يشير موسى إلى أن ندرة معاهد تعلم الخط العربي هي السبب الرئيس لفتح المركز، ويشير إلى ضرورة تأسيس مراكز مشابهة لتساهم في تعزيز العربية، ونشر ثقافتها في أوساط الصوماليين.
وأكد موسى أنه "بإمكان مراكز تحسين الخط العربي تخريج كوادر تفتخر بانتمائها للثقافة العربية، في وقت تتعرض فيه اللغة العربية لهجمة شرسة من قبل المنظمات والهيئات الغربية، وعلينا التصدي لمخططاتهم عن طريق تعليم أطفالنا الخط العربي وفنونه".
ويقول رئيس جامعة بوصاصو د. محمد علي فارح -والذي استضافت جامعته أعمال المعرض- إن مثل هذه الأنشطة الثقافية ستساهم في تعزيز انتماء الصوماليين للهوية العربية وثقافتها، وتغرس في نفوسهم حب العربية وكل ما له علاقة بالثقافة العربية.
ويرى فارح، في حديث للجزيرة نت، أن المعارض الثقافية بإمكانها إعادة هيبة الثقافة العربية ورونقها وجاذبيتها في ظل مزاحمة لغات أجنبية ممولة من قبل هيئات ومراكز عالمية. ودعا إلى ضرورة تكاتف الجهود من أجل خدمة العربية وثقافتها، وتشجيع المواهب وصقل مهارات الأطفال ليصبحوا حملة شعلة لغة الضاد بمنطقة القرن الأفريقي الزاخرة بتنوع ثقافاتها وآدابها.